أزمة السكن من بين المشاكل التي صارت تنخر جسد المجتمع الجزائري، حيث تؤدي في الغالب إلى أزمات أخرى لا تقل خطورة، تؤدي إلى الفقر، وتشرد الأطفال، وتسب العنوسة، والمرض، وغيرها، والحل، في نظر البعض، في الآونة الأخيرة أن يحتج على عدم منحه سكنا، وذلك بوضع خيم وسط الشارع، هذه الظاهرة من الاحتجاج التي ارتفعت في السنوات الأخيرة، هل هي وليدة الحاجة الملحة؟ أو هي الطريقة الوحيدة للفت انتباه السلطات؟ أجل، في كثير من الأحياء في العاصمة صرنا نشاهد تلك الخيم التي تنصب، ويتخذها البعض بيوتا لهم، وهم الذين حُرموا من سقف يأويهم، فهل صار الحل الوحيد في تلك الخيم؟ هو سؤال طرحناه على بعض تلك الأسر، فكانت الإجابة أن نعم، وكانت الإجابة أيضا أن السلطات، او بعض القائمين على البلديات لا يسمعون إلى شكاويهم، وإنهم اضطروا إلى الخروج إلى الشارع، تماما مثلما حدث مع عائلة بلبشير، الساكنة منذ أربع سنوات في حي الشهيد مختاري علي ببوزريعة، يقول لنا أب أسرة مكونة من خمسة أفراد، الأب والأم وأطفال ثلاثة، 8، 17 و19 سنة: "لقد وضعت هذه الخيمة، وجاءت الصحافة وتحدثت معي، ولم يحدث شيئ، ولم تطرق السلطات بيتي، و لم يحدثني أحد، ربما هذا يجعلك تأكد أنه لم لو أفعل هذا لما شعر أحد بوجودي". وأضاف:"منذ أن طُردت من السكن الذي كنت فيه بعدما عجزت عن تسديد إيجاره لم أجد إلا هذه الخيمة لأسكن بها، صحيح ربما هناك من يفعل هذا للفت الانتباه فقط، وقد لا يكون محتاجا، ولكن بالنسبة لي فان ضميري مرتاح، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يمكنهم البحث فيما إذا كنت املك مكانا آخر الجأ إليه، فسيعلمون أنني لا املك شيئا، ثمّ إنهم لم ينتظروا أن نقيم خيما؟ لقد سكنت هنا مدّة سنوات، ولم ينظر إلى حالي أحد". عائلة عشير، من جهتها تعاني الأمرين، هي التي نصبت خيمة في حي راق، ولكن حالتهم أسوأ من حيث أنّ الأسرة الصغيرة مكونة من الأم، وثلاثة بنات، إحداهن بلغت الثالثة عشر، أي أنه لا رجل معهن يحميهن، تقول الأم: "كنت اسكن مع زوجي في بيت أسرته، قبل أن ينفصل عني، ويرحل إلى اسبانيا، ثم تطردني أمه من البيت، فلا استطيع الحصول على نفقة، وقد ترجيت أمه أن تتركني ولو لأسابيع ريثما أجد مكانا الجأ إليه، ولكنها لم تفعل وطردتني، وهو الأمر الذي دفعني مضطرة إلى أن أنصّب خيمة في الشارع، وعلى طريق يمر بها الناس". وعن الخطر الذي يمكن أن يتهددهم تقول: "لحسن الحظ أنّنا في حي نعرف سكانه ويعرفوننا، ولقد اقترح بعضُهم علينا أن نسكن معهم، ولكن هذا غير مقبول، وان فعلنا فإلى متى؟ إن كانت السلطات المعنية لا تهتم لأمرنا أصلا".