في سياق المطالب الإصلاحية التي اجتاحت الساحة السياسية المغربية، امتدّ الجدل العام إلى قلب المؤسسة الملكية عبر دعوة بعض الأصوات إلى "تجاوز الطقوس الملكية العتيقة التي تتنافى مع قيم الحداثة وحقوق الإنسان"· حيث اعتبر كثيرون أن تقبيل يد الملك أمر يسيء إلى حقوق الإنسان وإلى صورة المغرب الذي يدّعي ملكه "أمير المؤمنين" أنه إصلاحي وتغييري يقوم بثورة على التقاليد البالية· وفي ما يبدو أنه تطرّق إلى موضوع شديد الحساسية، اعتبر زمنا طويلا من المحظورات السياسية في بلاد ذات نظام ملكي عريق يتميّز بقوّة الرموز والمراسيم الصارمة، انبرت أصوات من تيّارات مختلفة للمطالبة بإلغاء "بعض المظاهر التي تتنافى في نظرهم مع القيم الديمقراطية والحقوقية في إشارة الى طقوس معيّنة مثل تقبيل يد الملك والانحناء في حضرته· وفجّر قيادي في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان قنبلة إعلامية على القناة الثانية بالتلفزيون الحكومي، حين انتقد المراسيم الملكية العتيقة التي ترتبط بنمط سياسي يقوم على "مؤسسة إمارة المؤمنين والنّسب النبوي للأسرة العلوية الحاكمة وبيعة الشعب للملك"· كما قال النّاشط الحقوقي عبد الإله بن عبد السلام إن "ثمّة ضرورة لتجاوز الطقوس الملكية التي لا تتماشى مع مبادئ حقوق الإنسان، وفي مقدّمتها المساواة بين المواطنين بغض النّظر عن النّسب أو الموقع الاجتماعي والسياسي أو الانتماء العرقي والديني"، رافضا "الدّفع بعامل العراقة والرمزية التاريخية للطقوس التي لا تنسجم في نظره مع المنحى التقدّمي التي تطمح إليه القوى الديموقراطية في المملكة"· وأضاف بن عبد السلام في تصريح لموقع "السي آن آن" بالعربية أن "طقوسا من قبيل قبلة اليد لم تعد مقبولة حتى بين الآباء والأبناء، وهي مرتبطة بنظام يكرّس الاخضاع والنّفاق ويضرب في الصميم قيم المواطنة الحرّة"، معترفا بأن "صرامة هذه الطقوس خفّت في عهد محمد السادس لكن المكلّفين بحراستها مازالوا يضغطون من أجل استمراريتها ويربطون بين الانخراط فيها والاستفادة من عطف دوائر القرار في البلاد"· وتجد هذه المطالب الإصلاحية الرمزية التي علت في خضّم العمل الإصلاحي الدستوري الذي أعلنه الملك محمد السادس تجاوبا مع حركة 20 فيفري، مناصرين لها في صفوف الإسلاميين أيضا·