10 آلاف قتيل بسوريا بالغارات وبالجوع ** على غرار السنوات السابقة كان عام 2017 قاسياً على السوريين في ظلّ استمرار المعاناة والنزوح والقصف وعدم توفّر المواد الغذائية وضعف القطاع الصحي. ولم يبق أمام أهل سورية غير التكيّف مع حياتهم هذه والسعي إلى إعادة بناء ما تهدّم. ق.د/وكالات ودّع السوريون عام 2017 حاملين معهم مآسيهم إلى العام الجديد خصوصاً ملفي الحصار والنزوح. وهم يدوّنون يومياً مزيداً من الهموم من جراء نقص المواد الغذائية والطبية والبرد القارس في ظل غياب وسائل التدفئة وحرمان التلاميذ من الذهاب إلى المدارس خصوصاً في الغوطة الشرقية للعاصمة دمشق وغيرها. وتعدّ الغوطة الشرقية من بين المناطق الأكثر معاناة بسبب حصارها من قبل القوات النظامية والمليشيات الموالية والطائفية في وقت يعيش فيها أكثر من 350 ألف شخص. ولم يكن لتوقيع القوى المعارضة على اتفاق خفض التصعيد في شهر جوان الماضي أي فارق يذكر فقد استمر الحصار في ظل قصف متكرّر. وما أُعلن حول إدخال مساعدات إنسانية كان دائماً محصوراً بمناطق محدودة داخل الغوطة وبكميات قليلة. كذلك تُعاني الغوطة الشرقية من أزمة صحية في ظل غياب الدواء والكادر الطبي الكافي في وقت تُستهدف المراكز الطبية عبر قصفها بمختلف الأسلحة الأمر الذي تسبب في إطلاق مناشدات لإدخال الأدوية وإجلاء الحالات الصحية الحرجة. ودعت الأممالمتحدة منتصف الشهر الجاري إلى إجلاء 500 شخص بشكل عاجل من منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة لتقديم العلاج والعناية الطبية اللازمة. وأضافت أنّ شركاءنا في المجال الصحي أبلغونا بوفاة امرأة تبلغ من العمر 29 عاماً كانت تعاني من مرض السرطان وهي الشخص رقم 15 الذي يموت من بين الذين طُلب إجلاؤهم . وخلال هذا العام شهد الدمشقيّون عودة القصف إلى دمشق ما أدى إلى مقتل وجرح العشرات. كذلك شهد السوريون نزوحاً جماعياً من جراء معارك طرد تنظيم الدولة داعش من محافظتي الرقة ودير الزور التي انطلقت في النصف الثاني من عام 2017. وخلال المعارك نزح مئات آلاف السوريين وما زال أغلبهم يعاني الأمرين في مخيمات النزوح في ظل انحسار دور المنظمات الإنسانية وعدم وجود مساعدات إنسانية كافية. أما الذين عادوا إلى مدنهم وبلداتهم فيعانون بسبب غياب مقومات الحياة الرئيسية من كهرباء ومياه وطبابة إضافة إلى حاجتهم إلى ترميم أو بناء منازلهم. وسجل ريف حماة الشرقي حركة نزوح جماعية نحو ريف إدلب من جراء قصف القرى من قبل القوات النظامية والروسية ثمّ الاقتتال بين تنظيم داعش و هيئة تحرير الشام في ظل أوضاع إنسانية سيئة جداً. وما زالت أكثر من ثلاثة آلاف عائلة في العراء على الرغم من البرد والشتاء لعدم وجود خيام أو منازل يلجؤون إليها إضافة إلى ضعف المساعدات الإنسانية التي لا تتناسب وحجم الاحتياجات. وتستمرّ المأساة في ظلّ استمرار النزوح. حروب الابادة سُجّلت العديد من المجازر بحقّ عشرات المدنيين في بعض مناطق الغوطة الشرقية وريف حماة الشرقي ودير الزور والرقة وما زالت جثث العديد من أهلها قابعة تحت ركام منازلها. وتستمرّ معاناة أكثر من 300 ألف شخص من المحاصرين في ريف حمص الشمالي على يد القوات النظامية والمليشيات الطائفية في ظل عدم إدخال المساعدات الإنسانية بشكل منتظم في حين يترقّب الأهالي نتائج مفاوضات ضم المنطقة إلى مناطق خفض التصعيد على أمل كسر الحصار وإدخال المواد الغذائية والطبية. وفي السياق شكّل انقطاع مئات آلاف التلاميذ عن التعليم أزمة حقيقية تهدد المجتمع السوري سواء الذين يعيشون في المخيمات المنتشرة في البلاد أو القاطنين في المناطق المحاصرة التي تشهد عمليات عسكرية كالغوطة الشرقية ودرعا وريف حماة الشرقي وريف إدلب بسبب تعليق الدراسة في مدارسها. وانقطع معظم أطفال الرقة ودير الزور عن التعليم منذ عام 2014 من جراء سيطرة داعش عليهما وإن كانت هناك محاولات لإعادة الحياة للعملية التعليمية في مدينة الرقة وريفها عبر مجلس الرقة المدني على الرغم من التحديات الكبيرة في ظل غياب الدعم المطلوب. من جهتها وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل أكثر من 10200 مدني -بينهم 2300 طفل و1500 امرأة- خلال العام الماضي الذي شهد حملات عسكرية لقوات النظام السوري في عدة مناطق بالتوازي مع عملية واسعة للتحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وقالت الشبكة في تقرير لها مع بداية العام الجديد إن قوات النظام قتلت من مجموع الضحايا 4150 مدنيا بينهم 754 طفلا و591 امرأة وأضاف التقرير أن القوات الروسية قتلت بدورها 1436 مدنيا بينما قتلت قوات التحالف الدولي نحو 1760 آخرين بينهم 521 طفلا. أما تنظيم الدولة فقتل 1421 مدنيا بينهم 281 طفلا. ووفق الشبكة فإن عدد القتلى تركز في ريف دمشق بالدرجة الأولى حيث فاقت الحصيلة الألفي قتيل. وتتعرض الغوطة الشرقية المحاصرة منذ أشهر لهجمات متكررة من قبل قوات النظام السوري وحلفائها تحت غطاء من القصف العنيف الذي أوقع مئات القتلى. وتأتي تاليا محافظة الرقة التي قتل فيها 1500 مدني. وكانت المحافظة قد شهدت حملة عسكرية نفذتها قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي وانتهت باستعادة مدينة الرقة ومدن وبلدات أخرى في ريفها من تنظيم الدولة بينما خلفت غارات التحالف على الرقة ضحايا كثيرين من المدنيين ودمارا واسعا. وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها إن فصائل المعارضة المسلحة مسؤولة عن مقتل 186 مدنيا وهيئة تحرير الشام عن مقتل 25 مدنيا. وأكدت الشبكة أن فرقها تلقى صعوبة كبيرة في الحصول على بيانات حول أعداد القتلى من قوات النظام السوري والمعارضة المسلحة وتنظيم الدولة حيث إن هذه الأطراف لا تكشف عن خسائرها. وجاء في التقرير أن معظم أطراف الصراع في سوريا ارتكبت أعمالا ترقى إلى جرائم الحرب. وعلى الرغم من التهجير والنزوح والجوع واللجوء حصل سوريون خلال عام 2017 على عدد من الجوائز التي كان لها طابعها الخاص كجائزة مؤسسة كيدز رايتس الهولندية للاجئ السوري المراهق محمد الجندي نتيجة جهوده في تعليم الأطفال. وحازت الطفلة السورية أمينة أبو كريش (13 عاماً) على المركز الأول في مسابقة جائزة بيتمان البريطانية للشعر بسبب قصيدة كتبتها بعنوان رثاء لسورية متفوقة على العديد من أقرانها. وحازت متطوعات الدفاع المدني السوري على جائزة نساء العام خلال حفل أقيم في العاصمة البريطانية لندن منتصف شهر أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي على تقدير لجهودهن في حماية ومساعدة المدنيين المتضررين من الصراع الدائر في سورية على مدار أكثر من سبع سنوات.