رسالة خاصة عن أخطر لقب في المجتمع: لاتلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب الشيخ: قسول جلول (الأمهات العازبات). هذا اسم فسوق اسم جارح اسم فاضح ضرره كبير وأثره عظيم على صاحبه لأنه يتعلق بالعرض والشرف الذي جعله الإسلام من الكليات الخمس وحرم الاعتداء عليه والمراد بهذه التسمية هو تشويه وتشميت من أصيب بهذه المصيبة وإغلاق منابع الرحمة وسد الطريق أمام إصلاح هذا العطب وهذا الضرر الذي نهى الله تعالى عنه((يأيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْم عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاء عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمان)) الآية 14 من سورة الحجرات فتخصيصهم بهذا الإسم جريمة في حقهم وتخصيص لهم مكانا للإقامة جريمة في حق كرامتهم كأنها بصمة عار وعاهة تلازمهم ومكان إقامتهم مقبرة للنفايات ومكان للقذورات يحاط بهم سياج لمنعهم من الاختلاط كأنهم مواد سامة. هذه الظاهرة قديمة قدم التاريخ كيف عالجها الإسلام بطرق وقائية قبل وقوعها وعند وقوعها وكيف عالج آثارها. قبل هذا نتكلم عن التسمية فهي ترجمة حرفية عن التسمية الفرنسية للأمهات العازبات بمعنى الأمهات اللواتي أنجبن أطفالاً في إطار علاقة خارج مؤسسة الزواج وحتى نفتح باب الأمل في الله والرجوع إلى الله فإن الله أمر المؤمنين جميعاً بالتوبة: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) النور /31. وقسم العباد إلى تائب وظالم وليس ثم قسم ثالث البتة فقال عز وجل: (ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون) الحجرات /11 وهذا الزمان بعد فيه كثير من الناس عن دين الله فعمت المعاصي وانتشر الفساد حتى ما بقي أحد لم يتلوث بشيء من الخبائث إلا من عصم الله. ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره فانبعث الكثيرون من غفلتهم ورقادهم وأحسوا بالتقصير في حق الله وندموا على التفريط والعصيان فتوجهت قلوبهم إلى التوبة وآخرون سئموا حياة الشقاء وضنك العيش وهاهم يتلمسون طريقهم للخروج من الظلمات إلى النور. اعلمي أيتها الأم حتى يفهم القارئ الكريم (أقصد الأم العازبة) رحمني الله وإياك أن الله عز وجل أمر العباد بإخلاص التوبة وجوباً فقال سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً) التحريم /8. وهذه كلمات سينتفع بها إن شاء الله الصادقون الذين أحسوا بالذنب والتقصير. ولمن يؤمن بقوله تعالى: ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم) الحجر /49 عن بريدة رضي الله عنه: أن ماعز بن مالك الأسلمي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله إني ظلمت نفسي وزنيت وإني أريد أن تطهرني فرده فلما كان من الغد أتاه فقال: يا رسول الله إني زنيت فرده الثانية فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومه فقال: (أتعلمون بعقله بأساً ؟ أتنكرون منه شيئاً ؟) قالوا: ما نعلمه إلا وفيّ العقل من صالحينا فيما نرى فأتاه الثالثة فأرسل إليهم أيضاً فسأل عنه فأخبره أنه لا بأس به ولا بعقله فلما كان الرابعة حفر له حفرة ثم أمر به فرجم قال: فجاءت الغامدية فقالت: يا رسول الله إني زنيت فطهرني وإنه ردها فلما كان الغد قالت: يا رسول الله لم تردني ؟ لعلك أن تردني كما رددت ماعزاً فوالله إني لحبلى قال: (أما لا فاذهبي حتى تلدي) قال: فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة قالت: هذا قد ولدته قال: (اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه) فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز فقالت: هذا يا رسول الله قد فطمته وقد أكل الطعام فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها وأمر الناس فرجموها فيقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فتنضخ الدم على وجه خالد فسبها فسمع نبي الله سبه إياها فقال: (مهلاً يا خالد ! فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس {وهو الذي يأخذ الضرائب} لغفر له) رواه مسلم. ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت. وفي رواية فقال عمر يا رسول الله رجمتها ثم تصلي عليها ! فقال: (لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة وسعتهم وهل وجدت شيئاً أفضل من أن جادت بنفسها لله عز وجل. رواه عبد الرزاق في مصنفه 7/325 . قد يتردد التساؤل عندهم هل يغفر الله لي نعم ألا تقرؤون قول الله عز وجل: (قل يا عبادي الذي أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً أنه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له) الزمر الآيتان 53 54. لقد أصابني الذهون من علاج الإسلام لهذه الظاهرة والطريقة الحكيمة في علاجها من جذورها تظهر ذلك في قصة الغامدية.. لقد قرأتم القصة؟ وأنها وضعت مولودا وبتعريف علماء الأصول للصحابي فهو صحابي؟ من يعرفه الآن ؟ فلقد بحثت عنه في الكتب ولم أجد أثرا لإسمه لقد حافظ الإسلام على كرامته وعزته ولم ينسب لما فعلته أمه ؟ فهذه الظاهرة انتشرت منذ بداية العشرية السوداء وكنتيجة للإرهاب والتحولات...الخ بعض الجمعيات أرادت التكفل الاستعجالي بهذه الفئة فالله يجازيها على نيتها ولكن تطلق عليهن أوصاف وأسماء تضرهم ولا تنفعهم ؟ - هل الأمهات العازبات هن الضحية أم الجاني؟ للإجابة عن هذه التساؤلات لا بد من النظر في الفعل هل حصل طوعا أو كرها من مكلف عاقل يقع عليه مناط التكليف ؟ قد يكون الحمل بالإكراه ...قد يكون بالخطأ بالزواج العرفي بالوعد الكاذب بالزواج الفاسد ووووالخ... وحتى لا تقع كل هاته النسوة تحت هذا الإسم المهول؟ ونجعل هاته النسوة في سلة وحدة يشربون من كأس ميزاجه ...الحزن والأسى؟ بخصوص هذه القضية الجاني والضحية في نفس الوقت هو المجتمع ولو أن كلا من الأم (العازبة) والمعتدي(الرجل) يتحملان المسؤولية فإن ثبت أنهما ارتكبا زنا فإنها من كبائر الذنوب والمعاصي التي حذّر منها النّبي صلّى الله عليه وسلّم. فارتكاب الزّنا من الموبقات التي تهلك صاحبها وتقرّبه من النّار وقد حذّر النّبي الكريم المسلمين منه كما جعل الله تعالى لهذه الجريمة عقاباً وحدّاً فمن زنا من أمّة الإسلام أقيم عليه الحدّ عقاباً له على هذا الفعل المنكر ومن هذه الفئة ومن وقعوا فيها يتساءلون عن الطّريقة المثلى في اجتنابها والتّخلص منها والوقاية منها ومن واجبنا أن نوجه عددا من النّصائح لمن يخاف ارتكاب هذه الجريمة ومن ارتكبها ويريد التّخلص منها والابتعاد عنها فنقول: إنّ تذكير الإنسان المسلم دائماً بأنّ هذا الفعل هو من كبائر الذّنوب التي قد تهلك صاحبها وتضعه في النّار ذلك بأنّها من كبائر الذّنوب التي يستغفر المسلم منها ويتوب توبةً نصوحاً فتمحى من صفحته بالإقلاع والندم وعدم العودة كما أنّ من وسائل التّخلص من الزّنا مخاطبة الرّجل الذي يفعل تلك الفعلة النّكراء وهل يرضى هذا الأمر لأخته أو أمّه ولا شكّ بأنّه لا يوجد أحدٌ يرضى ذلك لنفسه أو أهله وبالتّالي فليحرص أن لا يرضاه لبنات النّاس وكما قيل كما تدين تدان فليخشى فاعل الزّنا أن يصيب أهله من مثل صنيعه في بنات النّاس وأن يحبّ للنّاس ما يحبّه لنفسه ويكره للنّاس ما يكره لنفسه . كما أنّ من طرق التّخلص من الزّنا اجتناب كلّ مقدماته فالإنسان حين يزني يكون قد مرّ بمراحل قبل هذه الفعلة مثل الاختلاط أو النّظرة المحرّمة أو غشيان أماكن الفجور وبالتّالي فإنّ اجتناب تلك المقدّمات ممّا يساعد الإنسان على التّخلص من جريمة الزّنا .. وكذلك على الشّباب أن يتمسّكوا بهدي النبّي صلّى الله عليه وسلّم وإرشاداته حين حثّ على الزّواج ففيه التّعفف عن ذلك كلّه وإحصان الفرج فمن توفّر له القدرة على الزّواج فليسارع للظّفر بالزّوجة الصّالحة التي تعينه على إكمال دينه والبعد عن الحرام. إن أعظم حق في الوجود هو الحق في الحياة نفسها والله ركز على هذا الحق ولذلك لا حق لأحد في دفع أي كان على الاختفاء أو الإكراه البدني فالطفل بريء من أي خطإ كيفما كان والاختفاء ليس هو الحل بقدر ما هو عائق في سبيل تشكل الظاهرة وعلاجها وعلى المجتمع والدولة أن يكفلا كل الأطراف في هذه الحالة لكنهما مطالبان بإيجاد الحلول وأظن أن مساعي المجتمع المدني في هذا السياق من توعية ورعاية نفسية واجتماعية لهذه الفئة من النساء والأبناء وأهمية مساعي ومجهودات مختلف جمعيات المجتمع المدني المشتغلة في مجال حماية المرأة إن الأسرة المتكاملة والمستقرة لا محيد عنها لتربية النشء فهي وحدة أساسية في بناء المجتمعات القوية والسليمة لكن التعاطي مع الظاهرة لا يجب أن يؤطر فقط تأطيراً أخلاقياً بقدر ما يجب ردها لمختلف أسبابها أما مسؤولية الظاهرة ككل فهي مشتركة يجب تضافر جهود كل مؤسسات المجتمع. فالتعامل الاستعجالي لهاذه الظاهرة لا يقلل ولا يأتي بنتيجة مرجوة ولا يساعد على إدماج هذه الفئة في المجتمع إذا لم نعد النظر في التسمية ونخصص مراكز تواجدهم بأسماء تدل على صفتهم وأفعالهم ....فإننا نعطي الظاهر ونشجع على المزيد من هذه الفئة والمزيد من هؤلاء الأيتام لكن يبقى التفكير في الوقاية والصد أفضل بكثير من استمرار الظاهرة فالرجل طرف في المعادلة لايخرج نفسه من دائرة الاتهام والمسؤولية ولو رجع إلى الدين بدون تشنج أيديولوجي سيصل إلى حقيقة مسؤوليته الأخلاقية من جهة والمادية من جهة ثانية وأن المرأة ليست هي المسؤولة الوحيدة في هذا السياق ناهيك عن أن الوازع الديني يمكنه أن يساعد على التقليل من كل هذه الظواهر إذ بإمكانه خلق مناعة مكتسبة لدى الأجيال من كلا الجنسين.