هاجس ارتفاع الأسعار يخيّم على الأسواق هكذا استقبل الجزائريون رمضان.. اللهفة تعيد أزمة الحليب إلى الواجهة هذه أبرز العادات الرمضانية في البلدان العربية ع. صلاح الدين/ وكالات وعلى خلاف التطمينات الرسمية والوعود الوزارية بخصوص ضبط الأسعار ووفرة المنتجات يتوجس الجزائريون خيفة من أن يطال التهاب الأسعار مختلف السلع مع بدء الشهر الفضيل في ظل حالة الجشع المزمنة المترسخة في نفوس كثير من التجار الفجّار الذين يتخذون من رمضان فرصة للربح السريع وهي مخاوف لها ما يبررها لاسيما من خلال تجارب السنوات الفارطة ولو أن وفرة كثير من المنتجات الفلاحية يبعث بعض الاطمئنان في نفوس كثير من المستهلكين.. استقبل الجزائريون على غرار شعوب الأمة الإسلامية قاطبة شهر رمضان المبارك وهم يأملون أن يكون شهرا للرحمة والتآخي والتآزر بعيدا عن كل الحسابات والحساسيات كما يأملون أن يكون شهرا يرحمهم فيه التجار.. وقبيل رمضان الذي يحل هذا الخميس يومه الأول لوحظ في بعض أحياء مدننا وفي مقدمتها الجزائر العاصمة عودة أزمة حليب الشكارة ففي ظل اللهفة وحرص كثيرين على اقتناء كميات كبيرة وتخزينها كان الحصول على شكارة حلما بعيد المنال لكثيرين خلال الساعات الماضية وهي أزمة يتوقع التجار أن تكون ظرفية فقط وأن تختفي خلال الأيام القليلة القادمة.. عادات جزائرية.. تدور الأيام ويحل على الأمة الإسلامية الشهر التاسع من كل عام هجري ضيفا كريما تهفو إليه النفوس وتحن للقائه القلوب وتدمع لفراقه العيون فقد خصّ الله عز وجل أيام الشهر الفضيل بمكانة لا تعادلها في خصائصها وفضائلها أية أيام أخرى طوال العام. وينتظر المسلمون في جميع بقاع الأرض شهر رمضان المبارك ويشتاقون إليه اشتياقاً عجيباً لا يوجد في أي دين آخر فيبدأ المسلمون استعدادهم للشهر الكريم منذ شهر شعبان الذي كان يصومه النبي صلى الله عليه وسلم جُلَّه. ويعود اهتمام المسلمين بقدوم شهر رمضان لأنه يعظّم فيه الأجر وتفتح فيه أبواب الخير لكل راغب وهو شهر الخير والبركات وشهر التقوى والصلاح وشهر الصوم والصلاة وقراءة القرآن وتفتح فيه أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتصفّد فيه مردة الشياطين.. ويسعد فيه المسلمون أكثر من سعادتهم في أي وقت آخر طوال العام حيث يضفي الفرحة على جميع البيوت والأفراد ويتساوى في ذلك المسلمون كافة في مشارق الأرض ومغاربها على اختلاف أجناسهم وألوانهم. هذه المظاهر التي تحولت إلى عادات واحتلت صفحات ناصعة ومهمة من تاريخ الشعوب حتى أصبحت بعد ذلك علامات فارقة ومميزة لكثير من البلدان رغم تشابهها في كثير من الأحيان واختلافها في بعض البلدان.. ويختص الشعب الجزائري خلال شهر رمضان بعادات نابعة من تعدد وتنوّع المناطق التي تشكله كما يشترك في كثير من التقاليد مع الشعوب العربية والإسلامية الأخرى كما تتميز الجزائر بالحمامات التي تلقى إقبالاً كبيراً من العائلات في الأيام الأخيرة من شهر شعبان للتطهّر واستقبال رمضان للصيام والقيام بالشعائر الدينية وتنطلق إجراءات التحضير لهذا الشهر الكريم قبل حلوله من خلال ما تعرفه تقريباً كل المنازل الجزائرية من إعادة طلاء المنازل أو تطهير كل صغيرة وكبيرة فيها علاوة على اقتناء كل ما يستلزمه المطبخ من أوان جديدة وأغطية لاستقبال هذا الشهر الفضيل وتتسابق ربات البيوت في تحضير كل أنواع التوابل والبهارات والخضر واللحوم البيضاء منها والحمراء لتجميدها في الثلاجات حتى يتسنى لهن تحضير ما تشتهيه أفراد عائلتهن خلال هذا الشهر المبارك. في فلسطين ولا يختلف رمضان كثيراً في فلسطين فرغم الاحتلال الإرهابي الصهيوني فإن شهر رمضان له عاداته من إفطار وسحور وحلويات وصلاة تراويح وقيام ليل وقراءة القرآن وزيارات الأهل. من أهم الأطعمة الفلسطينية المقلوبة وهي مكونة من الأرز ومقلي الباذنجان أو الزهرة أو البطاطس وكذلك البصل المقلي والثوم توضع اللحمة بعد النضج أسفل الوعاء (الحلة) ثم يوضع الثوم المقلي ثم يوضع الأرز وتوضع بعد ذلك التوابل ويسكب المرق وتوضع على نار هادئة حتى النضج ثم توضع ملعقة سمن على الأرز وبعد ذلك تقلب في صينية وتقدَّم كما هي مع اللبن (الزبادي) أو سلطة خضار. ومن الأكلات الشعبية أيضاً الفتة: وهي مكونة من الرقاق والأرز يوضع الرقاق بعد أن يقطع قطعاً صغيرة ويسكب عليه المرق ثم يوضع الأرز وبنسب مختلفة حسب المزاج والرغبة وهناك من يضع على الأرز اللوز أو الصنوبر المقلي على الوجه ثم توضع اللحوم. كذلك هناك أكلة تسمى السماقية: وهي مكونة من السلق والسماق واللحم المفروم والحمص والبصل والطحينية الحمراء والجرادة (الشبت) والثوم وبمقادير تناسب كمية السماق. في مصر وفي مصر تزيَّن الشوارع والحارات بالأعلام والبيارق الورقية منذ الأسبوع الأخير من شهر شعبان بحيث تشهد الأحياء والأزقة في مصر ظاهرة جميلة بربط الحبال بين البيوت المتقابلة تعلّق عليها الرايات والفوانيس. وقصة استعمال الفوانيس بكثرة في رمضان هي قصة طويلة تعاد فصولها في كل رمضان ضرورة فقد كان المصريون في القديم يستعملون الفوانيس (الشمعية) التي تستعمل الشمع كأداة للإضاءة. والأطفال في الشهر الفضيل حكاية ظريفة وجميلة فهؤلاء يخرجون ليلة رؤية هلال رمضان إلى الطرقات سواء مع أقرانهم من الأطفال أو إلى جانب أفراد عائلتهم مرتدين أحلى ما عندهم من ثياب وحاملين الأعلام والفوانيس الرمضانية يغنون الأناشيد والأهازيج الخاصة بهذا الشهر الكريم في فرحة جماعية عارمة. في السودان مثل كثير من الدول الإسلامية يترقّب الناس في السودان قدوم هذا الشهر الفضيل بفيض من الشوق والاستعداد ويدخرون له ما طاب من المحاصيل الزراعية والبقوليات والتمر منذ وقت مبكر وقبيل حلول الشهر الكريم يقوم السودانيون بشراء التوابل وقمر الدين ويقومون بإعداد مكونات شراب شهير يسمى (الحلومر) وهو يصنع من عدة مواد أهمها الذرة والتوابل وغيرها وتحتوي المائدة السودانية على بعض الأكلات المقلية والحلويات و(العصيدة ) والسلطات وأنواع عديدة من المشروبات المحلية والعصائر المعروفة فضلاً عن (سلطة الروب) والشوربة وغيرها من مكونات المائدة الرمضانية العامرة. شيء مهم ولافت للنظر في العادات السودانية في رمضان وهو إفطار الناس في المساجد وفي الساحات التي تتوسط الأحياء وعلى الطرقات تحسباً لوجود مارة ربما يكونون بعيدين عن منازلهم أو وجود عزّاب في الأحياء قد لا يتوفر لديهم الوقت لصنع الطعام بالطريقة التي يريدونها فقبل الغروب بدقائق تجد الناس يتحلَّقون في جماعات خلال لحظات الإفطار لاصطياد المارة ودعوتهم لتناول الإفطار معهم. وبعد الفراغ من الإفطار يتناولون القهوة ثم يقضون بعض الوقت قبل الذهاب إلى صلاة التراويح. في الكويت وفي الكويت تتلخص ملامح رمضان في إقبال الناس على المساجد وتلاوة القرآن والذهاب إلى الأسواق والدواوين والسهر أمام الفضائيات والبعض يقيم الليل بعد الساعة الثانية صباحاً وهناك مظاهر أخرى كثيرة من التواصل مع الأرحام وإعداد الولائم ودعوة العائلات لها وتبادل الزيارات وحضور دروس العلم بالمساجد كما يكتسب رمضان في الكويت مذاقاً خاصاً يحرص من خلاله الكويتيون على إحياء تقاليد وعادات توارثوها من أزمنة بعيدة عن الأجداد ونكهة خاصة وأجواء روحانية في ظل ترابط اجتماعي متميز. وفي الكويت تشتهر (الهريس) كطبق رئيسي حيث تصنع من القمح المهروس مع اللحم مضافاً إليها السكر الناعم والسمن البلدي والدارسين (القرفة) المطحونة وهناك أكلة التشريب وهي عبارة عن خبز الخمير أو الرقاق مقطعاً قطعاً صغيرة ويسكب عليه مرق اللحم الذي يحتوي غالباً على القرع والبطاطس وحبات من الليمون الجاف الذي يعرف ب (لومي) حيث يفضّل الصائم أكلة التشريب لسهولة صنعها وخفة هضمها على المعدة ولذة طعمها وهي عبارة عن خبز التنور إلا أنه في الوقت الحاضر يستخدم خبز الرقاق وهو خبز رقيق. وهناك الجريش الذي يطبخ من القمح واللقيمات وهي حلويات وتعرف بلقمة القاضي وتصنع من الحليب والهيل والسمن والزعفران والعجين المختمر وتقطع لقيمات وتلقى في الدهن المغلي حتى الاحمرار ثم توضع في سائل السكر أو الدبس وهناك أيضاً البثيث والخبيص اللتان تصنعان من الدقيق والتمر والسمن. في العراق وفي العراق يشتري المسلمون مستلزمات رمضان قبيل حلوله بعشرين يوماً وتوضع الزينة والإنارة الضوئية على معظم محال الملابس والحلويات ويتكون الإفطار من الشوربة التي تتكون من عدس وشعيرية وكرافس أخضر والأرز والمرقة التي تتكون من فاصوليا وبامية وباذنجان إضافة إلى الكباب المشوي والكبب المقلية والنيئة. وبعد صلاة العشاء والتراويح يتم تناول الحلويات التي أشهرها البقلاوة والزلابية والشعيرية والكنافة.