100 ألف طفل محاصر والضحايا بالمئات ** العبدة: مذابح سوريا وصمة عار للمجتمع الدولي هزت صورة الطفل الحلبي عمران دنقيش وجدان العالم تماماً كما فعلت قبلها صورة إيلان الطفل الكردي الملقى جثة هامدة على أحد الشواطئ التركية. والسبت أيضاً أضيفت إلى مأساة عائلة دنقيش الذي هدم سقف مأواهم على رؤوسهم ليلاً مأساة أخرى تمثلت بمقتل شقيق عمران علي. إلا أن كل تلك المآسي مجرد وقائع يومية في حياة أطفال سوريا لا سيما حلب. ق. د/وكالات تخطف القذائف والغارات الجوية يومياً حياة العشرات بينهم العديد من الأطفال. فالموت في حلب حكاية يومية اعتادها الصغار والكبار. ومثل عمران وعلي المئات والآلاف. وبحسب منظمة الأممالمتحدة للطفولة اليونيسيف فإن 100 ألف طفل يعيشون تحت الحصار في حلب وأغلبية هؤلاء الأطفال في عمر عمران وعاشوا ظروف الحرب منذ ولادتهم. كما أكدت المنظمة في بيان نشر على موقعها الإلكتروني أن أكثر من 100 ألف طفل محاصرين في رعب تجسده حلب وجميعهم يعانون أشياء لا يجوز أن يعانيها أو حتى أن يراها أي طفل. وتساءل المدير التنفيذي ل(اليونيسيف) أنثوني ليك في البيان ذاته عن أي نوع من البشر هذا الذي يمكنه أن يرى معاناة الطفل الصغير عمران دقنيش الذي تم إنقاذه من بين أنقاض المبنى المدمر في مدينة حلب في سوريا بدون أن يشعر بإحساس طاغ من التعاطف؟. وأضاف (التعاطف لا يكفي. والغضب لا يكفي. يجب أن يقترن التعاطف والغضب بالعمل) مشيرا إلى أن الأطفال في سن عمران في سوريا لم يعرفوا شيئا سوى ويلات هذه الحرب التي يشنها البالغون. وعلينا جميعا أن نطالب بأن يضع هؤلاء البالغون ذاتهم حدا لكابوس الأطفال في حلب. إلى ذلك وثق ناشطون سوريون مقتل أكثر من أربعمئة مدني بينهم 100 طفل دون سن الثامنة عشرة منذ نهاية جويلية الماضي. ويعتقد أن أكثر من 140 طفل قتلوا في حلب خلال شهر أوت بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. كما يعتقد أن 50 ألف طفل قتلوا في جميع أنحاء سوريا خلال السنوات الخمس الماضية. عمران جديد يصرخ من تحت الركام لم يكن عمران هو القصة المأساوية الوحيدة ولم تكن صورته الصامتة أمام هول الصدمة التي هزت العالم بأكمله الوحيدة في حلب أو في سوريا. ولكن بعد عمران الحكايات توالت وحتى الفيديوهات ظهرت وتكشفت فهنا حكاية إنسانية أخرى لطفل اسمه أحمد يبلغ من العمر 11 عاما ولد من جديد من تحت أنقاض الركام الذي خلفته قوات الأسد في حلب المنكوبة. ففي فيديو نشرته شبكة بي بي سي عثر رجال الإنقاذ على طفل عالق جسده بين الركام والدماء تغطي وجهه وفيما استمروا في محاولة إخراجه لمدة امتدت إلى أكثر من ساعة باستعمال كل ما يمكن من أدوات لتكسير ما حوله من إسمنت وطوب. وفي تلك الأثناء كان أحمد يئن ويبكي من الألم وكان يطلب منه قراءة القرآن حينا والكلام حينا آخر لإبقائه يقظا وواعيا حتى يتم انتشاله. وفي لحظات تعبه صرخ أحمد قائلاً: عطشان عطشان جيبولي ميه ميه. وبعد محاولات كثيرة تم إخراج أحمد حياً فيما فقد عائلته كاملة والده ووالدته وأخته وجدته ولم يبق إلا هو. ويعتقد أن أكثر من 140 طفل قتلوا في حلب خلال شهر أوت الجاري بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. كما يعتقد أن 50 ألف طفل قتلوا في جميع أنحاء سوريا خلال السنوات الخمس الماضية. برميل متفجر يصادر فرح طفلة سورية تطارد براميل النظام المتفجرة وقذائف طائراته ومدافعه لحظات الأمل والفرح للكبار والصغار وتصادر متعة الأطفال وتقطع أغانيهم ودندناتهم التي تغالب الخوف القابع خارجا حتى وهم داخل أسوار البيوت وفي غرفها المغلقة. فقد بث ناشطون تسجيلا يظهر طفلة سورية تغني ووالدتها تصورها بهاتفها المحمول في منزل بأحد أحياء حلب التي تسيطر عليها المعارضة وما هي إلا ثوان حتى قطع غناء الطفلة سقوطُ برميل متفجر إلى جوار المنزل. يدوي صوت البرميل المتفجر في التسجيل ليطغى على كل صوت آخر ويلقي بالطفلة في الطرف الآخر من الغرفة بعيدا عن أمها وعن كاميرا الهاتف المحمول ويسلبها حقها في الغناء والفرح واللعب والبراءة وليكون صوت الانفجارات هو الأعلى في حلب ومعظم المدن السورية. يحمل التسجيل خبرا سعيدا واحدا وهو أن الانفجار لم يكن مميتا -ربما لأنه لم يكن قريبا بما يكفي- فصوت الأم يعلو مبشرا بأن الجميع في الغرفة بخير هذا الصوت المفعم بالبراءة جانبه الموت هذه المرة بينما في مواقع أخرى عديدة بسوريا أصوات بريئة كثيرة صمتت إلى الأبد برصاصة أو قذيفة أو برميل. العبدة: مذابح سوريا وصمة عار للمجتمع الدولي من جهته وصف رئيس الائتلاف الوطني السوري أنس العبدة المذابح في سوريا بأنها وصمة عار للمجتمع الدولي وتساءل (إلى متى ستتركونها تستمر؟). وقال العبدة -في مقال له بصحيفة ديلي تلغراف أمس الأحد- إنه بعد ثلاث سنوات من فيض الأخبار الدولية المليئة بالصور البشعة التي نادرا ما يوجد لها مثيل في الذاكرة الإنسانية ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن نظام الأسد أطلق صواريخه المحملة بغازات الأعصاب القاتلة على حي الغوطة السكني في ضواحي دمشق. (وجود منطقة حظر قصف ستجعل الحل السياسي أكثر احتمالا والاستخدام المحدود للقوة ضد النظام سيشكل الضغط المطلوب لجلب الأسد إلى طاولة المفاوضات والموافقة على انتقال سياسي) وأضاف أنه بصفته أبا لأربعة أطفال ورئيسا لائتلاف المعارضة السورية ستظل هذه الصور تطارده كذكرى حية لما ندين به لضحايا كل هذه الهجمات الكيميائية والعشوائية ألا وهو المحاسبة والردع. وأشار العبدة إلى تعهد مجلس الأمن الدولي بتدمير أسلحة الأسد الكيميائية واتخاذ إجراء عاجل إذا استخدمت مرة أخرى وعلق بأنه مرت ثلاث سنوات ولم ينجح المجتمع الدولي في الاضطلاع بمسؤولياته تجاه المدنيين السوريين ولا يزال نظام الأسد يطلق أسلحته الكيميائية والأسلحة المحرمة الأخرى على المدنيين دون أي رادع. وأضاف أن أكثر من ثلاثمئة ألف مدني قضوا في الصراع منذ الهجمات بالغازات السامة عام 2013 وأن الأسلحة الكيميائية استخدمت أكثر من مئة مرة خلال هذه الفترة حتى الآن. ويرى العبدة أن بإمكان المجتمع الدولي أن يوقف قتل المدنيين السوريين ويجعل الحل السياسي أكثر ترجيحا بفرض منطقة حظر قصف في جميع أنحاء سوريا من شأنها ردع القصف الجوي العشوائي ومنع النظام من استخدام الأسلحة الكيميائية من خلال البراميل المتفجرة التي تسقطها مروحياته. وأضاف أن فرض منطقة حظر قصف لإنقاذ أرواح السوريين ممكن حيث إن من سيفرضونها سيعلنون حظر الغارات الجوية العشوائية في جميع أنحاء سوريا ويجعلون الأمر واضحا بأن القصف العشوائي سيقابل بعواقب. وقال العبدة إن هذا الأمر لا يتطلب قوات برية على الأرض أو طائرات في السماء لكنه سيكون رادعا لأي حالات مستقبلية من الضربات الجوية العشوائية ويجعل استخدام الأسد أسلحته الكيميائية في قتل أو تشويه المدنيين الأبرياء مرة أخرى أقل احتمالا بكثير. كما أن وجود منطقة حظر قصف ستجعل الحل السياسي أكثر احتمالا والاستخدام المحدود للقوة ضد النظام سيشكل الضغط المطلوب لجلب الأسد إلى طاولة المفاوضات والموافقة على انتقال سياسي. وذكر العبدة أن المعارضة السورية توقن بأن الانتقال السياسي هو أفضل حل لسوريا لكنه لن يتحقق من دون ضغط حقيقي على نظام الأسد ومنطقة حظر القصف من شأنها أن تشكل هذا الضغط وتنقذ أرواحا كثيرة.