روَى مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ اصْرِفْ قُلُوبَنَا إِلَى طَاعَتِكَ، وَعِنْدَ غَيْرِهِمَا: يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ)، فمن هذا الهدي النبوي الشريف نعلم أن الله سبحانه وتعالي يقلب القلوب ويغير أحوالها من حال إلى حال، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، قوله: (يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي الرجل مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل)، ولهذا دعا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قائلاً: (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، فالثبات على دين الله هو الهدية الكبرى، والجائزة التي يفوز بها المرء في نهاية رحلته، التي تكفل له حياة سعيدة ودائمة في الجنة بإذن الله وعفوه. وحتى يضمن العبد القرب من الله عليه بالاستغفار، وهو ليس قاصراً على مرتكبي المعاصي، بل واجب على المؤمنين جميعاً. هذا ما يؤكده الداعية الدكتور عمرو خالد في حديثه عن الرسول الكريم، فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس استغفروا ربكم وتوبوا إليه فإني استغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة). ووجب على العبد الاستغفار والمبادرة بالتوبة، فالاستغفار يعني حسن الصلة بالله، وينعكس على حياة الإنسان بكل خير، قال تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا)، فهو منهج للحياة والسعادة، والاستغفار لا يكون بالذكر فقط بل بالعمل الصالح، ويتجسد ذلك في الرجل الذي قتل 99 رجلاً، ثم أتم المئة بمن قال له إنه ليس له توبة، وفي النهاية قبل الله توبته. ويشير الدكتور خالد إلى دعاء يجلب الراحة والطمأنينة إلى قلبه وهو (أستغفرُ الله الذي لا إله إلا هُوَ الحيُّ القيوم وأتوب إليه عدَدَ خلقه ورضى نفسه وزنة عرشه ومِداد كلماتهْ). ويقول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب)، والاستغفار تجارة رابحة مع الله ويقول تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).