أرجع الشيخ أحمد بن عبد العزيز بن باز، الباحث في العلوم الشرعية والمعيد والمحاضر السابق في كلية الشريعة في الرياض سابقا، فوضى الفتاوى التي يشهدها العالم الإسلامي وبخاصة المملكة السعودية حاليا، لعدة أسباب على رأسها كثرة المستجدات وقلة العلماء المؤهلين للرد على أسئلة الناس، وهذا أوجد فراغا ملأته بعض الفضائيات التي يتحدث فيها من وصفهم ب »من هب ودب«، والذين ليس لديهم ما يكفي من العلم للتصدى للفتوى. وقال بن باز إن الإسلام في حلقة من برنامج »إضاءات« الذي بثته »العربية« أمس الجمعة »كمُل وانتهى«، وأن كل ما سكتت عنه الشريعة مباح، لأن الأصل في الأشياء هو الإباحة بينما الناس حاليا يسألون في أمور تافهة جدا لأنهم يفقدون الثقة، وبالتالي يرغبون في الرجوع لمن يفتي لهم، موضِّحا أنه بسبب تخلف المسلمين وتحولهم لمتلقين فقط أوجد ضعفا في التعامل مع المستجدات، ومحاولة التكيُّف معها، فصار الناس يسألون في كل مستجد، وأن المفروض هو أن نبدع ونؤسس لقواعد للحكم على ما يستجد وما يأتينا من الخارج. وبيّن بن باز، وهو ابن مفتي المملكة سابقا، أنه ضد إجبار الناس على فتوى واحدة فيما اختلف فيه الأئمة سابقا. وقال: »إننا بحاجة للمربين والمعلمين أكثر من الحاجة لمفتين، لأن المهم هو تعليم الناس وتحفيز فضيلة التفكير في الأجيال الجديدة«. وأرجع بن باز ظاهرة كثرة المحرَّم وقلة المباح إلى تيار الصحوة، الذي كان يحاول التصدي لما يأتيه من الخارج وينظر إليه بريبة وشك، وأن البعض تأثر بهذا الفكر، وأصبح همُّه هو البحث عما هو حلال وما هو حرام. وانتقد محاولة إسقاط بعض المصطلحات والمفاهيم الفقهية القديمة، مثل دار الإسلام ودار الحرب، على الأوضاع المعاصرة، مبينا أن تلك المصطلحات وُضعت في وقتها لتوصيف حال الدولة، ولكن الأمور تغيرت الآن، وتغير شكل الحكم في الدول وعلاقات الدول مع بعضها البعض. وأوضح أن بعض هذه المصطلحات هي التي قادت لمشاكل كبيرة منها التطرف عند محاولة تطبيقها على الواقع المعاصر. ونبّه إلى خطورة ظاهرة »الانتقائية النصوصية« في الأخذ ببعض النصوص القرآنية وبترها من سياقها، ومحاولة الوصول بها إلى دلالات لم يقصدها النص، موضحا أن هناك تيارات أو توجهات تتبنى قضية معينة، ثم يبحث عن نصوص لتبريرها. وحذّر من »الإقصاء الفكري«، معتبرا أنه نوع من أنواع الإرهاب، وقال إن الإرهاب والتطرف هو نتاج للإقصاء الفكري. وجدد بن باز رأيه في قيادة المرأة للسيارة، فهي »قضية حق مثل حق التملك. ومنعها من القيادة فُرض لاعتبارات لم تعد قائمة حاليا. وتم الاتجاه للمنع لظروف خاصة، فالسيارة وسيلة يمكن أن تُستخدم في الخير أو الشر«.