بقلم: جمال نصرالله* بعد الخروج المخزي للفريق الوطني الأولمبي إثر هزيمتين متتاليتين. وبعد الطريقة البذيئة التي ظهر بها ممثلونا على الميدان تبيّن للقاصي والداني بأن الجزائر فعلا هي أنموذجا للعالم الثالث دون أدنى تحفظ. هذا الإقليم الشاسع من العالم الذي يملك من ثروات وخزانات باطنية لايمكنه أن يجلس في الصفوف الأولى ولا أن يثبّت أقدامه مع الكبار لا لشيء سوى أنه يفتقر وينعدم للمنهج والأسلوب اللذان يؤديان لذلك فكيف لفريق كان مسيطرا على مجريات اللعب وكل مايدور بداخله. وبمجرد فاصل زمني أرجنتيني يذوب كحبة سكر في كأس مائية.. وكأن بأشبالنا لازالوا يعتقدون بأن القوة البدنية هي سر التفوق في كل شيء وليست فقط هي عاملا طاقويا وبمثابة الوقود في جسم المحرك.. وأن الأصل هو التحكم في قيادة الأمور أي فلسفة إيجاد الحلول إبان اللحظات الحرجة زمانا ومكانا. قد يقول قائل بأن أسباب الهزيمة تقع على عاتق عوامل أخرى على رأسها المدرب الذي لم تفلح خططه البتة. بل التغييرات التي أحدثها كانت بمثابة الرجة الزلزالية التي أتت على كل أخضر ويابس؟ وحتى لا ننفي أثر هذا العامل فإن الأصل في المشكلة كان في سذاجة الكثير من العناصر أثناء الأداء الباهت.. ولا أحد يرضى مثلا بالطريقة التي سُجل بها الهدف الثاني في مرمانا؟ زيادة على غياب عامل الجدية والتحكم في الأمور حتى آخر نفس وهذا كله ناتج عن ذهنيات عششت عند الكثير من العناصر التي ربما تملكها الغرور وصارت قاب قوسين ترى نفسها الأفضل إفريقيا. وهذه أم المشكلات التي يعاني منها الإنسان العربي بالخصوص والعالمثالثي بالعموم. الخروج المقيت للفريق الجزائري هو علامة مسجلة وحجة دامغة لإسكات بعض الأصوات التي ظلت هنا وهناك تتعالى في إمكانية إدماج اللاعب المحلي كي يمثل الألوان الوطنية في المنافسات الرسمية... فالقيمة الحقيقية لفريقنا الأولمبي أخرست نهائيا كل المطالب وأبانت بأن الأموال التي أغدقت ولازالت في جسم البطولة الوطنية لم تنتج لنا لاعبين باستطاعتهم تكوين تشكيلة متماسكة يمكن الاعتماد عليها في المحافل الدولية. وأن الفضل كله يعود للأندية الأوروبية التي فتحت لنا حقولها حتى لا نقول سوقها كي نجني عفوا نشتري ما لذّ لنا وطاب من لاعبين وحظنا الوفير في القانون الدولي الذي يجيز لرغبات اللاعبين الراغبين في التنضمام لفرق كبرى.... أخيرا نقول بأن ماأفضى إليه هذا الخروج هو ومن باب تحليل فكري وثقافي وليس رياضيا فقط يدل على وضوح عدة نقاط في المنظومة التفكيرية لدى العقل العربي الذي مازال يتخبط بين قبضة قيود موروثة أبا عن جد أوجدتها عدة عوامل لا يتسع المقام لذكرها وما كرة القدم إلا مرآة تعكس هذا النوع من الهوان.؟حتى وإن كان القادة (أجانب) فهم يتحملون ثلث المهزلة بينما الثلاث أرباع الأخرى يتحملها من هم على البساط الأخضر.