عطاف يحل بالقاهرة لتمثيل الجزائر في أشغال الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة    إطلاق مشروع شراكة جزائرية-صينية لصناعة قطع غيار السيارات بالجزائر    ألمانيا تطالب الكيان الصهيوني برفع جميع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    المائدة المستديرة لريادة الأعمال : الجزائر وإيطاليا تؤكدان التزامهما بتعزيز الشراكة الاقتصادية    وفد من كلية الدفاع الوطني بأبوجا في زيارة الى مقر المحكمة الدستورية    جمعية حقوقية صحراوية تطالب بضمان الحماية للشعب الصحراوي بالمدن المحتلة    موسم الحج 2025: السيد سعيود يسدي تعليمات للتكفل الأمثل بالحجاج على مستوى المطارات    رئيس الجمهورية يستقبل نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الشؤون الخارجية الايطالي    السيرة النضالية للبطل العربي بن مهيدي محور ندوة تاريخية بالعاصمة    ملاكمة: الاتحادية الجزائرية تعتمد الاوزان الجديدة للاتحاد الدولي "وورلد بوكسينغ"    اليوم العربي للتراث الثقافي بقسنطينة : إبراز أهمية توظيف التراث في تحقيق تنمية مستدامة    الذكرى ال 31 لاغتيال الفنان عبد القادر علولة..سهرة ثقافية حول مسرح علولة والبحث العلمي    وزير الخارجية يتحادث مع نظيره الإيطالي    المدية: وحدة المضادات الحيوية لمجمع "صيدال" تشرع في الإنتاج يونيو المقبل    هزة أرضية ب3.1 درجات بولاية باتنة    ترقب سقوط أمطار على عدة ولايات غرب البلاد يوم الثلاثاء    وزارة الثقافة تكشف عن برنامجها خلال شهر رمضان    فتاوى : المرض المرجو برؤه لا يسقط وجوب القضاء    تبسة.. فتح خمسة مساجد جديدة بمناسبة حلول شهر رمضان    الهلال الأحمر الجزائري يطلق برنامجه التضامني الخاص بشهر رمضان    وزارة الثقافة والفنون: برنامج ثقافي وفني وطني بمناسبة شهر رمضان    بلمهدي : المساجد تلعب دورًا كبيرًا في نشر الخطاب البناء والأخلاقي    العرباوي يتحادث مع نظيره الموريتاني    "التصوف, جوهر الدين ومقام الإحسان" موضوع الطبعة ال17 للدروس المحمدية بالزاوية البلقايدية    كرة القدم داخل القاعة (دورة الصحافة): إعطاء إشارة انطلاق الطبعة الرابعة سهرة اليوم بالقاعة البيضوية بالعاصمة    العاب القوى: العداءة الجزائرية لبنى بن حاجة تحسن رقمها القياسي الوطني بفرجينيا الأمريكية    جيجل: ضمان الخدمة على مدار 24 ساعة بميناء جن جن    الحكومة الفلسطينية تحذر من مجاعة في غزة بعد إغلاق الاحتلال الصهيوني لكافة المعابر    مليونًا و24 ألف مكتتب من المواطنين في برنامج عدل 3    بمشاركة أكثر من 50 عارضا    حسب بيان صادر عن الصندوق الوطني للتقاعد    خنشلة تزامنا و شهر رمضان المبارك    رأي في الإصلاح التربوي.!؟    كانت تعمل بيومية الجمهورية بوهران    يخص الطورين من التعليم المتوسط والثانوي    تدابير إضافية لمضاعفة الصادرات خارج المحروقات    الجزائر حاضرة في المؤتمر العالمي للهاتف النقّال ببرشلونة    روتايو.. الحقد على الجزائر عنوان حساباته السياسية    وزارة الشؤون الدينية تطلق خدمة الفتوى    تبادل الخبرات في مجال السياسات الاقتصادية    أوغندا : تسجل ثاني وفاة بفيروس "إيبولا"    شهر الفرح والتكافل والعبادة    شوربة "المقطّفة" و"القطايف" لاستقبال الضيف الكريم    عبد الباسط بن خليفة سعيد بمشاركته في "معاوية"    عسلي وحدوش في "الرباعة"    "واش كاين بين لكناين"    تراجع مقلق لمستوى حاج موسى قبل قمّتي بوتسوانا والموزمبيق    صلاة التراويح    غربال وقاموح في تربص تحكيمي في كوت ديفوار    قندوسي جاهز لتعويض زروقي في المنتخب الوطني    الطلبة يحسّسون بأخطار المخدرات    مولودية الجزائر تعزّز صدارتها    ذهب الظمأ وابتلت العروق    كيف تحارب المعصية بالصيام؟    بحث سبل تعزيز ولوج الأسواق الإفريقية    شهر رمضان.. وهذه فضائله ومزاياه (*)    صناعة صيدلانية: بحث سبل تعزيز ولوج المنتجين الجزائريين للأسواق الافريقية    العنف يتغوّل بملاعب الجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دارين قصيدة في المحكمة الإسرائيلية!
نشر في أخبار اليوم يوم 09 - 07 - 2016


بقلم: رشاد أبو داوود*
لم يحدث أن شنت دولة حرباً على قصيدة مثلما شنت إسرائيل الحرب على قصيدة محمود درويش (عابرون في كلام عابر). في ذاك اليوم من عام 1987. لكأنه أيقظ الإسرائيليين من كذبتهم فأصيبوا بالذعر من كلمات قليلة فيها كل الحقيقة التي حاولوا أن يخفوها عن العالم واحد وستين سنة. أحدثت القصيدة زلزالاً في الكنيست وهاج إسحق شامير رئيس الوزراء آنذاك وزعيم عصابة الهاجاناة سابقاً.
في 13 نيسان 2016 عُقدت في محكمة الصلح في الناصرة الجلسة الأولى لمحاكمة اتهام لشابة عربية من فلسطين من قرية الرينة المحتلة منذ عام 1948 وهي الشاعرة والناشطة في التجمع الوطني الديمقراطي دارين توفيق طاطور (33 عاماً) التي تتّهمها دولة إسرائيل بالتحريض.
من الناحية القضائية كانت الجلسة حدثاً خافتاً قليل المضامين يندرج ضمن الروتين اليومي للقمع الذي يتعرّض له الفلسطينيون في كلّ أنحاء بلادهم المحتلّة. ولكنّنا من جهة أخرى تقول رجاء زعبي التي حضرت وقدمت وصفاً للمحاكمة حظينا ب (حدَث أدبيّ) لافت. العرض الذي شاهدناه في قاعة المحكمة بلغ ذروات عليا من الدراماتيكيّة المطعّمة بمقاطع شعرية ونثرية فأتحفنا بلوحة من فسيفساء أدبيّ متعدّد الأساليب تختلط فيها الواقعية بالعبث والسريالية.
همجية صهيونية
الشاعرة الماثلة أمام المحكمة بعد ستّة أشهر من الملاحقات والاعتقال والتنكيل كانت تطلق ابتساماتها ويبدو عليها الرضا وهي تشاهد الممثلين الهُواة منهمكين في تأويل أبيات الشعر. في 11 أكتوبر 2015 سُجنت دارين ثلاثة أشهر حتى 13 جانفي 2016 قبل أن تُحوَّل إلى الحبس المنزلي.
سُمِح لها الإثنين في الثاني من ماي للمرّة الأولى بالخروج من المنزل لمدّة ساعتين في نهاية الأسبوع دارين واحدة من عشرات اعتقلوا في الأراضي المحتلة عام 1948 مع بدايات أحداث انتفاضة السكاكين في الضفّة على خلفيّة منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.
افتتحت النيابة معركتها بعرض الورقة الرّابحة التي في يدها أي القصيدة التي تتمحور حولها لائحة الاتّهام. كلّ شيء تقريباً موجود في عنوان القصيدة: قاوِمْ يا شَعبي قاومْهم. وقبل تقديم إثباتاً حول مصدر القصيدة أو نصّها الأصلي باللغة العربية عرضت النيابة القصيدة مترجمة إلى اللغة العبرية.
قدّم لنا العرض شرطي من محطّة شرطة الناصرة شاء حظّه أن تلقى عليه مهمّة ترجمة القصيدة. كيف لا وهو يتمتّع بخبرة 30 سنة شرطة؟ كان يبدو عليه أنّه قام بمهمّة الترجمة بإخلاص تامّ ضمن حدود قدراته.
الشاهد الشرطي المترجم الناقد الأدبي سحَبَنا معه إلى أعماق القصيدة تقول رجاء زعبي التي ترجمت التقرير عن المحاكمة من العبرية لنفهم (أو لا نفهم) مغازيها الكامنة هناك وذلك من خلال أبيات قليلة اختارها لنا. ولكن خسارة كبيرة أنّه ليس مسموحاً تصوير الجلسة لإظهار التفاصيل الصغيرة الدقيقة في رحلة المترجم عبرَ النصّ.
في بيت في القصيدة ترد كلمة (نَدّ) (بالفتحة) يؤكّد الشرطي وتعني في اللغة العربية (الخطوط المتوازية) يفسّر الشرطي. ولكنّ الخطوط المتوازية لا تلتقي أبداً يشرح لنا الشرطي. هنا يتعمّق الشرطي في التأويل قائلاً: ولذلك فالندّ هو الخصم بل يمكن القول إنه الخصم القويّ.
حنين زعبي المناضلة الحقوقية الفلسطينية من داخل الكنيست الصهيوني والتي كانت ضمن الحضور في القاعة لم تتمالك نفسَها وتدخّلت قائلة إنّ الكلمة باللغة العربية هي نِدّ بالكسرة. فطلبت منها القاضية ألاّ تعرقل سير المحاكمة.
وفي مكان آخر يشرح الشرطي أنّ القصيدة تتحدث عن (غزوات) لن تقلّ. والغزو يعلّمنا الشرطي هو من عادات القبائل العربية ما قبل الإسلام حيث يهاجمون جيرانهم ويسلبون ممتلكاتهم ويستعبدون نساءهم وأطفالهم!!. هنا نكون قد وصلنا إلى واحدة من ذروات عالم الشعر. جمهور الحاضرين في القاعة كان مأخوذاً يتلوّى بين الذهول والضحكات المكتومة.
لم تجد دولة إسرائيل في سعيها إلى سلب حرّية الشاعرة لم تكلّف نفسها حتى الاهتمام بترجمة مهنية للقصيدة التي هي محور لائحة الاتّهام علماً بأنّ القصيدة حتى بالترجمة المريعة التي قدّمها الشرطي لم تحتوِ على أي بيّنة تستدعي الاعتقال.
شاهد آخر يُدعى رامي كان أوّل من حقّق مع دارين في محطة شرطة الناصرة صباح اعتقالها. وهو يذكر في محاضِره أنه دخل للتفتيش في صفحات الفيس بوك الخاصّة بدارين بواسطة هاتفها المصادَر بعد أن استأذنها وسمحت له بذلك. وبالطبع قدّم هو أيضاً ما تيسّر من الترجمات لصالح القضيّة.
أثناء عرض الصور اهتمّ المحقّق الشاهد بأن يكشف أمام المحكمة ال (ستاتوس) التالي: جنود الاحتلال أطلقوا النار على إسراء عابد في العفولة. وضعها مستقرّ. الحمد لله على سلامتها. المسألة واضحة هنالك مواطنة فلسطينية أطلق جنود الاحتلال النيران عليها دون ذنب جنته وإذا كنت لا تتمنّى لها الموت فأنت إذن تقوّض أسس الدولة الصهيونية.
القبض على دارين واعتقالها المنزلي الذي ما زال مستمراً في بيت شقيقها في ضواحي يافا وإجراءات المحاكمة بحقّها كلّها تستند إلى بيّنة أساسيّة تعتبَر بحدّ ذاتها جريمة في الديمقراطية اليهودية:
إنّ دارين عربية فلسطينية. ولنا أن نسأل العالم الذي صمت على اغتصاب فلسطين عام 1948 ألم تخجل بعد أيها العالم من الجرائم التي ترتكبها وتمعن في ارتكابها إسرائيل بحق الفلسطينيين نساءً وأطفالاً ورجالاً و... قصائد!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.