الشيخ: قسول جلول ننطلق من القاعدة الفقهية والمعروفة بسد الذرائع التي تقوم على المقاصد والمصالح فهي تقوم على أساس أن الشارع ما شرع أحكامه إلا لتحقيق مقاصدها من جلب المصالح ودرء المفاسد فسدّ الذرائع هو منع الطرق والوسائل التي ظاهرها الإباحة لكنها تفضي إلى الممنوع. كمن تتجسس على زوجها وزوجها يتجسس عليها ظاهرها سليم وباطنها فيه عذاب أليم وما ينتج عن ذلك من أمراض يعرفها إلا المتزوجون فتصبح علاقة زواجهما المقدسة مبنية على هاتف نقال أو ثابت !! في أي لحظة يفرق بينهما حقيقة أو حكما !! ومن هنا دلت نصوص كثيرة من الكتاب والسنة على أنَّ قاعدة سد الذرائر هي الأصل المعمولٌ به في الشريعة ونعلم أنَّ اطلا ع المرأة على هاتف زوجها في أصله مشروع لكن إذا أفضى إلى مفسدة كغيرة زائدة الاتهام بالخيانة وبالباطل وتشتت الأسرة وينتج عن هذا الهاتف الطلاق والخلع وووو فإنه يُنهى عنه سداً لذريعة المفسدة!!!. بعض الأزواج سامحهم الله يعتقدون أنه من الفطانة والذكاء أن تعرف الزوجة كل شيء عن زوجها وهو أيضا يظن أنه من الرجولة أن يعرف كل صغيرة وكبيرة على زوجته ....!!.ويصبح كل منهما رقيب نيابة عن الله عز وجل وليتهم تكلموا وراقبوا أزواجهم عن السرقة وعن ترك الصلاة وعن التعاون وبر الوالدين فقد يسرق الزوج ولا تقول له زوجته شيئا !!.....بل تفرح لذلك لأنه جاءها بالمال ...!!.وقد يقطع صلة الرحم ...ولا تتكلم عن ذلك ...بل تفرح لذلك !! وقس ما قيل على ما لم يقل أي يرتكب جميع الكبائر بل يكفر ؟؟؟أو هي أيضا وكل منهما ساكت مسرور إلا إذا كان الأمر متعلق كما يقولون بالخيانة !! فهو يبحث في ماضيها وحاضرها وقد يجد لوثات قبل زواجها منه ....!!!لأنها ليست معصومة وقد تجد هي أيضا بعض السيئات وهو أيضا ليس معصوما !! هل مايجده يساعده في تقوية الأسرة ؟ ومحبته لزوجته أم نافذة من نوافذ جهنم وبئس المصير ....؟ !! يحترق بها هو أولا. وامرأته ثانيا وأسرته ثالثا .... ويغذي ويساعد على تقوية ذلك الهم والغم الخ لماذا كل هذا ؟؟ الله أمرنا بها أم أن الزواج هو الحرب والخدعة والمكيدة !! ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة زادت هذا الموضوع حدة ونتجت عنها آثام كبيرة فهي دمرت القلوب وشتت الأسر كما هو معلوم ....منها الهاتف كما هو مشاهد !!! مكالمات تليفونية بذيئة تهبط على رؤوس الأزواج .... أو الزوجات تبدأ المرأة منشغلة بالتبرير خوفا من زوجها فتبقى لمة سوداء في قلب الزوج حتى تكبر ....!!وهي أيضا !! .فكلما يرن الهاتف كأنه إعلام بوصول قنبلة ستنفجرعلى العائلة مخلفة سوء الظن وفقد الثقة بين الزوجين!!..وكما هائلا من الاستفسارات والتساؤلات في حق الزوج أو الزوجة !!! ويشتعل لهيب الغيرة والتأويلات والتجسس وتجد أناس لايخافون الله يدللون ويعللون حتى تشتعل النار في العائلة فهم يتلذذون بآلام الناس فكم من عائلة فرقتها مؤامرة مناورة يبذولون أموالا وأوقاتا ليفرقوا بين المرء وزوجه !!! نصيحة أقول لأبنائي وبناتي عليكم باليقضة عليكم بتقوى الله عليكم بالحيطة من هذه الوشايات الكاذبة وأحسنوا الظن بأزواجكم وزوجاتكم فمعلوم أن الإسلام قد أباح كذب الزوج على الزوجة أو العكس بهدف المحافظة على الرابطة الزوجية وتماسك الأسرة فهل هذا يعني أن الظن مباح أيضا بين الزوجين لنفس الهدف؟ فأما عن الكذب فدليلنا فيه روى أبو داود عن أم كلثوم بنت عقبة قالت: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا أعده كاذبا الرجل يصلح بين الناس ولا يريد به إلا الإصلاح والرجل يقول في الحرب والرجل يحدث امرأته والمرأة تحدث زوجها. أما معنى والرجل يحدث امرأته والمرأة تحدث زوجها؟ معنى قوله صلى الله عليه وسلم: والرجل يحدث امرأته والمرأة تحدث زوجها. أي: فيما يتعلق بأمر المعاشرة وحصول الألفة بينهما قال الخطابي: كذب الرجل على زوجته أن يعدها ويمنيها ويظهر لها من المحبة أكثر مما في نفسه يستديم بذلك صحبتها ويصلح به خلقها.. قال ابن حزم في المحلي: ولا بأس بكذب أحد الزوجين للآخر مما يستجلب به المودة. فالكذب المباح للمرأة في حديثها لزوجها وللرجل في حديثه لزوجته هو ما يستديمان به الألفة والمودة ويصلحان به ما يحدث بينهما من شقاق. فقياسا على إباحة الكذب طبعا الحرام محافظة على الأسرة فكذالك يجب أن نبعد كل ما من شأنه زعزعة الأسرة أي لا يجوز للزوج التجسس على هاتف الزوجة !!.....ولا يجوز للزوجة أن تتجسس على هاتف الزوج!! لما له من ضرر قد تجد الزوجة ريبة في رسائل كيدية من كيد النساء فيجعلها تتصرف كأن لا عقل لها ...!! قد تجد المرأة وقد يجد الرجل أيضا شيئا مريبا !!الخ والبقية تعرفون وما ينتج عنه تعرفون وينتج عن ذلك سوء الظن وأَنْ رأت شيئا من ذلك لَا تَحْمِلَه على وجه فاسد ما أمكن أن تحمله على وجه حسن وأن من أساء بأخيه الظّنّ فقد أساء بربّه إنّ الله تعالى يقول: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ) الحجرات: 12. وَأَنَّ مَا رَأَيْتَهُ مِنْهُ قد يَحْتَمِلُ الْخَيْرَ قال صلى الله عليه وسلم: ثلاث في المؤمن وله منهن مخرج فمخرجه من سوء الظن أن لا يحققه أي لا يحققه فِي نَفْسِهِ بِعَقْد وَلَا فِعْل لَا فِي القلب ولا في الجوارح أما في القلب فبتغيره إلى النفرة والكراهة وأما في الجوارح فبالعمل بموجبه والشيطان قد يقرر على القلب سوء الظن ويحمل كل ما سمعه وما رآه محمل السيء بغرور الشيطان وظلمته والْمُؤْمِنَ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ تَعَالَى فهو يجعل له مخرجا وفرجا وسوء الظن يؤدي إلى الشك والشك يؤدي إلى التجسس والتجسس يؤدي إلى التحسس ...الخ فتجد أزواجا كثيرين من لهم غَيرة عَمياء زائدة تؤدي بهم إلى سوء الظن. ينتج عن ذلك تهم كثير وكبيرة يتَّهِمُ زوْجته بالانْحِراف وقذف محْصنة يهْدمُ عمل مائة سنة قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ) سورة الحجرات .... وعندما تتهم المحصنات المؤمنات أو المؤمن المحصن قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) سورة النور الآية23. هذا إذا كان من عامة الناس فما بالك بأقرب الناس أما إذا كان الاتهام والقذف وسوء الظن بين الزوجين فهذا ذنب عظيم وكبير فالحكم يختلف وهو ما يعرف باللعان واللعان لا يكون إلا بين الزوجين....!!! وعليه قبل أن تتَّهِم إنسانًا أي إنسان وخاصة إذا كانت زوجة أو زوج عُدَّ للمليون ولقد حدث اتهام مقرون بالقذف وبسوء الظن لأمنا عائشة أجل الله مقامها فقال الناس ماقالوا !!ولقد قالوا ! والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم ...!!. لكن الزوج لم يقم بالتحقيق والتدقيق وسوء الظن لأنه يعلم أن عائشة تعلم أن رقيبها ومحاسبها هو الله والنبي يعلم بأنها تخاف الله فالله معها وسيجعل لها مخرجا ....ونزل قرآنا يتلى إلى يوم القيامة كاشفا المؤامرة متوعدا أصحاب المناورة !!!! وبعد الظن والشك تظهر المساوئ وتصعب العشرة وتختفي المشاعر ويحل محلها الكيد والضغائن والدسائس والتجسس وتتبع العورات وتستمر الحرب الباردة !! والسير في غياهب الظلم والانتقام َََ!!! ثم يتوسع الشقاق ليشمل جميع الأسرة !!! فالغيبة تفرق النميمة تفرق البهتان يفرق الكذب يفرق أي مخالفة هناك خلاف داخل الأسرة وداخل العائلة وداخل العشيرة وداخل القبيلة وداخل البلد خلافات داخلية تمزقهم تضعفهم والخلافات من لوازم البعد عن الله عز وجل. فالإنسان ما عليه إلا أن يفتح مع ربِّه صفْحة جديدة يضْبط لسانه ويتَّقربَّه ومن أخطر ما لحظناه وشهدناه ظاهرة تفشي الشكوك والظن من خلال تتتبع المرأة هاتف الزوج !! وأيضا تتبع الزوج هاتف الزوجة وقراءة كل الرسائل في الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي .....الخ وما يخفيه من مكايد حرام حرام !! وهذا مما يزيده شكا وظلما وخاصة في غياب الوازع الديني وأصبح الزوج كأنه رقيب وعتيد ما تلفظ المرأة وما تتصل به من أرقام على هاتفها حتى بعض النسوة سامحهم الله يشكون ويظنون بالرجال ظن السوء ويجدون ويجتهدون ويبذلون أموالا ورجالا لمراقبة أزواجهم ..أين ذهب ؟ ومع من تحدث ؟ ومع من أكل ؟ومع من مشى ؟ وينسجون أفكارا كيدية تجر بهم إلى فقد الثقة في أزواجهم ومن ثم إلى سوء المعاملة والطلاق !! والإسلام حرم كل ما من شأنه أن يكون سببا في التفرقة والضرر وطلب من المؤمنين عدم تتبع عورات الآخرين ..!دون استثناء بمعنى لا يجوز التجسس ولا سوء الظن في الزوجة أو الزوجة لزوجها فإذا كان النهي على التجسس بصغة العموم فلا يستثني ذلك أحد ومما عمت به البلوى أن المرأة تطلع بأدق التفاصيل على زوجها والزوج يطلع بأدق التفاصيل عن زوجته ليس للإعلام وإنما للاتهام والشكوك والظنون !! هل يجوز شرعا التجسس على الزوجة ؟ فالمؤمن يلتمس للمؤمنين أعذارا ويقبل عذرهم إذا أمكن ذلك ويحسن بهم الظن حيث أمكن ذلك حرصاً على سلامة القلوب من البغضاء ورغبة في جمع الكلمة والتعاون على الخير وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (لا تظن بكلمة صدرت من أخيك شراً وأنت تجد لها في الخير محملاً) فلا يدع الإسلام مجالا للشك وإنما يحافظ دائما على سلامة الصدور والقلوب وغلق باب الشكوك والظنون!! إذا أسأت الظن بإنسان كأنك ذبحته !! بعض الناس يقومون بأعمال وتصرفات مشبوهة كالاتصلات المشبوهة والرسائل الكيدية والصور المفبركة والسعي في الإفساد بين المرء وزوجته وهذا من كبائر الذنوب فإن هذا من أحب الأعمال إلى الشيطان كما ورد بذلك الحديث. ومن أعمال السحرة كما أخبر الله عنه في القرآن الكريم بقوله: (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) البقرة: 102. وننصح هنا الأزوج بأن يحسنوا معاملة زوجاتهم وعدم إساءة الظن بهم وسوء الظن إثم كبير يفتت المجتمع فعلى الإنسان أن يتأكد قبل أن يسيء الظن فالفضيحة والنميمة حولها وهتك الأعراض وسوء الظن بالخلق.. كلها وجبات تجدها ساخنة سوء الظن وهم مفبرك ونميمة محتدمة وفى سباق المعاصرة المحموم لأجهزة الهاتف النقال ووسائل التواصل الاجتماعي وأجهزتها التي تشغل الأيدي والعقول وتفرق بين المرء وزوجه. فاتقوا الله عباد الله في أزواجكم !!