من باريس إلى لندن.. الرعب يتمدد ** أثار الهجوم الذي وقع أمام مقر مجلس العموم البريطاني في العاصمة البريطانية لندن على يد منفذه (أندريان راسل) الحديث من جديد عن ما يسمى ب(الذئاب المنفردة) وهو المسمى الذي أسيء استخدامه وفهم وظائفه حتى باتت لا تخلو عملية إرهابية يرتكبها داعشيو أوروبا والولايات المتحدة ليتم إطلاقه سريعا على منفذيها وفق مفهوم أوحد الانتماء الإيديولوجي للتنظيمات التكفيرية دون البعد التنظيمي فما هي حقيقة استراتيجية التنظيمات المتطرفة لما يطلق عليه بالذئاب المنفردة وهل ينطلق وحوشها بشكل منفرد أم أن هناك أدوارا أخرى؟. حذرت بريطانيا في 27 فيفري من احتمالية شن هجمات إرهابية ورفعت بسببه أجهزة الأمن البريطانية من مستوى الاستعداد الأمني لتعود رئيسة الوزراء تيريزا ماي مساء أول أمس وبعد تنفيذ الاعتداء التأكيد على وجود معلومات استخباراتية تشير إلى احتمالات وقوع هجمات إرهابية أخرى. إلا أنه وعلى الرغم من توفر المعلومات الاستخبارية تلك وصفت أجهزة الأمن البريطانية كما جاء على لسان رئيس وحدة مكافحة الإرهاب مارك رولي في بيان ألقاه خارج مبنى سكوتلانديارد منفذ الهجوم أمام البرلمان: بناء على التحقيقات التي أجريناها فإن المهاجم تصرف منفردا متأثرا بالإرهاب الدولي. خالد مسعود المعلم الداعشي مسعود والذي وفقا لتصريحات رئيسة الوزراء البريطانية تم استجوابه من قبل الأجهزة الأمنية للاشتباه بصلاته بالتطرف إضافة إلى ما أكده مصدر في الحكومة الأميركية بوجود صلة للإرهابي مسعود مع عدد من المتطرفين إلا أنه لم يسافر إلى الخارج. وبحسب ما توفر من معلومات عنه سجن مسعود على إثر اعتدائه على أحد الأشخاص بسكين في 2003 ورجح مراقبون اختلاط المنفذ أثناء سجنه بمتشددين أصوليين وهي التي كانت منها نقطة التحول. إلى ذلك انتقل مسعود حديثا للسكن في حدود منطقة برمنغهام إلى جانب تنفيذه عملية الدهس على جسر ويستمنستر بسيارة من نوع (هيونداي) رباعية الدفع استأجرها من إحدى الشركات في 13 مارس من العام الجاري إلى جانب مسارعة تنظيم داعش وعبر ذراعه الإعلامية إلى تبني العملية ووصف منفذها بأنه أحد جنودها ذلك كله يؤكد تلقي المهاجم الدعم والإسناد وحصوله على توجيهات مباشرة من التنظيم الأم وعدم اقتصاره على التبني الإيديولوجي. بداية استراتيجية الذئاب المنفردة كان أول ظهور لاستراتيجية الذئب المنفرد الذي تبناه تنظيم (داعش) في 2010 من قبل تنظيم القاعدة وإنما بوصف الجهاد الفردي كما ظهر في أحد فصول كتاب (دعوة المقاومة الإسلامية العالمية) ل(أبو مصعب السوري) مبتكرا فكرة اللامركزية بحيث يتحول التنظيم إلى فكرة عابرة للحدود يعتنقها ويمارس مقتضياتها من أعلن ولاءه للتنظيم ولخصها بقوله: إن كل مسلم يجب أن يمثل جيشا من رجل واحد. في 2014 دعا (أبو محمد العدناني) الناطق باسم تنظيم داعش في تسجيل صوتي له المتعاطفين مع التنظيم إلى قتل رعايا دول الائتلاف في أي مكان وبأي وسيلة متاحة. كما استخدم زعيم تنظيم داعش (أبو بكر البغدادي) مصطلح الذئاب المنفردة في منتصف نوفمبر 2014 خلال دعوته إلى استهداف المواطنين الشيعة في السعودية كما توعد داعش عبر مؤسسة (دابق) الإعلامية في جويلية 2016 بحرب جديدة تحت عنوان الذئاب المنفردة جاء ذلك في كلمة للعدناني حث فيها على تنفيذ المزيد من الهجمات على المصالح الغربية في كل مكان قائلا إن استهداف من يسمى بالمدنيين أحب إلينا وأنجع مضيفا: لا عصمة للدماء ولا وجود للأبرياء وإن لم تجدوا سلاحا فادهسوهم بسياراتكم. وأضاف (أي ذئب منفرد يجب أن يحاول الانصهار والاندماج في المجتمع المحلي بحيث لا يبدو مثل المسلمين وهذا يعني أن يحلقوا لحاهم ويرتدوا ملابس غربية وكذلك عدم الصلاة في المساجد بشكل منتظم) منوها كذلك (حاولوا أن تكونوا دائما مثل أي سائح عادي أو مسافر تقليدي وحاولوا أن تكون ألوان الملابس متناسقة فارتداء القميص الأحمر أو الأصفر مع البنطال الأسود يجعلكم موضع شبهة ولا داعي لأن ترتدوا ملابس جديدة لأن ذلك قد يثير الشبهات والبعض من الإخوة يميلون إلى شراء ملابس جديدة بالكامل وهذا يجلب انتباه الآخرين وبقوة). ويظهر من خلال عدد من العمليات التي تم توجيهها عن بعد في أوروبا وآسيا والولايات المتحدة في السنوات الأخيرة تعدد واختلاف بعض ملامح الهجمات الإرهابية إلا أن التوجيه والإدارة بواسطة عناصر تنفيذية في مناطق خاضعة لسيطرة (داعش) و(القاعدة) يكون فقط من خلال الإنترنت وعبر تطبيقات مشفرة والذي يتم من خلاله كذلك تدريب المنتسبين الجدد أو من يعرفون ب(الذئاب المنفردة) على تنفيذ أعمال العنف. الشرطة البريطانية توسّع التحقيقات من جهتها ذكرت الشرطة البريطانية أنها ألقت القبض على شخصين آخرين على خلفية هجوم إرهابي بوسط لندن الأسبوع الجاري أسفر عن مقتل خمسة أشخاص. وأفادت شرطة لندن أول أمس بأن عمليتي الاعتقال بليلة الخميس - الجمعة ترفعان إجمالي عدد المعتقلين إلى عشرة. وقال نائب القائم بأعمال قائد الشرطة مارك راولي الذي يرأس قيادة مكافحة الإرهاب البريطانية إن تحقيقات الشرطة تركز على جميع الأشخاص المرتبطين بالمهاجم خالد مسعود بهدف فهم دوافعه والتحضيرات التي قام بها وشركاؤه. وأضاف راولي أن الشرطة تحاول تحديد ما إذا كان مسعود تصرف منفرداً متأثراً بالدعاية الإرهابية أم دعمه آخرون أو وجهوه. وتابع أنّ الضباط اتصلوا بحوالي 3500 شاهد من بينهم 1000 كانوا على جسر ويستمنستر حيث نفذ مسعود الهجوم. إلى ذلك أشارت الشرطة إلى أنّ منفذ الهجوم قرب مبنى البرلمان البريطاني وسط لندن اسمه خالد مسعود وكان يعرف بعدة أسماء منها: خالد شودري وأدريان ألمز وأدريان راسل وأن له سجلاً إجرامياً. ولم تتأكد أجهزة الأمن إن كان مسعود يتحرك منفرداً أم له معاونون بينما ألقت الشرطة القبض على شخصين وصفا بالمهمين. ووفق الشرطة البريطانية فإن مسعود بات ليلة العملية في مدينة برايتون الساحلية وتوجه إلى لندن في الصباح بسيارة استأجرها من مدينة برمنغهام الشمالية. ووفق مصادر مطلعة فقد توسّعت عملية التحقيقات لتشمل برايتون وبرمنغهام لافتة إلى أنّ هناك فجوة كبيرة في معرفة دوافع المهاجم ومعاونيه إن وجدوا مشيرة إلى ارتفاع عدد الموقوفين إلى عشرة بعد أن كانوا ثمانية وإلى أنه تم إطلاق امرأة موقوفة بكفالة.