وكالة الأنباء الرسمية تنشر سلسلة من الشهادات الموجعة ** * التفجيرات النووية.. جرح حي بعد أزيد من ستة عقود * السجن الأحمر بفرجيوة.. شاهد على همجية فرنسا * ابن شهيدة: رأيت جنود فرنسا يحرقون أمي وهي حية * قمع مظاهرات 17 أكتوبر.. جريمة كشفت الوجه الحقيقي لفرنسا * سفيان عبد الجليل شرعت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية في نشر سلسلة من الشهادات الموجعة التي توثق جانبا من بشاعة وهمجية الاستعمار الإرهابي الفرنسي للجزائر وهو ما يعد تذكيراً جزائرياً رسمياً لباريس بما فعلته ببلادنا وبالجزائريين طيلة عقود طويلة من الإرهاب الممنهج ويأتي هذا التذكير بالموازاة مع حملة التكالب الإعلامي الفرنسي التي تستهدف الجزائر شعبا وحكومة منذ مدة. وتحتفظ ذاكرة الجزائريين بجرائم مروعة في حق الإنسانية وقد سلطت وكالة الأنباء الجزائرية في برقيات مختلفة الضوء على عيّنة منه مشيرة إلى أن جرائم فرنسا لا تزال آثارها حية في أجساد ونفوس ضحاياها كما هو حال التفجيرات النووية بصحراء الجزائر والتي تحرص فرنسا جاهدة على إبقائها طي الكتمان تجنبا لمسؤولية إبادة سكان عزل دفعت بهم إلى الموت أو العيش بتشوهات دائمة. عندما حوّلت فرنساالجزائريين إلى فئران تجارب! ويتواصل إنكار فرنسا لهذه الإبادة التي تستمر آثارها بعد مرور ما يفوق الستة عقود على اقترافها لها حيث دفع سكان الصحراء الجزائرية ثمن طموح فرنسا المحموم لولوج النادي النووي بتحويلها سكان المنطقة إلى فئران تجارب في جريمة وحشية تمت مع سبق الإصرار والترصد. ففي صباح 13 فيفري 1960 استيقظ سكان رقان على وقع انفجار مهول في عملية سميت ب الجربوع الأزرق تم خلالها تفجير قنبلة بقوة سبعين طنا تجاوزت شدتها بأربعة أضعاف قنبلة هيروشيما التي يعتبرها العالم شاهدا على الجرائم المرتكبة في الإنسانية ورمزا لها. وقد استخدم في هذا التفجير عنصرا البلوتونيوم واليورانيوم اللذان ثبت علميا استمرار إشعاعهما لآلاف وملايير السنين حيث تجاوز أثر التلوث الاشعاعي المنطقة ليبلغ مداه جنوب إفريقيا وحوض المتوسط. وأتبع المحتل الفرنسي جريمته الأولى بعمليات الجربوع الأبيض والأحمر والأخضر ثم تفجيرات نووية أخرى سطحية وباطنية في مناطق امتدت من رقان وتانزروفت والحمودية بأدرار إلى إيكر بتمنراست. وقد حاولت فرنسا الاستعمارية في البداية التكتم على فظاعة ما قامت به بالترويج لمغالطات مفادها أنها استخدمت قنابل نظيفة محدودة الإشعاع تم تفجيرها في مناطق غير آهلة غير أن الواقع كان مخالفا لذلك تماما. فقد تبين بعد وقت ليس بطويل أن ما اقترفته كان محرقة إنسانية وبيئية بكل المقاييس مثلما يؤكده سكان هذه المناطق. جريمة مكتملة الأركان يؤكد العلم الحديث في مجال الأورام السرطانية أن التعرض للإشعاعات النووية يتسبب في18 نوعا من السرطان على الأقل أبرزها سرطانات الثدي والغدد الدرقية والكظرية والتناسلية والنخامية وسرطان الرئة والكبد والقولون والعظام وغيرها. وبالفعل لم يسلم سكان المناطق التي تمت فيها التفجيرات النووية من الإصابة بالعديد من أنواع السرطانات حسب الإحصائيات المقدمة من قبل المؤسسات الاستشفائية بها والتي تشير إلى إحصاء أعداد كبيرة من المصابين بهذه الأمراض الخبيثة وهو الأمر المستمر إلى غاية الساعة. كما أفرزت هذه الإشعاعات أيضا ظهور تشوهات خلقية سواء بالنسبة للبالغين أو الأطفال وحتى الأجنة مع تسجيل تراجع كبير في معدل الخصوبة لدى الساكنة. السجن الأحمر بفرجيوة.. شاهد على همجية فرنسا لا يزال السجن الأحمر بمدينة فرجيوة (غرب ميلة) شاهدا على بشاعة المستعمر الفرنسي وسياسة التعذيب الممنهجة التي مارسها ضد الجزائريين والتي تعتبر جرائم ضد الإنسانية سيظل التاريخ يفضحها. ويعد هذا المعلم التاريخي الذي تحكي جدران زنزاناته روايات وقصص عن معاناة من مروا بها وأذاقتهم فرنسا الاستعمارية على يد جنودها وضباطها ويلات العذاب بل وتفننت في ذلك ما ترك في نفوس من نجوا منه الأثر العميق لمرارة وهول ما لاقوه بداخله. يقول أحد الذين مروا به المجاهد إبراهيم رأس العين البالغ من العمر 85 عاما وابن منطقة عين البيضاء أحريش (غرب ميلة) الذي كان مسؤولا بالناحية الثالثة التابعة للمنطقة الأولى بالولاية الثانية التاريخية أن من حول إلى الحبس الأحمر حول إلى قبره فالداخل إليه مفقود جراء ما ينتظره من أنواع العذاب والخارج منه مولود لأنه نجا من الجحيم على حد تعبيره. وقد اعتقل المجاهد رأس العين وحول إلى هذا السجن عقب اشتباك مع عساكر العدو بمنطقة الربع بفرجيوة أواخر الثورة التحريرية حيث تعرض لإصابة بليغة على مستوى كتفه الأيمن فقد على أثرها وعيه وليجد نفسه بعد أن استفاق بالسجن الأحمر الذي قضى به شهرين داخل زنزانة مظلمة ضيقة جدا قبل أن يتم ترحيله إلى العديد من السجون الأخرى ثم أطلق سراحه قبيل الاستقلال بأيام. فالمجاهد إبراهيم كان يسمع على غرار بقية المجاهدين عما يحدث داخل هذا السجن من عمليات تعذيب شنيعة وقاسية الشيء الذي جعله يتوقع بعد اعتقاله أنه لن ينجو مما سيلقاه إلا أن طريقة التعذيب التي اعتمدت ضده اختلفت عما سمع به حيث قال : تركوني أعاني من الإصابة التي لحقت بي دون تقديم أي علاج لي طيلة فترة تواجدي بالسجن . لكن ما زاد من عذابه النفسي في تلك الفترة هو ترقب الموت في أية لحظة بعد أن علم أنه داخل هذا السجن الذي كان لا ينجو من يدخل إليه. وعاد بذاكرته إلى الوراء بالقول ما يزيد من مخاوف وعذاب المتواجدين بالسجن سماع آهات المعتقلين خلال استنطاقهم أو سماع أحدهم يردد الله أكبر الله أكبر مخبرا عن اقتياده لإعدامه بحيث أن الكثيرين عبروا من السجن الأحمر إلى منطقة كاف الزوابق بالعياضي بارباس التي تبعد بعدة كيلومترات عن مدينة فرجيوة ليتم رميهم هناك في هوة سحيقة تتلقاهم أسفلها الصخور والحجارة التي تقطع أجسادهم إلى أشلاء. ومن بين طرق التعذيب التي مورست هناك بهذا المكان حسب المجاهد إبراهيم رأس العين استعمال الكهرباء لاستنطاق المعذبين وكذا تغطيس رؤوسهم في الماء وأيضا إخراجهم إلى ساحة السجن لتكسير الحجارة والزحف عليها إلى غير ذلك من مختلف أساليب التعذيب التي عكست بحق وحشية القائمين بها وقياداتهم التي أباحت لهم فعل كل شيء للتنكيل بالجزائريين. حصن إيليزي... شاهد يوثق وحشية ممارسات الإرهاب الفرنسي لا يزال حصن إيليزي أو كما كان يسمى سابقا بولينياك يخلد حقبة هامة من تاريخ نضالات سكان الطاسيلي ضد الإستعمار الفرنسي الغاشم من خلال ما يوثقه من مشاهد لممارسات بشعة تعكس وحشية المحتل الذي شيده ليكون مركز اتصال ومراقبة كما استعمله معتقل عسكري كان قد زج فيه عديد المناضلين وأبناء المنطقة خلال فترة الثورة التحريرية المجيدة. وتروي جدران هذا الحصن قصصا مرعبة لأبشع صور تلك الممارسات الوحشية فقد كانت زنزاناته وقاعاته مسرحا لشتى أصناف التعذيب الجسدية في حق رجالات المنطقة الذين وقفوا دفاعا عن الأرض والعرض حسب ما تؤكده شهادات موثقة حول هذا المعلم التاريخي لدى مكتب المحافظة على التراث الثقافي والتاريخي بمديرية المجاهدين بولاية إيليزي. وفي هذا الجانب أوضح المجاهد الحاج جريري سعيد ( 80 سنة) متحدثا لوكالة الأنباء الجزائرية في شهادته وبحسرة بالغة عن بشاعة عمليات التعذيب الجسدية التي كان ينفذها المستعمر الغاشم في أروقة وجنبات هذا الحصن في حق أهالي المنطقة ممن رفضوا الخضوع للنفوذ الفرنسي والذين تعرضوا لشتى أنواع الممارسات اللاإنسانية من تجويع وتنكيل جسدي ونفسي. وأشار المتحدث الذي كان قد التحق بالنضال منذ سن 17 أن شساعة الصحراء وتضاريسها الوعرة دفع بالسلطات الإستعمارية آنذاك إلى تشييد حصون وأبراج مراقبة لفرض هيمنتها على المنطقة بغرض رصد تحركات الثوار العارفين بخبايا الصحراء. وكان حصن إيليزي يمثل بالنسبة للفرنسيين مركزا إستراتيجيا للمراقبة ورصد أي حركة أو هجوم محتمل من طرف القبائل البدوية في صحراء الطاسيلي يضيف المجاهد الحاج جريري. رأيت جنود فرنسا يحرقون أمي وهي حيّة ! توضح جريمة القتل التي اقترفها الجنود الفرنسيون في حق 11 شخصا (8 نساء و3 رجال) حرقا وهم أحياء يوم 29 سبتمبر 1958 بقرية بلغزلي في آيت زلال شرق ولاية تيزي وزو والتي لا تزال راسخة في ذاكرة الساكنة فظاعة جرائم الحرب التي ارتكبت في الجزائر طيلة 132 سنة. فانتقاما منهم لامتناعهم استجابة لنداء جبهة التحرير الوطني عن التصويت في الاستفتاء حول دستور الجمهورية الخامسة الذي يكرس الجزائر الفرنسية دفع هؤلاء النساء والرجال بعضهم كان مسجونا لعدة أشهر والبعض الآخر اعتقل في ذات اليوم ثمن المشاكل السياسية للجنرال ديغول الذي وصل إلى السلطة في ماي من نفس العام. فبعد مرور 62 سنة لا زال الشهود وخلف الضحايا يجدون صعوبة كبيرة في نسيان هذه الجريمة المروعة التي خربت حياتهم وخلفت صدمات في ذاكراتهم على غرار بوسنان أحسن الذي عاش الحادثة عن قرب وحضر قتل أمه أمام اعينيه. فلم يكن قد تجاوز يومها 06 سنوات ولم يكن يفهم ما يحدث لكن صور هذه المأساة التي قلبت حياته رأساً على عقب لا زالت تأبي أن تتلاشى من ذاكرته. ويستذكر بوسنان الواقعة مُتجرعًا غُصَصَ الغيظِ والدمع في وُجنتاه يقول لقد رأيت الجنود الفرنسيين يحرقون والدتي. رأيتهم يرشونهم جميعا بالبنزين ثم أحرقوهم . فقد كان يفتقد أمه الجوهر سعدي التي كانت قد اعتقلت من طرف الجيش الفرنسي وبما أن أخبارا راجت عن سجناء أتى بهم الجنود إلى القرية أرسلته جدته كون الكبار كانوا يخشون الاعتقال للتحقق إذا ما كانت والدته بينهم وهو كله أملاً في رؤيتها . كان ذلك في نهاية النهار أتى الجنود بالأسرى المقيدين بالسلك وزجوا بهم في كوخ معزول عن القرية قبل رشه بالبنزين واقدام أحدهم على إضرام النار فيه لتتعالى أصوات من كانوا بداخله تصيح تحيا الجزائر. لم أعي ما كان يحدث وأردت الذهاب إلى والدتي لكن أحد الجنود أبعدني بواسطة سلاحه يضيف المتحدث. بعد انتهاء ألسنة النيران من حرقهم وانبعاث رائحة عظامهم المتفحمة إلى المناطق المجاورة قام سكان القرية وهم تحت وقع الصدمة بدفن ما تبقى من رفاتهم بنفس المكان بعد مغادرة الجنود. من جهته لا يقوى بلقاسم محند الذي تبدو عليه علامات التأثر لرواية هذه المأساة التي فقد فيها والده على النسيان . فقد كان آنذاك في السابعة عشرة من العمر وخشية من اعتقال مرة أخرى بعد تعرضه للسجن فر إلى مدينة بوفاريك (البليدة) حيث كان يعمل في المزارع وبالتي فإنه لم يعلم بوفاة والده إلا فيما بعد. كان خبر ما حدث صدمة لي ولم يفارق ذهني أبدا يقول بلقاسم مضيفا أن أحد رجال قريتي كان يعمل معي هو من روى لي ما حدث لكنه لم يجرؤ على إخباري عن والدي. فلم أعرف الحقيقة إلا فيما بعد وأنا إلى يومنا هذا أعيش بهذه الذكرى في داخلي . قمع مظاهرات 17 أكتوبر: جريمة كشفت حقيقة فرنسا يعتبر قمع مظاهرات 17 أكتوبر 1961 بباريس واحدة من أبشع جرائم الاستعمار الفرنسي في القرن العشرين بحيث كشف للرأي العام العالمي الوجه الحقيقي للمحتل الذي طالما تغنى بقيم الإنسانية والعدالة حسب شهادات العديد من المؤرخين والباحثين والناشطين في مجال حقوق الإنسان. وأكدت هذه الشهادات أن تلك الأحداث ترجمت إصرار الجزائريين حيثما وجدوا على تحرير بلادهم وأبانت عن أسلوب فريد من نوعه في نضال الشعوب من اجل استقلالها من خلال نقل الثورة إلى عقر دار المحتل. ففي ليلة 17 أكتوبر 1961 وبعد قرابة سنة من مظاهرات 11 ديسمبر 1960 خرج الجزائريونبباريس في مظاهرات سلمية تنديدا بحظر التجول التمييزي الذي فرضه عليهم رئيس الشرطة آنذاك موريس بابون وووجهت بأبشع طرق القمع اذ تم تقتيلهم رميا بالرصاص وهناك من تم إلقاؤهم بنهر السين حتى طفت جثثهم على سطحه فيما تعرض آخرون إلى الضرب حتى الموت أو الشنق في غابة فانسان حسب شهادات عناصر سابقين في الشرطة الفرنسية. ولم تكتف الإدارة الاستعمارية بأعمال القتل بل قامت بتوقيف زهاء 15.000 جزائري وجزائرية خلال تلك الأحداث تم تحويلهم إلى قصر الرياضات وحديقة المعارض وملعب كوبيرتين ليتم اعتقالهم في ظروف مأساوية حيث بقوا لمدة طويلة دون علاج وأكل مثلما أكد محمد غفير المعروف ب موح كليشي الذي كان وقتها مسؤولا عن جبهة التحرير الوطني في منطقة شمال باريس.