أين يقضي الأطفال السهرات؟ هو السؤال الذي يتجاهله الكثير من الأولياء الذين يتجهون بعد الإفطار إلى المساجد ليصلّوا، تاركين أبناءهم للشارع، ولبعض المظاهر السيئة، بين قاعات الألعاب، والمحشاشات· ما إن تمر بالأحياء العاصمية حتى تجد الكثير من الأطفال، وقد اتخذ كل واحد، أو كل مجموعة منهم، اتخذت لها طريقة لتمضية الوقت، واللعب، وإمضاء سهراتها، ولكن قد تكون تلك الطرق غاية في الخطورة، وليست إلاّ مظاهر سيئة، وعوض أن يهتم الأولياء بالأماكن التي يقضي فيها أبناؤها أوقاتهم، فإنهم يتجهون، أو يتجه الكثير منهم إلى أداء صلاة التراويح، تاركين الأبناء في الحي، بحجة أنهم لا يزالون صغارا، وهو الأمر الذي كان يمكن أن يكون فرصة للاستثمار فيهم، بأن يعودوهم على دخول المساجد والصلاة، لا أن يتركوهم يتعودون على مظاهر قد تغير سيرتهم تماما، فلا ينفع إصلاحهم بعد ذلك، كما يحدث في قاعات الألعاب، وتلك المخصّصة لألعاب (البلايستايشن) والتي يلتقي فيها أطفال من مختلف الأعمار، ويلتقي فيها الصالح والطالح، بل وهناك بعض المظاهر التي تتربص بالأطفال، مثل المخدرات التي تنتشر بينهم، أي بين أطفال قد لا يجاوز سنهم الحادية عشرة، وخاصة في الأحياء الشعبية والفقيرة، على غرار حي بني مسوس، والذي قال لنا السيد بوعلام عنه إنه يضم الكثير من الآفات، والتي كاد يذهب ضحيتها ابنه صاحب الثانية عشرة من عمره، الذي كان يرتاد إحدى تلك القاعات، وقد تعلم فيها كل شيء·· سيء، من التدخين إلى الشجار، وتعاطي المخدرات، وتعرّف فيها على أصدقاء السوء، وخالطهم حتى خارج القاعة، كل هذا حدث في قاعة لا تتعدى مساحتها الأمتار المربعة، وكان بوعلام مخطئا إذ كان يدفع لابنه النقود لكي يرتاد تلك الأماكن السيئة، ولكنه تدارك في الأخير، بعد ما بدا له من ابنه كلّ تلك السيئات، فمنع عنه تلك الأماكن، وصار يصطحبه في ليالي رمضان معه إلى المسجد، أمّا السيد نسيم، فهو الآخر فوجئ بابنه صاحب الرابعة عشر، يرتاد الخيمات المشبوهة، لكي يبيع السجائر، وهو الأمر الذي علمه من جاره، حيث أنّ البعض رأوه في خيمة مشبوهة تفتح في السهرة الرمضانية، وتوّفر للزبائن كل ما حرموا منه خلال النهار، فكان أن انتشله بسرعة من تلك المواطن، يقول: (لم أصدق ما سمعته من أمر ابني، لقد تحولت إلى وحش هائج، ولم أجد نفسي إلا وأنا أضيع صلاة تلك الليلة لكي أرى بنفسي المكان الذي كان يرتاده، وكم كانت دهشتي كبيرة عندما رأيته يبيع السجائر لبعض الزبائن في مكان مقرف، لم أكن أعلم حتى أن مثله يمكن أن يوجد في عز شهر رمضان، لقد صدمت، بصراحة)· نفس ما قاله لنا حسام عن أخيه الأصغر والذي اكتشف أنه يبيع المياه المعدنية في شاطئ السمكة والذي تحول إلى قبلة للعشاق في سهرات رمضان، وإلى كل المظاهر السيئة، وهي الصور التي يمكنها أن تصدم طفلا صغيرا، وتشكل له خللا حقيقيا·