إعداد: كريم مادي عمر بتروني.. صاحب الدقائق الأخيرة مضى على اعتزال عمر بتروني الملاعب أكثر من ربع قرن إلا أن لمحاته الكروية لن تنسى من ذاكرة كل من عايش العصر الذهبي لهذا اللاعب الذي قال بشأنه كبار نجوم الكرة في تلك الفترة لو تملك الجزائر ثلاثة من امثال عمر بتروني لتوجت بكأس إفريقيا اكثر من مرة ولدوّنت الجزائر اسمها بأحرف من ذهب في كأس العالم كيف لا وعمر بتروني هو الذي صنع مجد المنتخب الوطني عام 1975 بقيادة منتخبنا إلى الفوز على فرنسا والحصول على ذهبيه دورة الالعاب المتوسطية التي احتضنتها بلادنا كما قاد في السنة الموالية فريقه المولودية إلى الفوز بالقب القاري وتلكم هي حكايات وحكايات سنرويها لكم في حلقة هذا العدد فرحلة سعيدة عبر التاريخ الكروي الذهبي لعمر بتروني صاحب الدقائق الاخيرة الخالدة. ابن الشهيد.. بتروني ولد سنة 1949 بالعاصمة ولد عمر يتروني في قلب الجزائر العاصمة يوم 9 جانفي 1949 خمس سنوات بعد ولادة عمر بتروني اندلعت الثورة التحريرية المجيدة قبل استشهاد والد عمر بتروني في سنة 1957 ترك وصية لرفاق دربه يقول فيها أرجوكم حافظوا على ابني عمر فهو كل شيء في حياتي . الوصية نفذها رفقاء درب أب عمر فما أن استقلت الجزائر عن فرنسا وقد لقي رعاية خاصة من بعض زملاء الشهيد بتروني. البداية.. لعب لأكابر المولودية في سن السادسة عشر مباشرة بعد الاستقلال انضم عمر بتروني إلى فريق مولودية الجزائر وعمره 15 سنة حيث لعب في بداية الأمر لأشبال الفريق ليتم ترقيته إلى صنف الأكابر. لعب عمر بتروني لفريق أكابر المولودية عن عمر السادسة عشر بعد ان قدم مباريات كبيرة خلال لقاءات الأواسط وقد استقبل جمهور وعشاق العميد ترقية بتروني بفرح كبير كيف لا وهو الذي كان يمتاز بالسرعة الفائقة ضمن فريق الأواسط وقد سجل العشرات من الأهداف. من 1962 إلى 1979 17 سنة بألوان العميد بقي عمر بتروني وفيا لفريق المولودية العاصمية طيلة 17 سنة كاملة فاز معه بكل الألقاب أربع مرات ببطولة الجزائر (72 76 77 و79) ثلاث مرات بكأس الجزائر (71 72 و76) كما فاز بكأس إفريقيا للأندية البطلة عام 1976 والميدالية الذهبية لدورة التوسط عام 75 مع المنتخب الوطني والميدالية الذهبية لدورة الألعاب الإفريقية التي جرت ببلادنا عام 1978 حيث خاض في تلك الدورة آخر لقاء له مع المنتخب الوطني حيث واجه المنتخب النيجيري في النهائي. التتويج بكأس 1971 أمام سوسطارة أغلى ذكريات بتروني حتى وإن فاز عمر بطروني بالكثير من الألقاب والكؤوس المحلية والمغاربية والإفريقية سواء مع المنتخب الوطني ام مع فريق المولودية والاتحاد همها الميدالية الذهبية من الخضر عام 1975 وكأس إفريقيا للأندية البطلة عام 1976 مع المولودية إلا أن أغلى ذكرى في حياة القزم هو التتويج الأول للمولودية بكأس الجزائر النهائي أمام الجار الاتحاد وذلك في عام 1971 بملعب العناصر 20 أوت حاليا حيث فرغم ان فريق الاتحاد كان لا يقهر إلا أن المولودية تمكنت بفضل عمر بطروني من انتزاع الكأس الذي كان وراء الهدف الأول في المباراة بطريقة جميلة. كان يبلغ حينها عمر بطروني 22 سنة فقط ورغم ذلك قدم واحدة من أحسن المباريات في حياته الكروية كان يمتاز بطروني بالسرعة الفائقة مكنتنه من التغلب على المدافعين لدرجة انه تعرض في ذلك النهائي الأول أمام الاتحاد إلى مضايقات للحد من سرعته لكن الطريقة التي كان يلعب بها بطروني كانت تجنبه الإصابات. بعد أن قاد المولودية عام 1971 للفوز بكأس الجزائر بتروني ينهي حكاية آلو آلو المولودية ما كاين والو قبل انتزاع مولودية الجزائر لأول لقب في تاريخها عام 1971 بتغلبها في المباراة النهائية لكأس الجزائر عام 1971 على الجار الاتحاد كانت الجماهير التي لا تحب المولودية تسخر من هذا الفريق وكلما يخوض لقاء رسمي وحتى ودي الا ويصيح الجماهير لسان واحد الو الو المولودية ما كاين والو 50 سنة من عام شارلو . لكن ما سر هذه التسمية التي كانت تثير التقزز لدى لاعبي المولودية عمر بتروني وفي حوار مطول خصنا به العام ما قبل الماضي يقول قبل انتزاعنا كأس الجزائر عام 1971 لم يسبق لفريق المولودية وان فاز لا بالبطولة ولا بالكأس ولا بكأس للمغرب العربي التي كانت موجودة آنذاك وبما ان المولودية ومع حلول عام 1971 كان قد مر نصف قرن على تأسيس الفريق الأمر الذي راح فيه البعض مكن الجماهير يؤلف ذلك المقطع لكن لم يعمر طويلا بفضل لاعب اسمه عمر بطولة بعد الذي فعله في كأس الجزائر عام 1971 بتسجيله للهدف الأول والطريقة التي لعب بها تلك المباراة النهائية. كرّر نفس الإنجاز في سنة 1973 بتروني أبكى مجددا أنصار الاتحاد ثانية بعد التتويج الأول لفريق المولودية بكأس الجزائر عام 1971 كرر عمر بتروني نفس الانجاز وامام نفس الفريق الغريم الاتحاد فحتى وان كان على الورق فريق الاتحاد هو المرشح الكبير للفوز بالكأس نظرا لما كان تزخر به تشكيلة الاتحاد من لاعبين كبار وممتازين لكن فوق الميدان كانت المولودية أقوى بكثير من الجار الاتحاد خاصة وان فريق المولودية بدا مرحلة جديدة في مسيرته الكروية باعتماده على سياسة التشبيب والتي أعطت ثمارها ستة قبل هذا النهائي بانتزاعها أول كأس للجزائر وأربع سنوات كان لاعبو الاتحاد مع التاريخ حيث استطاع بطروني ولوحده بقهر الاتحاد فكانت البداية نحو ألقاب وكؤوس أخرى أهمها كأس إفريقيا للأندية عام 1976 أمام حافيا كوناكري وهو أول تتويج للنوادي الجزائرية على الصعيد القاري بعد الاستقلال وبنفس التشكيلة التي هزمت اتحاد العاصمة في نهائي 1971 بملعب 20 أوت. سجل هدفا تاريخيا في نهائي كأس إفريقيا للأندية البطلة سنة 1976 الفوز على حافيا كوناكري.. فرجة وفرحة تعد المباراة النهائية التي خاضتها المولودية العاصمية أمام المولودية القسنطينية في نظر الكثير عام 1976 واحدا من بين أحسن نهائيات كؤوس الجزائر نظرا للمستوى العالي والحضور الجماهيري الكبير الذي حضره إلى درجة أن الجمهور الذي بقي خارج الملعب أكثر من الذي دخل كما ان هذا النهائي له طعم خاص قي حياتي. بتروني وحتى وان لم يسجل في هذا النهائي الذي انتهى لمصلحة المولودية العاصمية بهدفين لصفر من تسجيل بن شيخ وبلمو لم نصدق يقول بطروني أننا فزنا بالكأس نظرا للعياء الشديد الذي كنا نعاني منه حيث أرغمنا بلعب اللقاء النهائي بعد اقل من أربعة أيام من المباراة التي واجهنا فيها فريق الأهلي المصري بالقاهرة برسم الدور ربع النهائي لكأس إفريقيا للأندية البطلة. == أسال دموع الرئيس الراحل هواري بومدين فرحا مواجهة فرنسا.. ولقاء العمر قبل سنة من أول لقب قاري للمولودية عام 1976 كان منتخبنا الوطني قد توج بالميدالية الذهبية في دورة الألعاب المتوسطية التي جرت ببلادنا حيث تمكن بطروني من إنقاذ الفريق الوطني من هزيمة وشيكة بفضل اللقطة التاريخية التي سجل بها بطروني هدف التعادل في الأنفاس الأخيرة من اللقاء الذي رفض الرئيس بومدين مواصلة اللقاء إلى أخره خشية ان يقف وقفة إجلاء ليحيي العلم الفرنسي الذي كان سيرفع بعد نهاية اللقاء. لكن ما ان هم بومدين على الخروج من ملعب 5 جويلية حتى تمكن القزم بطروني من تعديل النتيجة في وقت جد حساس بفضل اللقطة الفردية التي كان بطروني يشتهر بها حيث هز شباك الحارس الفرنسي بهدف رائع أنقذ به منتخبنا الوطني من خسارة وشيكة ليلجا بعدها المنتخبين إلى الوقت الإضافي التي ابتسمت لمنتخبنا الوطني بعد تسجيل بن قادة الهدف الثالث والانتصار. كان محبوب الهواري هكذا قال بومدين لبتروني بعد الفوز على فرنسا ثلاثة أيام من ذلك الفوز التاريخي الذي احتفل به كل الجزائريين على شاكلة الاحتفال بعيد الاستقلال خص الرئيس الراحل هواري بومدين لاعبي المنتخب الوطني بحفل تكريم وأثناء تقبيله للاعب بطروني راح الراحل الهواري يقول له ياعمر أنت أسبع اديالي وأنت أشباح البالون في الدزاير . ومما يعرف عن الراحل الهواري انه كان يعرف ادق التفاصيل عن لاعبي المنتخب لدرجة انه كان على علم ان بطروني ابن شهيد فقد والده خلال الثورة التحريرية عام 1957. لم يسق لاي لاعب جزائري ان احبه الرئيس الراحل هواري بومدين كما كان يحب ذلك اللاعب القزم وبما أن السي الهواري كان مولوها بكرة القدم كان من البديهي ان يتعلق بأحد اللاعبين الجزائريين فحتى وان كانت للرئيس الراحل ميولات نحو فريق النصرية نظرا لأداء لاعبيه المميزين فضل بدل من جميع اللاعبين القزم عمر بطروني الذي كان يدافع عن ألوان العميد زد على ذلك ان عمر بطروني كان من بين اللاعبين القلائل الذين يرسمون لمحات كروية فوق الميدان الأخضر. ما افعله عمر بطروني في آخر دقيقة من الوقت الرسمي في نهائي كأس إفريقيا للأندية البطلة عام 1976 جعله يكبر في نفسية رئيسنا الراحل هواري بومدين. رغم حبه للمولودية بتروني لعب ضد المولودية بالرغم من الحب الكبير الذي كان يكنه عمر بطروني لفريقه الأبدي المولودية الا انه وجد نفسه في عام 1981 يخوض تجربة جديدة مع فرق الغريم الاتحاد.لكن لماذا فضل بتروني اللعب للاتحاد دون البقاء في المولودية؟ تابعوا قراءة الموضوع لتتعرفوا عن سر لعبه لفريق الاتحاد؟ يجيب بتروني عن السؤال السالف ذكره بقوله لعبت لاتحاد العاصمة لأسكت الذين أبعدوني من المولودية وعلى رأسهم الوزير جمال حوحو خاصة وان الطريقة التي أبعدوني بها أثرت إلى حد كبير في نفسيتي حيث اتهموني بالتمرد على إدارة النادي بعد أن قلت لا للسياسة التي أرادوا تطبيقها في فريق المولودية وهي طمس هوية المولودية بتغيير اسمه أكثر من ذلك يضيف يقول بطروني هناك من طالب بتوقيف الفريق نهائيا وإدخاله إلى المتحف كيف نرضى بهذا القرار في حق فريق افرح واهدى الجزائر اول كأس قارية وبما ان فريق المولودية كان يمثل لي كل شيء رفضت هذه السياسة وقلت لا الأمر الذي كلفني غاليا حيث تقرر طردي من الفريق انتقل إلى الجار الاتحاد عام 1979 الوزير جمال حوحو وراء مغادرة بتروني للمولودية بتروني لم يترك فريق المولودية بل أرغم على تركها حيث يقول بلسانه لم أغادر مولودية العاصمة بل أرغمت على تركه الفريق بعد الذي حدث له غداة تتويجه بلقب البطولة الوطنية عام 1979 حيث تقرر الاستغناء على أعمدة الفريق وركائزه الأساسية وكان الهدف من ذلك القرار هو تحطيم وكسر شوكة المولودية التي كانت لا تقهر. في خريف عام 1979 فأجا عمر بطروني الجميع باعتزاله الملاعب وهو في سن التاسعة والعشرون وراح الجميع آنذاك يتساءل عن سر هذا القرار المفاجئ الذي لم يجدو له تفسير ومما اثأر الغرابة أن بطروني التزم الصمت حيث قرر مقاطعة الصحافة وكتمان سر اعتزاله لكن وبالنظر إلى حب الجماهير لصاحب الدقائق الأخيرة راح يسرد أسباب اعتزاله المبكر فراح يطلق سهامه على مهندس الاصطلاح الرياضي جمال حوحو واتهمه باتهامات خطيرة ومما قال فيها الرجل الذي أحبه الراحل هواري بومدين ليعذرني عشاق الفريق الوطني ومولودية العاصمة على رحيلي من الملاعب جمال حوحو هو الذي أرغمني على الاستقالة وأنا في عز عطائي لكن لماذا وجه بطروني سهامه إلى الوزير جمال حوحو؟ السبب أن جمال حوحو كما يقول بطروني انه هو الذي كان وراء القرار الذي اتخذته آنذاك ادارة المولودية بالاستغناء عن جميع اللاعبين الذي ناهزوا سن الثلاثين وتشبيب الفريق الأمر الذي رفضه بطروني وجميع محبي النادي العريق بعد سبع إخفاقات متتالية بتروني قاد اتحاد العاصمة لأول تتويج بكأس الجزائر كان لانتقال عمر بتورني إلى اتحاد العاصمة عام 1980 فال خير على فريق سوسطارة ففي يوم 19 جوان 1981 قاد اتحاد العاصمة لاول مرة بعد سبع إخفاقات متتالية في نهائيات كأس الجزائر إلى منصة التتويج بفوز الاتحاد على جمعية وهران في الدور لانهائي بهدفين لواحد بملعب سيدي بلعباس. من اتحاد العاصمة إلى الأبيار إلى مفتاح في دلس بتروني اعتزال الكرة في عام 1987 بعد ان قاد الاتحاد عام 1981 لمعانقة كأس الجزائر لاول مرة قرر عمر بتروني الانتقال إلى شبيبة الابيار حيث لعب له موسما واحدا ينتقل في الموسم الموالي إلى وداد مفتاح ومنه إلى اتحاد دلس ليضع حد لمسيرته الكروية عام 1987 عن سن ال40 سنة. بعد اعتزاله اللعب دخل عمر بتروني عالمي التدريب حيث عين في نهاية الثمانينيات مدربا للمنتخب الوطني للاصاغر وبعده درب منتخب الاشبال. حرم من إقامة حفل اعتزاله بتروني في بلاد المهجر في عام 1993 غادر عمر بتروني ارض الوطن إلى فرنسا حيث درب أكثر من فريق هاوي في فرنسا ولم يعد إلى ارض الوطن الا في مطلع الألفية الثانية. عكس ما كان يتمناه عمر بتورني لم يحظى بعد عودته إلى ارض الوطن بأي ترحاب بتحول إلى لاعب عادي حيث فتنكر له الجميع بما قدمه للكرة الجزائرية وبالرغم من الشهادات العليا التي يملكها في عالم التدريب الا ان لا احد من مسيري الكرة ببلادنا لا الاتحادية ولا رؤساء النوادي استعانوا بخبرته. أخر ما تعرض له بتروني هو رفض مدير بمركب 5 جويلية بمعية الوزير الهاشمي جيار إقامة حفل اعتزاله بطريقة اللاعبين الكبار بعد ان اشترط عليه دفع مبلغ 150 مليون سنتيم الأمر الذي اضطره بإقامة لقاء شكلي جرى في سنة 2008 لكن حتى وان حاول البعض دفن عمر بتروني قبل مماته أطال اله في عمره الا ان لا احد يستطيع ان يدفن ويمحي ما قدمه هذا اللاعب الكبير الذي يكفي ان نقول بشانه انه قاهر فرنسا في عام 1975 فرنسا التي قتلت والده إبان الثورة التحريرية.