** أعتقد أني مصاب بمس منذ حوالي عشرين سنة، وأشعر بألم في الجانب الأيسر، وأشعر أحيانا بدوار كأن الأرض تميد بي، وأميل إلى العزلة.. أريد أن تنصحوني كيف العلاج؟ * بداية أريد أن أسألك: ما الذي أكد لك أنك مصاب بمس؟ لا شك أن السحر والمس موجود، بدليل قوله تعالى "إن الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس"، وقوله تعالى في سورة البقرة: "يُعلِّمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت" ولكن قد قال الله تعالى أيضا "إن كيد الشيطان كان ضعيفا" فهل تظن يا أخي أن كيد الشيطان "الضعيف" يستطيع أن يؤذيك عشرين سنة كاملة؟ ثم هل بحثت لدى الأطباء عن سبب لما تعانيه من آلام في الجانب الأيسر ودوار لعلك تجد تفسيرا لديهم؟ لمَ لا يكون ما تعاني منه هو اضطراب التجسيد الذي هو أحد الاضطرابات النفس-جسمية أي التي يكون السبب فيها نفسيا، ولكن تكون الأعراض غالبها جسدية، ولذلك إذا ذهبت إلى الأطباء من التخصصات الأخرى لا يجدون تفسيرا لأنك بالفحص ستكون سليما؛ لأن السبب نفسيٌ وليس جسديا، وقد أثبتت دراسة أجريت في أحدى الدول العربية أن 60% من المرضى المترددين على العيادات الخارجية في المستشفيات لا يوجد لديهم أي مرض جسدي، وإنما سبب شكواهم نفسي. هذا الغموض الذي يحيط بسبب الشكوى هو الذي يدفع المريض إلى الاعتقاد بالأسباب الغيبية وراء ما يعانيه، وبذلك يفوت على نفسه فرصة علاج، ويصبح فريسة للدجالين. ثم إن هذا مخالف لهدي النبي صلي الله عليه وسلم، فإن النبي حثَّ على طلب العلاج الدوائي، كما حثَّ على الرقيا والعلاج القرآني، فقال صلى الله عليه وسلم: "تداووا عباد الله فما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء" كما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سحره اليهودي لبيد بن الأعصم كما في صحيح البخاري لم يلجأ إلى أن يفسر ما أصابه بهذه التفسيرات الغيبية، وإنما مكث شهرا لا يدري ما به حتى أخبره الوحي. كذلك لم يشتهر على عهد الصحابة هذه التفسيرات لأي ظواهر غريبة تعتريهم على الرغم من مجاورتهم لليهود مع ما هم عليه من احتراف السحر. وقد دلنا النبي صلي الله عليه وسلم على الكثير من الوسائل التي تقي الإنسان مكائد الشيطان، مثل قراءة المعوذتين فقد روى الترمذي في سننه من حديث أبي سعيد الخدري أنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان، فلما نزلتا، أخذ بهما وترك ما سواهما"، وكذلك في الحديث الطويل الذي رواه الإمام البخاري من حديث أبي هريرة، وفيه أن شيطاناً قال لأبي هريرة عندما أمسكه وهو يسرق من زكاة رمضان: إذا أويتَ إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، فإنه لا يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنَّك شيطانٌ حتى تصبح، ثم علمه آية الكرسي فقال له النبي صلي الله عليه وسلم "صدقك وهو كذوب". وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم عن سورة البقرة "إن تركها حسرة وأخذها بركة ولا تستطيعها البطلة" أي السَّحرة، وكذلك في الحديث الذي أخرجه أبو داود والنسائي من حديث أبي عياش أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "من قال إذا أصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، كان له عدل رقبة من ولد إسماعيل، وكتب له عشر حسنات، وحطَّ عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان في حرز من الشيطان حتى يمسى، وإن قالها إذا أمسى كان له مثل ذلك" وغير هذه الأحاديث كثير، فهل بعد هذه الأحاديث التي تثبت ضعف الشيطان الشديد أمام آيات الله عز وجل أن ندَّعي أن الشيطان قادر على أن يمس أحداً عشرين سنة إلا إذا كان لا يذكر الله؟ أبدا فهل يا أخي أنت لم تقرأ سورة البقرة ولا المعوذات طوال هذه العشرين سنة، ولا ذكرت الله عز وجل طوال عشرين سنة؟! أظن أن هذا مستبعد. لذا فأنا أنصحك أن تلتزم بما ورد في السنة من الآيات والأذكار التي تقيك شر الشيطان، لا لأنك ممسوس، فإن هذا غيب لا يعلمه إلا الله، ولكن لأنه يسن لنا الالتزام بهذه الأذكار وقاية لنا من مكائد الشيطان، كما أنصحك أن تذهب إلى الأطباء لكي تبحث عن سبب مرضي لشكواك، وإذا لم تجد تفسيراً عند طبيب باطني أو أعصاب فاذهب إلى طبيب نفسي، لعل أن يكون سبب شكواك نفسيًا. وفقك الله عز وجل وشفاك وعافاك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. * أنصحك أن تلتزم بما ورد في السنة من الآيات والأذكار التي تقيك شر الشيطان، لا لأنك ممسوس، فإن هذا غيب لا يعلمه إلا الله، ولكن لأنه يسن لنا الالتزام بهذه الأذكار وقاية لنا من مكائد الشيطان، كما أنصحك أن تذهب إلى الأطباء لكي تبحث عن سبب مرضي لشكواك، وإذا لم تجد تفسيراً عند طبيب باطني أو أعصاب فاذهب إلى طبيب نفسي، لعل أن يكون سبب شكواك نفسيًا.