غياب الوعي المجتمعي يفاقم الوضع اكتئاب ما بعد الولادة.. خطر محدق بالنساء تعاني بعض النساء من اكتئاب ما بعد الولادة حيث تتعرض الحامل للكثير من التغيرات الجسدية والنفسية أثناء الحمل علاوة على الجهد البدني والنفسي الذي يرافق الولادة سواء كانت طبيعية أو قيصرية أو حتى في حال حدوث الإجهاض مما يؤثر على حالتها المزاجية والنفسية. خ. نسيمة /ق.م يتميز الاكتئاب بعد الولادة بالميل إلى التفكير السلبي وقد يشكّل خطراً على صحة الأم والطفل علماً بأنه توجد حالات كثيرة لا يتم تشخيصها نظراً لقلة الوعي بهذا المرض. قصص واقعية تقول إحدى السيدات: لقد مررت بتجربة اكتئاب بعد الولادة وذلك بعد مرور أربعة أيام من ولادة طفلي فبدأت أبكي كثيراً وأعتقد أنني سأفشل في تربية ابني ولن أستطيع تحمل بكائه فأبكي وأضافت: استطعت تخطي الأمر لأن والدتي كانت معي وقدمت لي الكثير من النصائح والمساعدة من جهتها قالت السيدة نورة واجهت ضغوطاً كثيرة بعد ولادة طفلي الثاني الذي يصغر طفلتي بسنة واحدة وأنا موظفة وطلبت إجازة طويلة مما أدخلني في اكتئاب وبدأت أتذمر من أطفالي وأنظر لهم نظرة سلبية وأضافت: أقاربي كانوا يقولون عني إنني أم قاسية وهذا سبّب لي انتكاسة إلا أن والدتي قدّمت لي النصح والمساعدة كما ساعدني زوجي أيضاً حتى تخطيت الأمر وعدت إلى طبيعتي واستطعت التوفيق بين رعاية الأطفال وعملي وأردفت: لا بد من توعية الأمهات لأن هذا الاكتئاب قد يكون خطراً إذا أهمل ويهدد حياة الأم والأطفال معاً. تغيرات مزاجية تعاني الكثير من النساء بعد الولادة بنسبة كبيرة من تغيرات مزاجية بسبب التغيرات الهرمونية بعد الولادة وبسبب الآلام الجسدية التي مرت بها خصوصاً مرحلة التعافي من الولادة القيصرية أو الولادة وينعكس ذلك عليها في رغبة بالبكاء والقلق والانفعال المفرط والتململ وعدم الراحة والصداع والبلبلة والنسيان والانفعال الزائد واضطراب في النوم وأفكار سلبية تجاه المولود الجديد عادة تبدأ هذه الأعراض بين اليوم الرابع واليوم العاشر من الولادة وتزول بنسبة 50- 70 بالمائة من النساء في فترة النفاس بدون تدخل علاجي عندما ترتاح النفساء وتتلقى الدعم من جانب الزوج والأسرة والصديقات وما يسمى اكتئاب ما بعد الولادة يصيب بعض النساء بنسبة قليلة 8- 12 بالمائة وفق دراسة أمريكية حيث تمرّ المرأة بحالة اضطراب شديد بعد الولادة في حالتها المزاجية وتزداد في ظل عدم توفر الدعم الأسري وهذه الحالة تكون أكثر انتشاراً بين السيدات ذوات الظروف الزوجية والأسرية المعقدة ومن تعاني من مشاكل اقتصادية مع عدم وجود من يساعدها في رعايتها لولدها. تتسم المرأة التي تصاب بهذه الحالة بالحزن واللامبالاة وعدم الاكتراث بنفسها ونظافتها وبطفلها وبمن حولها حيث تتساوى عندها الحياة بالموت وتفقد الإحساس بالمتعة التي كانت تحبها وتضطرب شهيتها لدرجة فقدان للشهية وتميل للهروب من النوم وغالباً ما يكون نوماً مضطرباً تعاني النفساء عند إصابتها باكتئاب ما بعد الولادة من التعب الدائم وصعوبة التركيز واتخاذ القرارات وقد ترافقها رغبات في الموت أو إيذاء الآخرين ومنهم مولودها أو أبناؤها ويعتبر الذهان التالي الصورة الأكثر خطورة لهذا الاضطراب إذ يظهر الاكتئاب بصورة مرض الفصام (الانفصام العقلي أو مرض الذهان الهوسي الاكتئابي وهو الذي يعرف حديثاً باسم الاضطراب ذي الاتجاهين أو الاضطراب ثنائي القطب . وعند ظهور مؤشرات على أفكار انتحارية أو محاولات لإيذاء المولود من الضروري جداً الحصول على استشارة فورية من طبيب نفسي كما تحتاج إلى هذه الاستشارة الطارئة. توفير الدعم النفسي الحمل والولادة يعتبران من الأشياء الفيزيولوجية التي تحدث للأنثى ولكن هناك تغيرات هرمونية كثيرة وعوامل أخرى قد تحدث حيث إن ذلك يؤدي إلى الاكتئاب بعد الولادة ويعتبر الاكتئاب بعد الولادة من الأمراض الشائعة غير المشخصة حيث أجريت دراسة في السويد لوحظ فيها أن 80 بالمائة من الأمهات يمررن باضطرابات نفسية 18 بالمائة فقط يشخص و5 بالمائة منها يعالج.وبحسب تقسيم الاكتئاب بعد الولادة فمنها البسيط والشائع والذي يتطلب من المجتمع المحيط بالأم تقديم الدعم النفسي والمعنوي وتشجيعها والاهتمام بها بطريقة تزيد على المألوف ويبدأ عادة من بعد الولادة إلى اليوم العاشر بعد الولادة وقد تحدث تصرفات غير منطقية من جانب الأم تدل على الندم على الإنجاب. و في حال إهمال الأم أو وجود عوامل نفسية سابقة قد تزيد الحالة سوءاً وقد تصل اضطرابات الأم إلى إيذاء الطفل والتخلص منه وقد يصاحبها ازدياد للأعراض قد يتطلب تنويماً وعلاجاً نفسياً طويلاً قد يزيد على سنة. من الأعراض التي تستوجب تعاوناً أسرياً واستشارة طيية من قِبَل اختصاصي في مجال الأمراض النفسية: الحزن المستمر والشديد بدون سبب واضح أو منطق والشعور باليأس وكره الحياة وعدم الراحة وسرعة الغضب لأسباب لا تستدعي ذلك وعدم التفاعل مع البيئة المحيطة بها وكذلك الأرق أو النوم الزائد ونقص أو ازدياد الشهية وفي حال إهمال الأم قد تصل لمرحلة إيذاء نفسها أو الطفل ويُعد الدعم النفسي من أهم طرق العلاج بالإضافة للاستشارة الطبية الصحيحة التي قد تحتاج إلى علاج أو حتى تنويم داخل مستشفى. إهمال المجتمع يرى المختصون في علم الاجتماع أن المرأة تتعرض للكثير من الضغوط النفسية بعد الزواج وتكون هناك تغيرات جسدية تمرّ بها منها الحمل واغلب المجتمعات العربية لا تعطي أهمية كبرى لتلك التغيرات وتعتبر أن ما تمرّ به المرأة أمر طبيعي وستتخطاه بسهولة لكن مع الأسف هناك حالات وإن قلّت إلا أنها موجودة تعاني فيها الأم من وضع نفسي صعب تحتاج معه إلى عناية واهتمام حيث يمكن أن تؤذي نفسها وطفلها وبالتالي فمتابعة المرأة بعد الولادة طبياً أمر ضروري ويجب مراقبتها في حال وجود أي أعراض اكتئاب تبدأ بالعلاج حتى لا يتطور الأمر إلى اكتئاب حاد لكن المجتمع مع الأسف يعتبر هذا الأمر غير مهم وهذا اعتقاد خاطئ والموضوع يحتاج إلى التوعية وتنظيم ندوات طبية للتعريف بخطورة الأمر ويجب إخضاع الشريكين لدورات تأهيلية.