وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ هذه قصة أقوام أهلكهم الله بالعذاب بسبب المعصية تعددت الآيات المؤكدة على التوبة والاستغفار في القرآن الكريم حرصًا من الله عز وجل على إنقاذ الإنسان وسعادته في الدارين الدنيا والأخرة فقال تعالى: ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَل مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْل فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْم كَبِير ﴾ هود: 3. كما أن الله عز وجل جعل التوبة والاستغفار سببا من أسباب الرزق وفتح الأواب المغلقة فقال تعالى: ﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ﴾ [هود: 52] وقوله: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا﴾ [نوح: 10] وقوله: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾ [طه: 82] وقوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [القصص: 16] وقوله: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾.الأنفال: 33. فبسبب الذنوب والمعاصي لقيت كثير من الأمم السابقة حتفها فالمعصية هي السبب الرئيس للشقاء في الدنيا والأخرة ولقد أخبر الله سبحانه بما عاقب به أهل المعاصي والذنوب من الأمم السابقة وهم كثير وذكرهم القرآن الكريم في مواضع متعددة ومنهم: *قوم نوح قوم نوح عليه السلام قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَة إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ﴾ [العنكبوت: 14] وقال تعالى: ﴿قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا﴾ [نوح: 21] وقال: ﴿وَقَوْمَ نُوح مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ [الذاريات: 46] وقال تعالى: ﴿وَقَوْمَ نُوح مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى﴾ النجم: 52. ونتيجة عصيان قوم نوح وفسقهم وظلمهم وطغيانهم أهلكهم الله تعالى بالطوفان قال تعالى: ﴿وَقَوْمَ نُوح لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا﴾.الفرقان: 37. وهناك قوم عاد ونبيهم هود عليه السلام فأخبر الله تعالى بقوله: ﴿وَإِلَى عَاد أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾ [الأعراف: 65] وقال تعالى: ﴿وَإِلَى عَاد أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ﴾ [هود: 50] وقال تعالى: ﴿وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّار عَنِيد ﴾ [هود: 59] وقال: ﴿كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء: 123] وقال تعالى: ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾ فصلت: 15. ونتيجة جحودهم وعصيانهم وتكذيبهم واستكبارهم في الأرض بغير الحق كان جزاؤهم أن أرسل الله عليهم الريح العقيم قال تعالى: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّام نَحِسَات لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ﴾ [فصلت: 16] وقال تعالى: ﴿وَفِي عَاد إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِنْ شَيْء أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ﴾ [الذاريات: 41 42] وقوله تعالى: ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيح صَرْصَر عَاتِيَة ﴾ الحاقة: 6. *قوم ثمود وأيضا من الأقوام التي لاقت حتفها بسبب المعصية قوم ثمود ونبيهم صالح عليه السلام قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ﴾ [النمل: 45] وسمَّى الله تعالى قوم ثمود أصحاب الحجر قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ * وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ﴾ [الحجر: 80 81] ثم قال الله تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ﴾ [هود: 68] وقال تعالى: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ﴾ الشعراء: 141. ونتيجة كفرهم وتكذيبهم وإعراضهم عن الله تعالى أخذهم سبحانه تعالى بأنواع شتى من العذاب قال تعالى: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [فصلت: 17] وقال: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ﴾ [القمر: 31] وقال تعالى: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ الأعراف: 78. ومن أشد الأمم عذابا كان هناك قوم لوط عليه السلام فقال الله تعالى فيهم: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ [النمل: 54 55] وقال تعالى: ﴿أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ﴾ الشعراء: 165 166. ولتكذيبهم للرسل وتعديهم الصارخ على محارم الله تعالى أهلكهم الله سبحانه بأنواع من العذاب قال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيل مَنْضُود ﴾ [هود: 82] وقال تعالى: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ * فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيل ﴾ [الحجر: 73 74] وقال تعالى: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوط بِالنُّذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوط نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَر ﴾ القمر: 33 34. لذلك يجب ألا يتجاهل الإنسان مصائر هذه الأمم التي هلكت بسبب عصيانها وألا يغيب عن الأذهان مطلقًا أن ما يصيب الإنسان من خير أو شر فكل ذلك بِقَدَر الله تعالى ومصداق ذلك قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ النساء: 78. كما يجب ألَّا يغيب عن الأذهان أنه قد يقع بالإنسان بلاء ولا يكون سببه المعاصي والذنوب وإنما يكون لزيادة قُرب المبتلى من الله تعالى وتعظيم الأجر له ولذلك نجد الأنبياء هم أشد الناس بلاءً مع عصمتهم من الوقوع في المعاصي والذنوب وفي الحديث الشريف سُئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الناس أشدُّ بلاءً فقال صلى الله عليه وسلم: ((الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل)).