بعد أن كان بعض الممتحنين يتهافتون على مشروبات الطاقة، حتى يُنشطوا ذاكرتهم، رغم ما في تلك المشروبات من أخطار على الصحّة، صار آخرون يتناولون مشروبات كحولية خالية من الكحول، أو كما قالوا عنها أنها مشروبات الشعير، أي "البيرة" الخالية من الكحول، وهو الأمر الذي أثار حفيظة البعض، فهل صحيح أنّ تلك المشروبات خالية من الكحول؟ وإن كان الأمر كذلك فهل هي حلال أو حرام؟ بعض أن رأينا تهافت بعض التلاميذ، خاصّة هؤلاء المقبلين على إجتياز الإمتحانات على بعض المشروبات التي لا يعلمون حتى مصدرها، ولكن يكفي أن يسمعوا بفوائدها المزعومة على الأنترنات حتى يقبلوا عليها دون إدراك لما يمكن أن تحتويه من أخطار، ليس هذا فحسب، ولكن ما ضررها على المجتمع ككل، وعلى أخلاقه كذلك، إذا ما علمنا أنّ بعض تلك المشروبات ليس إلاّ خمرا، ولكن منزوع الكحول، مثل مشروب "البيرة" التي صارت تباع في محلات المواد العمومية، جهارا نهارا، دون أن يتصدى لها أحد، رغم أنّ الكثير من الأئمة، وحتى الاطباء حذروا منها. يقول لنا وسيم، 19 سنة، مُقبل على إمتحان الباكالوريا: "سمعت من بعض اصدقائي الرياضيين أنّ تلك البيرة مقوية، وتصفي الكلى، وغير ذلك، فشربتها، خاصة وأنها خالية من الكحول، وهذا مكتوب على القارورة، فما الضير من ذلك؟" نورة من جهتها، قالت: "بما أنّها صارت تباع في محلات المواد الغذائية، فلا بدّ أنها خالية من الكحول، وإن كانت كذلك فلا بأس من شربها". مراد، مواطن آخر، قال من جهته:"إنّ شرب هذه الخمور، ولو كانت فعلا خالية من الكحول شيء مثير للتقزز قبل كل شيء، فمثلا كنت إحدى المحلات، ودخل احد الزبائن، وطلب من البائع بصوت عالي أن يبيعه قنينة "بيرة" كما لو كنا في مخمرة، والعياذ بالله، وهو أمر مقزز فعلا، ويطرح العديد من الأسئلة، ولا بد من فتوى تلقى على الجزائريين، لا أن يطلع كل واحد من شاشة الحاسوب الخاصة به على الفتوى التي تعجبه ويبحث عن الرخصة الفقهية التي تناسبه". فعلا إنّ الفتاوى التي بحثنا عليها حول الموضوع بقيت فضفاضة، وقبل أن نتجه إلى شيخ أو إمام ليطلعنا على جواز هذا المشروب من عدمه، ولكننا توجهنا في البداية إلى الطبيب عيساني بشير المختّص في أمراض الكلى، ولما سألناه عن نفع تلك المشروبات أجاب: "صحيح أنّ الشعير يحتوي على فوائد عظيمة، ولكن لا يمكن أن نقول عن مشروب "البيرة" الخالي من الكحول أنه مفيد، أو أنّ له نفس فائدة الشعير كنبتة، لا على الكلى ولا أي عضو آخر، و لهذا لا يكن أن نتعذر بفائدة في شربه، وأنا أتحدث من الناحية الطبية فقط، أما عما إذا كان حلالا ا حراما فهذا اتركه لذوي الاختصاص". أمّا الفتاوى فتبقى فضفاضة، إذا ما لجأنا إلى الأنترنات مثلا، وفي غياب مفتي عام يلجأ إليه الناس جميعا، وقد اتّصلنا بالشيخ احمد عيسي، إمام مسجد الحرمين ببوزريعة قال: "في البداية لا بد أن نقول إن ذلك الخمر لا يحتوي على نسبة ولو قليلة من الكحول، والحديث لا يحتاج إلى نقاش في هذا المجال، وما أسكر قليله فكثيره حرام، ولهذا لا بد أن تعرض تلك المشروبات على الرقابة، وأن يثبت عدم احتوائه على الكحول، هذا على الأقل".