سباق دموي على النفوذ والقيادة داعش اليمن.. منافس القاعدة الغامض بات معتاداً في اليمن أن يعلن تنظيم (الدولة الإسلامية) (داعش) عقب كل تفجير أو عملية إرهابية كبيرة مسؤوليته عنها غير أن غموضاً يحيط هذا التنظيم ومدى نفوذه وأماكن تواجده مقارنة مع تنظيم القاعدة الذي يبدو واضحاً من حيث النفوذ ومناطق الانتشار وصولاً إلى بعض القيادات. وأعلن تنظيم داعش أخيراً تبنيه الهجوم الانتحاري الذي وقع في أحد المعسكرات التدريبية للمجندين الملتحقين بالجيش وهو معسكر رأس عباس في مدينة عدن وراح ضحيته أكثر من 30 مجنداً بين قتيل وجريح وجاء التفجير بعد أيام من توزيع التنظيم لمنشور يحذّر فيه من الالتحاق ب(الجيش والشرطة) ويعتبر ذلك (كفراً) متوعّداً الملتحقين ب(المفخخات) و(الأحزمة). وجاء هجوم داعش في عدن بالتزامن مع توتر متصاعد بين القوات الحكومية وقوات التحالف العربي من جهة وبين المجموعات المسلّحة المحسوبة على داعش و القاعدة من جهة ثانية في المناطق الجنوبية حيث شهد الأسبوع الماضي غارات جوية استهدفت مواقع يسيطر عليها المسلّحون في محافظتي أبين ولحج. وتحدثت مصادر محلية ل(العربي الجديد) عن أن الغارات نفذتها مقاتلات التحالف للمرّة الأولى. وفيما يعد أمن مدينة عدن العاصمة المؤقتة أبرز تحد للشرعية وقوات التحالف بعد أكثر من سبعة أشهر على تحرير المحافظة كان لافتاً أن داعش تبنى أبرز الهجمات التي شهدتها المدينة ومنها استهداف مقرّ الحكومة المؤقتة ومقرّات تابعة للتحالف في السادس من أكتوبر 2015 واغتيال محافظ عدن جعفر محمد سعد بسيارة مفخخة في أوائل ديسمبر في العام نفسه وتنفيذ هجومين انتحاريين على حواجز قرب القصر الرئاسي في جانفي الماضي. ونشر تنظيم (داعش) على الإنترنت أخيراً إنفوغرافيك حول عملياته في اليمن منذ أفريل 2015 أشار فيه إلى تنفيذ 25 عملية 14 منها في صنعاء (استهدفت مساجد في الأساس) وسبع منها في عدن وأربع هجمات في حضرموت. وذكر أن 60 في المئة من الهجمات استهدفت جماعة أنصار الله (الحوثيين) و16 في المئة استهدفت القوات الإماراتية والسعودية و16 استهدفت الحكومة اليمنية و8 في المئة من الهجمات استهدفت الجيش اليمني . ومن بين عمليات داعش الإرهابية إصدار تسجيل مصور لإعدام 24 أسيراً قال إنهم من الحوثيين جرى إلباسهم ملابس برتقالية وإعدامهم بأربع طرق مختلفة بين ذبح بالسكين وقصف بقذائف وعبر تفخيخ أحد القوارب ووضع متفجرات في أجسادهم. بين داعش و القاعدة يعتبر تنظيم (القاعدة) في اليمن معروفاً من حيث مناطق النفوذ أو القيادات التاريخية وهو الأقوى إذ يسيطر على مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت ومناطق أخرى في أبين ولحج وشبوة وتهاجم الطائرات الأميركية بدون طيار مشتبهين بالانتماء للتنظيم بين الحين والآخر. منذ أشهر لم يتبنَّ (القاعدة) المعروف ب(أنصار الشريعة) هجمات في المناطق المحررة من الحوثيين والموالين للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح. وفي المقابل يتبنى داعش بين الحين والآخر هجمات ضدّ الحوثيين في المحافظات التي تشهد مواجهات مباشرة أو تلك التي تقع تحت سيطرتهم. وبحسب أحد المتابعين المتخصّصين بشؤون التنظيم طلب عدم ذكر اسمه فإنّ (القاعدة) يعمل على كسب المجتمعات المحلية في مناطق انتشاره كما أصبح يعمل بشق سياسي مع السلطات المحلية في بعض المناطق خلافاً لتنظيم داعش الذي يعتبر نفسه دولة ولا يعترف بمن سواه. وكان تنظيم القاعدة تبرأ في تسجيل مصور في أكتوبرالعام الماضي من الهجمات الدامية التي تبناها تنظيم داعش في صنعاء واستهدفت مساجد يقيم عليها محسوبون على الحوثيين كما تبرأ في سبتمبر العام نفسه من عمليات الاغتيالات التي تشهدها عدن. ووفقاً لمصادر محلية ومتابعين فإن مسلحي تنظيم داعش ينشطون في مناطق شمال عدن ومناطق من محافظة لحج بالإضافة إلى وجود يتمتع به في محافظة حضرموت فيما تعد أبين وأجزاء من شبوة مناطق معروفة لنفوذ القاعدة . وعلى الرغم من الاختلافات المعروفة في السياسات والأولويات لدى المجموعتين يبدو وضع داعش ملتبساً إلى حد كبير إذ ليس هناك قيادات معروفة أو راية مرفوعة تميّزه عن تنظيم القاعدة ويعتبر المتابعون أن داعش تألف من عناصر في القاعدة ويستقطب بمعزل عنها ومن غير المستبعد أن يتواجه التنظيمان في بعض المناطق.