يستغلّ البعض حلول شهر رمضان، لا لفعل الخير، والتقرب إلى الله، بل للربح والكسب السريعين، ولو كان ذلك بفضائح زعزعت بعض الأحياء، والأماكن التي من المفروض أن تكون رمزا لهوية، وتاريخ، والاستقلال، إن كانت تنفع لشيء أصلا، ولكنها تحوّلت إلى المكان المفضل، للمنحرفين، والشواذ، وطالبي المتعة في رمضان. مصطفى مهدي هذا ما يحدث في بعض الأماكن في العاصمة... ليست "ديكيات" في الخفاء، ولا خيمات حقيرة تنشط في الليل، وبعيدا عن الأنظار، ولكن خيمات تقام هنا وهناك لتتحوّل إلى ما يشبه بيوت المواعيد الغرامية، على غرار خيمة سيدي يحيى، والتي تقيم حفلات ساهرة، بأغاني "الكباريهات" وديجيات ينشطونها، و"تبراح" ودعارة، ولقاءات لإقامة مواعيد بين الزبائن، وغيرها مما اعتدنا أن نراه في مواطن الفسق، وهو الأمر الذي أثار دهشتنا، ونحن ندخل المكان لنتحقق مما قيل لنا، وبالفعل، كانت دهشتنا كبيرة، ونحن نرى تلك المشاهد التي تهز البدن، كيف لا، وهي أمكنة للفسق والجنون والدعارة والمجون، حيث كان هناك ديجي، وزبائن جاؤوا، لا ليستمعوا إلى موسيقى طبعا، ولكن للتحرر من القيود الذي فرضها عليهم رمضان في النهار، كما في الليل، وممارسة كل ما امتنعوا عنه، أمّا المشروبات، فرغم أنه لم تكن تقدم الخمر علنا، إلاّ أنّ بعض المشروبات المقدمة المشبوهة المقدمة كانت توحي يغير ذلك، وكذا تلك القاعات الخاصّة، والتي خُصّصت لزبائن من نوع خاص، زبائن ربما يفعلون كلّ شيء، وأي شيء، ولم تلك الخيمة الوحيدة من نوعها، بل خيمات أخرى كثيرة تقدم للزبائن الحرية المنشودة، وتحوّل سهرات رمضان، من سهرات للتقوى والعبادة، أو كان من المفروض أن تكون كذلك، بالنسبة للشعب الجزائري المسلم، تحولها إلى سهرات للمجون والعربدة، أما خيمة حديقة التسلية بابن عكنون فهي الأخرى، تحوّلت أو تكاد إلى مكان للتسلية، وللسهرات الطائشة، بحضور مغنين في غالب الأحيان، ولكنّ الزبائن لا يتحرجون من القيام ببعض التصرفات المشينة، وإقامة المواعيد الغرامية، وغيرها، يقول لنا يونس، والذي اتجه إلى الخيمة المذكورة لكي يستمع إلى مغني يحبه، ورغم أنه وجد في ذلك إحراجا، خاصّة وأنه لم يعتد على ارتياد تلك الأماكن، إلاّ أنّه حسب أنها عائلية، ولكنها فوجئ ببعض التصرفات التي جعلته يغير رأيه، حتى قبل بداية الحفل، ورغم أنه دفع التذكرة، أي مبلغ مائة وخمسين دينارا، إلاّ أنه عاد وخرج، لاعناً الحفل والقائمين عليه، وكذلك يحدث في خيمة مقام الشهيد، والذي شيد لكي يكون رمزا وطنيا، لا مكانا يلتقي فيه طالبو المتعة، حيث أنّ مظاهر العري والمجون، هي المنظر العام الذي يطبعه، والذي جعلنا نتساءل، ألا توجد رقابة على مثل تلك الأماكن؟ حتى لا نتساءل عن الضمير، لأنه مات لدى البعض، أو يكاد.