يا من شددت الرحال إلى بلد الله الحرام وتركت الأهل والأبناء والديار والأوطان وتجشمت المتاعب والصعاب حتى تصل إلى حرم الله الآمن اخلص النية لله تعالى في حجك واقصد به وجه الله ومرضاته وكن متبعاً لهدى النبي صلى الله عليه وسلم في قولك وفعلك ونسكك ولا تتردد في سؤال أهل العلم الموثوقين عن ما أشكل عليك حتى تكون على بينة من أمرك ويكون حجك صحيحاً إن شاء الله تعالى . قال سبحانه : { فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ } ( النحل : من الآية 43 ) . = يا من قصدت بيت الله تعالى وحرمه الآمن لا تؤذ غيرك من حجاج بيت الله الحرام بالقول أو بالفعل واحذر من مزاحمتهم أو مضايقتهم وبخاصة متى كنت قوي البنية مكتمل الصحة والعافية فإن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قد حذّر من إيذاء الناس فقال : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ( البخاري الحديث رقم 4 ص 5 ) . وعليك - بارك الله فيك - بضبط النفس والجوارح ومحاولة كظم الغيظ و الحرص على تجنب الجدال مع الآخرين عملاً بقوله تعالى : { وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً } ( البقرة : من الآية 83 ) . = يا من أكرمك الله بإدراك هذه المناسبة العظيمة والوصول إلى هذه البقاع المقدسة تذكّر أنك في موسم عظيم و أيام مباركة يُضاعف الله تعالى فيها الأجر والثواب لمن عمروا أوقاتهم بالطاعات وشغلوها بالعمل الصالح الذي شرعه الله تعالى لعباده . وتذكّر أنه قد روي عن ابن عباس ( رضي الله عنهما ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما من أيام العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيامِ ( يعني أيامَ العشر ) . قالوا : يا رسول الله ولا الجهادُ في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء ( ابن حبان ج 3 الحديث رقم 324 ص 30 ) . = يا من أجبت النداء الخالد ولبيت دعوة أبينا إبراهيم عليه السلام عليك بالسكينة والوقار في كل شأنك وترَّفق بإخوانك الحجاج أثناء الطواف والسعي وعند رمي الجمرات ونحر الهدي والأضاحي وأثناء التنقل بين المشاعر . وإياك أن تؤذي غيرك من الحجاج بقول أو فعل وبخاصة عند استلام الحجر الأسود وكن مع الناس لطيفاً يكن الله بك رحيماً . قال تعالى : { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً } ( الأحزاب : 58 ) . وأعلم _ غفر الله لي ولك _ أنه لا يلزم الحاج أو المعتمر استلام الحجر الأسود وتقبيله ويكفيه الإشارة إليه بيده والتكبير متى كان الزحام شديداً . = يا من جعلت قدوتك في كيفية القيام بالعبادات وأداء الشعائر والمناسك ما جاء به سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم إياك أن تقع في بعض البدع التي يقع فيها كثير من الحجاج - عن جهل منهم - فلا تخص كل شوط من الطواف أو السعي بأذكار مخصوصة أو أدعية معينة لأن هذا أمرٌ لا أصل له وعليك الإكثار من الدعاء في طوافك وسعيك بما تيسر أو الانشغال بذكر الله تعالى تسبيحاً وتهليلاً وتكبيراً واستغفاراً ونحو ذلك أو قراءة وترتيل القرآن الكريم . وأعلم أنه ليس لعرفة دعاءٌ مخصوص ولا للمشعر الحرام بمزدلفة بل على الحاج أن يدعو بما تيسر وما أُثِرَ عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الأدعية الثابتة الصحيحة الجامعة للخير . = يا من تبتغي بحجك وأداء مناسكك وجه الله تعالى ومرضاته اعلم أن تقبيل الركن اليماني من الكعبة الشريفة أثناء الطواف بها خطأٌ لا ينبغي لأنه يُستلم باليد اليمنى فقط ولا يُقبّل مثلما يُقبّل الحجر الأسود فلا تفعل ذلك عند طوافك ولا تُزاحم غيرك لاستلامه متى كان ذلك شاقاً عليك . وامض في طوافك دون إشارة أو تكبير عنده. = يا من تحرص على تمام عملك وترجو قبوله كاملاً غير منقوص لا تُبق كتفك اليمنى مكشوفةً عند الإحرام فهذا خطأ يقع فيه كثير من الحُجاج الذين يجهلون أن كشف الكتف اليمنى لا يُشرع للحاج أو المُعتمر إلا في طواف القدوم ويُسمى ( الاضطباع ) فإذا ما انتهى الطواف فإن على الحاج أو المعتمر أن يُعيد رداءه على كتفيه وصدره وأن يُكمل باقي نسكه . = يا من تعرف لبيت الله الحرام قدره ومنزلته إياك وبعض أفعال الجُهال كرفع الصوت بالذكر أو الدعاء بشكل جماعي مزعج يُشوش على الآخرين أو لمس جدار الكعبة وثيابها أثناء الطواف أو رمي الجمرات بالحجارة الكبيرة والقوارير والنعال ونحو ذلك من الأفعال التي لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام .