أحياناً يبعث الله لنا رسائله كي نفهم ونتدبر· صورة مُصغّرة تُومئ إلى ما هو قادم من الأمر الجليل·· فكّر معى، ألا تُذكّرك هذه الأحداث بشيء؟ أغمض عينيك وافتح كل شبابيك الروح· تخلّ عن وجودك المادي· تأمّل هذا الكون المدهش العجيب· ألا يشبه ما يحدث في مصر الآن أهوال القيامة كما وصفها لنا القرآن الكريم·· ألم تحدث الثورة بغتة كما تأتي القيامة بغتة·· هل كنت تصدق- منذ شهر ونصف - أن يحدث ما حدث؟ لو جاءنا رجل من المستقبل، وأقسم لنا بأن النظام سينهار فى أيام لاتهمناه بالجنون· ألم يذكرك خروج الملايين في الشوارع بالبعث والنشور·· يتدفق الناس يوم القيامة فوجا بعد فوج، وأمة بعد أمة، خارجين من القبور؟! ثم انظر إلى هذه الآيات المحكمة "إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون· وإذا مروا بهم يتغامزون· وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين· وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون"· صدق الله العظيم· يرسم لنا القرآن ملامحهم النفسية بوضوح عجيب· المستكبرون يضحكون من المستضعفين، يتغامزون، يصفقون، وحين يعودون إلى بيوتهم يحكون النكتة لأهلهم ويقهقهون· أليس ذلك ما حدث بالضبط من مجلس الشعب المزور حين قال مبارك: "خليهم يتسلوا"؟! دائماً هم عجينة واحدة، وكأنهم يتناسلون· يراكمون المليارات والناس جائعون، يسكنون القصور والناس مشردون، يحشدون الجنود والناس خائفون· ثم انظر إلى مآل الظالمين هنا وهناك· من كان يظن أنه بعد العز مذلة وبعد الكرامة مهانة؟ هل خطر على بال أحد أن يُساق أحمد عز بالقيود، أو يجلس العادلي في زنزانة، يسوقه للسجن عسكري ريفي كان يرتجف من سماع اسمه؟! بالضبط كما وصفها القرآن الكريم: "خافضة رافعة"· وكأننا ننظر إلى مصارع المستكبرين يوم القيامة· آية من آيات الله· هل يحكم مع الله أحد؟! سبحانه هو المعز المذل، يؤتِي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء· والذي أخبرنا به القرآن الكريم من تخاصم أهل الفساد في النار، ألا يحدث مثيله في مصر الآن؟ هؤلاء الذين كانوا يسبحون بحمد مبارك ليل نهار، ولو أمرهم بالسجود لسجدوا له· هل كنت تتخيل أن ينقلب منافقو الصحف القومية على أسيادهم؟! اليوم يتلاعنون ويترامون بالتهم! اليوم يتبرأون من سيدهم، ويحاول كل واحد أن ينجو بنفسه ولو بهلاك صاحبه· فلنحذر ولنحترس· ولنعلم أننا لسنا بعيدين عن نفس المصير إذا لم نكفّ عن ظلم مَن نقدر عليهم· ولنقرأ الرسالة التى أرسلها الله لنا· تقول الرسالة: إياك أن تشك فى الوعد الإلهى إذا لم تشاهد في عمرك المحدود مصارع الظالمين· سينتصر الحق والخير والجمال في النهاية، وستنقشع ظلمات الظلم، وستشرق شمس الحقيقة، سيواسي الله عز وجل القلوب الجريحة، ويملؤها بالأمل· "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"· صدق الله العظيم·