صنع أفراح فريقيْ المولودية والاتحاد *** ما إن تنظر إلى وجهه حتى يتبادر إلى ذهنك ألف سؤال وسؤال فتعجز عن أن تفكّ طلاسم ملامحه كلامه موزون نابع من أعماق قلبه حين يسرد لك عن حكايات الماضي التليد للمنتخب الوطني والأيّام الذهبية للمولودية والاتحاد تجد نفسك تسبح في عالم فسيح وتتمنّى لو يطول الحديث حتى لا تعود إلى الواقع التعيس. باختصار شديد إنه عمر بطروني اللاّعب الذي قهر الفرنسيين في نهائي دورة الألعاب المتوسّط 1975 في الجزائر بتعديله للنتيجة في الأنفاس الأخيرة من اللّقاء وهو اللاّعب الذي أفرح أنصار فريقي المولودية والاتحاد الأول أهدى له ثلاثة كؤوس جزائرية والثاني كأسا واحدة. من هذا المنطلق ارتأينا أن نستضيف عمر بطروني في هذا الحوار بمناسبة اللّقاء الذي جمع الفريقين عشية أمس في ملعب 5 جويلية. * هل هناك اختلاف بين أفراح الماضي التي كانت تقام حين تلتقي المولودية مع الاتحاد وبين أفراح اليوم... *** هناك اختلاف في طريقة الأفراح أتذكّر أنه قبل النهائي الأول الذي جمع بين المولودية والاتحاد عام 1971 في ملعب العناصر 20 أوت حاليا كان أنصار الاتحاد يستهزئون بأنصار المولودية حيث كانوا يقولون لهم: (آلو آلو المولودية ما كاين والو 50 سنة من عام شارلو) هذا الاستهزاء بالفريق كان بمثابة دافع قوي لنا في ذلك النهائي فرغم أن فريق الاتحاد كان أقوى منّا والحقّ يقال والجميع رشّحه لانتزاع ذلك الكأس إلاّ أننا تمكّنّا بفضل إرادة اللاّعبين وعزيمة المسيّرين والأنصار من رفع التحدّي وانتزعنا الكأس بجدارة واستحقاق. * ما هي أغلى ذكرياتك مع المولودية؟ *** أغلاها هو النهائي الذي جمعنا أمام الاتحاد عام 1971 في ملعب العناصر 20 أوت حاليا حيث واجهنا فريق الاتحاد الذي كان لا يقهر وتغلّبنا عليه وكنت وراء الهدف الأول في المباراة بطريقة جميلة وكان هذا التتويج بداية نحو تتويجات عديدة تمكّنّا بعدها من انتزاع كأس إفريقيا عام 1976 أمام حافيا كوناكري. * كم كنت تبلغ من العمر في نهائي 1971؟ *** كنت أبلغ من العمر 22 سنة فقط ورغم صغر سنّي استطعت أن أقدّم واحدة من أحسن المباريات في حياتي الكروية كنت أمتاز بالسرعة الفائقة التي مكّنتني من التغلّب على المدافهين إلى درجة أنني تعرّضت في النهائي الأول أمام الاتحاد لمضايقات للحدّ من سرعتي لكن الطريقة التي كنت ألعب بها كانت تجنّبني الإصابات. * قبل هذا التتويج كان ينعت فريق المولودية (آلو آلو المولودية مت كاين والو 50 سنة من عام شارلو) ما سرّ هذه التسمية؟ *** كلّ ما في الأمر أنه قبل انتزاعنا كأس الجزائر في عام 1971 لم يفز فريق المولودية بأيّ لقب وطني لا بطولة ولا كأس المغرب العربي التي كانت موجودة آنذاك في وقت سبق لفريق الاتحاد وأن فاز بلقب البطولة الوطنية وشباب بلكور كان قد فاز بأكثر من كأس ولقب البطولة لهذا السبب جاءت تلك التسمية. * لماذا غادرت فريق المزلودية وأنت الذي كنت أحد ركائزه الأساسية؟ *** لم أغادر الفريق بل أرغمت على تركه بعد الذي حدث للفريق غداة تتويجه بلقب البطولة الوطنية عام 1979 حيث تقرّر الاستغناء عن أعمدة الفريق وركائزه الأساسية كما مسّ هذا القرار اللاّعب زبير باشي وزنّير قبل أن يتمّ إعادة هذا الأخير وكان الهدف من ذلك القرار هو تحطيم وكسر شوكة المولودية حيث كان لا يقهر. تصوّر في عزّ قوّة الفريق تمّ اتّخاذ قرار جدّ خطير وهو إبعاد الركائز الأساسية لأسباب تافهة كشفت الأيّام فيما بعد أن هناك أيادي معروفة لا داعي لذكر أسمائها وراء تحطيم الفريق فالنيّة كانت خبيثة ومقصودة لتحطيم الفريق. * لماذا فضّلت الانتقال إلى فريق اتحاد الجزائر؟ *** قبل انتقالي إلى فريق الاتحاد كنت قد قضّيت موسما أبيض دون لعب بعد الذي حدث لي في فريق المولودية حيث تأثّرت كثيرا بالطريقة التي أبعدت بها بحجّة أنني كنت ضمن اللاّعبين الذين طالبوا بالتمرّد ضد السياسة التي أرادوا تطبيقها في فريق المولودية وهي إبعاد هوية الفريق بتغيير اسم الفريق. أكثر من ذلك هناك من طالب بتوقيف الفريق نهائيا وإدخاله إلى المتحف كيف نرضى بهذا القرار في حقّ فريق أفرح وأهدى الجزائر أول كأس قارّية؟ تحويل الفريق إلى مؤسّسة سوناطرك ليس حبّا في الفريق بل رغبة في طمس هويته وتاريخه الحافل بالأمجاد والألقاب والكؤوس. وبما أن فريق المولودية بالنّسبة لي كان يمثّل لي كلّ شيء رفضت هذه السياسة وقلت لا فكنت من بين الذين وقفوا في وجوه من أرادوا قتل الفريق ودفعت بعد ذلك الثمن عاليا حيث تمّ إبعادي من الفريق. * لماذا اخترت اتحاد الجزائر؟ *** كلّ ما في الأمر أن عودتي إلى الملاعب كانت من أجل إثبات للذين أبعدوني من فريق المولودية أنهم أخطأوا في حقّي والحمد للّه لم يخب ظنّي إذ لعبت موسما رائعا مع اتحاد العاصمة وكنت فأل خير عليه حيث فاز بكأس الجزائر بعد سبعة إخفاقات متتالية وهذا بتفوّقنا في اللّقاء النهائي عام 1981 على جمعية وهران بهدفين لواحد بعد الوقت الإضافي. * ماذا حدث أثناء المقابلة؟ *** لم يحدث أيّ شيء المباراة لعبت في روح رياضية عالية والحكَم كان في المستوى. * لكن حدثت أشياء في المدرّجات... *** كلّ ما حدث هو أن أنصار اتحاد العاصمة وحتى الكثير من الجماهير راحوا يشتمون طيلة أطوار اللّقاء وزير الشباب والرياضة آنذاك جمال حوحو. * لماذا قاموا بشتم الوزير دون غيره من الحاضرين؟ *** بعد الذي قام به هذا الوزير ضد فريق المولودية خاصّة بإبعادي من الفريق بحجّة أنني أصبحت غير قادر على العطاء رغم أن سنّي لم يكن يتجاوز الثامنة والعشرين. * ما صحّة ما يقال من أن الرئيس الشاذلي بن جديد رحمه اللّه الذي حضر المباراة استفسر رئيس الاتحادية آنذاك الحاج سقال عن أسباب شتم الأنصار ل جمال حوحو؟ *** حقّا ما تقوله حيث قيل لي من جهات كانت على مقربة من الرئيس الشاذلي بن جديد إنه سأل الحاج سقال رحمه اللّه عن أسباب السبّ والشتم اللذين كانا يصدران من طرف الجماهير من المدرّجات ضد الوزير جمال حوحو فردّ عليه سقال أن ذلك هو ردّ فعل منهم بعد قيام حوحو بطرد عمر بطروني من فريق المولودية. * هل تحدّث معك الشاذلي بن جديد حول قضيتك مع جمال حوحو؟ *** لا لم يسألني ولم ألتق به بعد أن سلّم لنا الكأس. * وهل استفسر جمال حوحو عن الذي قام به في حقّك وفي حقّ المولودية؟ *** اللّه أعلم لكن لا أظنّ أنه استفسره عمّا قام به ضد المولودية وضد ركائز الفريق فمباسرة بعد التتويج بالكأس مع اتحاد العاصمة غادرت الفريق إلى وداد مفتاح كلاعب وكمدرّب لأنتقل بعدها إلى فريق شبيبة الأبيار لأعود من جديد إلى فريق وداد مفتاح وأنهي مسيرتي الكروية في فريق دلّس في عام 1987 وعمري 37 سنة. * ألم يطلب منك العودة إلى فريق المولودية بعد تتويجك بالكأس مع فريق الاتحاد؟ *** رفضت العودة تماشيا مع المثل القائل: (يا اللّي رحت وولّيت واش من البنّة خلّيت؟). * ما هي أحسن مواجهة لعبتها خلال مسيرتك الكروية؟ *** أحسن مواجهة لي كانت مع منتخب المغرب العربي عام 1972 بمناسبة تدشين ملعب 5 جويلية في المباراة النهائية التي جمعتنا أمام نادي بالميراس البرازيلي حيث فزنا بهدف دون ردّ وقّعه على ما أتذكّر اللاّعب شقرون وقدّمت خلال هذا اللّقاء مستوى رفيعا جدّا وقد أعجب بي رئيس فريق ميلا آسي الذي لعب فريقه المباراة الترتيبية ضد منتخب بودابست المجري وبعد نهاية اللّقاء عرض عليَّ اللّعب لفريقه ففرحت كثيرا بالعرض كيف لا وقد وصلني من أقوى النوادي الأوروبية.