يقول ابن تيمية _رحمه الله : إن المسألة لتغلق عليّ فاستغفر الله ألف مرة أو أكثر أو أقل فيفتحها الله علي وإن من أسباب راحة البال استغفار ذي الجلال . رب ضارة نافعة وكل قضاء خير حتى المعصية بشرطها فقد ورد في المسند : لا يقضي الله للعبد قضاءا إلا كان خيرا له . قيل لابن تيمية : حتى المعصية ؟ قال : نعم إذا كان معها التوبة والندم والاستغفار والانكسار : وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (سورة النساء : 64 ) . قال تعالى : وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ (سورة آل عمران : 140 ) وقال تعالى : كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (سورة النازعات : 46 ) . عجبت لعظماء عرفهم التاريخ كانوا يستقبلون المصائب كأنها قطرات الغيث أو هفيف النسيم وعلى رأس الجميع سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وهو في الغار يقول لصاحبه : لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا وفي طريق الهجرة وهو مطارد مشرد يبشر سراقة بأنه يُسوَّر سواري كسرى . بشرى من الغيب ألقت في فم الغار وحيا وأفضت إلى الدنيا بأسرار وفي بدر يثب في الدرع صلى الله عليه وسلم وهو يتلو قوله تعالى : سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (سورة القمر : 45 ) . أنت الشجاع إذا لقيت كتيبة أدبت في هول الردى أبطالها وفي غزوة أحد _بعد القتل والجراح- يقول للصحابة : صفوا خلفي لأثني على ربي إنها همم نبوية تنطح الثريا وعزم نبوي يهزم الجبال . قيس بن عاصم المنقري من حلماء العرب كان محتبيا يكلم قومه بقصة فأتاه رجل فقال : قُتل ابنك الآن قتله ابن فلانة فما حلَّ حبوته ولا أنهى قصته حتى انتهى من كلامه ثم قال : غسلوا ابني وكفنوه ثم آذنوني بالصلاة عليه : وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ (سورة البقرة : 177 ). وعكرمة بن أبي جهل يعطي الماء في سكرات الموت فيقول : أعطوه فلانا لحارث بن هشام فيتناولونه واحدا بعد واحد حتى يموت الجميع . إذا قُتلوا ضجت لمجد دماؤهم وكان قديما من مناياهم القتل قال الشاعر : وإنما رجل الدنيا وواحدها من لا يعول في الدنيا على رجل