العربية بالجزائر في دارها وبين أنصارها اللغة هي التاريخ وهي الجغرافية.. الشيخ أبو إسماعيل خليفة إن اللغة العربية هي شعار الإيمان و لغة القرآن الكريم فقد اختارها الله عز وجل عن سائر اللغات لتكون لغة كتابه ووعاء شريعته الحفاظ على اللغة العربية والاهتمام بها يعتبر من مهام المسلمين الأولى التي يجب الاهتمام بها لارتباطها بلغه القرآن الكريم وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. إن اللغة العربية أيها المباركون ليست مهمّة للتخاطب وفقط فذلك أمر تشترك فيه جميع اللغات ولكنها شعيرة تمارس بروح الشعيرة وتُطلب بروح الفريضة.. فهل يعقلون؟!. إن اللغة العربية أيها المباركون هي التأريخ وهي الجغرافيا اللغة معلم بارز في تحديد الهوية وإثبات الذات فكيف إذا كانت هذه اللغة هي لغة القرآن ولسان الإسلام؟!. إن اللغة العربية-كما يقول الشيخ البشير رحمه الله- في الجزائر ليست غريبة ولا دخيلة بل هي في دارها وبين حماتها وأنصارها وهي ممتدة الجذور مع الماضي مشتدة الأواخي مع الحاضر طويلة الأفنان في المستقبل ممتدة مع الماضي لأنها دخلت هذا الوطن مع الإسلام على ألسنة الفاتحين. إلى أن يقول رحمه الله: ومن ذلك الحين بدأت تتغلغل في النفوس وتنساغ في الألسنة واللهوات وتناسب بين الشفاه والأفواه يزيدها طيبًا وعذوية أن القرآن بها يتلى وأن الصلوات بها تبدأ وتختم . وإنْ كان في اليوم 18 من ديسمبر من كل عام يحتفي العالم باللغة العربية باعتبارها إحدى اللغات الرسمية العالمية وإحدى أكثر اللغات انتشارًا في العالم وهي لغة الفصاحة والبلاغة والبيان ولغة المفردات الجميلة. لكنها للأسف.. تعانِي من أبنائها إهمالا شنيعا وأخطارا رهيبة من قِبَل أعدائها ومؤامرات منسوجة نسجًا دقيقًا مُحْكَمًا ماكرًا من قِبَلهم صدورًا عن الذهنيّة الاستعماريّة أو الشعوبيّة المُنْتِنَة والمتحدثين وراء الميكروفونات لا يبالون بل يخلطون المصطلحات الأجنبية والألفاظ العامية باللغة العربية والجميع يعلم أن حشو هذه المصطلحات لا ينمّ عن فقر اللغة العربية بالمعاني والمفردات وإنما ينمّ عن ادعاء مظهري وثقافي وحضاري. حقّا: إذا أنت لم تعرف لنفسك حقها * هوانا بها كانت على الناس أهونا كان الحسن بن أبي الحسن-من التابعين-إذا عثَر لسانه بشيء من اللحن قال: أستغفر الله فسئل في ذلك فقال: مَن أخطأ فيها - أي في العربية - فقد كذب على العرب ومن كذب فقد عمل سوءً والله - عز وجل - يقول: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا . النساء: 110. وقال سيدنا عمر رضي الله عنه: تعلموا العربية فإنها من الدين . ويقول شعبة رحمه الله: تعلموا العربية فإنها تزيد في العقل . وروي أن كاتباً كتب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه خطابا لعمر فبدأه بقوله: من (أبو) موسى فكتبَ إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن اضرِبه سوطا واستبدله بغيره . وكان الحسن البصريُّ رحمه الله يقول: ربما دعوتُ فلَحَنتُ فأخافُ أن لا يُستجابَ لي . وسمع الأعمش رجلا يلحن في كلامه فقال: من الذي يتكلَّم وقلبي منه يتألَّم . ولهذا كان عبد الملك بن مروان يقول: أصلحوا ألسنتكم فإن المرء تنوبه النائبة فيستعير الثوب والدابة ولا يمكنه أن يستعير اللسان وجمال الرجل فصاحته . ورحم الله الشاعر حافظ إبراهيم إذ يقول على لسانها: رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي * وناديت قومي فاحتسبت حياتي رموني بعقم في الشباب وليتني * عقمت فلم أجزع لقول عداتي وسعت كتاب الله لفظًا وغاية * وما ضقت عن آي به وعظات فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة * وتنسيق أسماء لمخترعات أنا البحر في أحشائه الدر كامن * فهل سألوا الغواص عن صدفاتي وهل يعلم أبناء اللغة العربية أن القانون الفرنسي يعاقب من يحاضر أو يكتب ويستخدم كلمة أجنبية مع وجود مرادف فرنسي لها بدفع غرامة قدرها 3500 دولار. وقانون لزوم الفرنسية الذي صدر عام 1994 من جملة ما نص عليه منع أي مواطن من استخدام ألفاظ أو عبارات أجنبية مادامت هناك مرادفات مقابلة لها في الفرنسية. ونحن للأسف نفرح ونهلل لأطفالنا إذا نطقوا لغة الأجانب وفي هذا فتح لباب اقتباس ثقافة القوم وعاداتهم فلغة الأمة– يا غفر الله لي ولكم- ميزان دقيق ومعيار أساس في حفظ الهوية فهي شريان الأمة ومصدر القوة والعزة وإذا أضاعت أمة لسانها أضاعت تاريخها وحضارتها كما تضيع حاضرها ومستقبلها أفلا يدعونا هذا إلى الغيرة على لغتنا العربية فنتخذ تدابير شاملة لوقايتها من العثرات مع يقيننا بأن اللغة العربية محفوظة لأنها لغة القرآن الكريم... قال الإمام اللغوي الأدبي أبو منصور الثعالبي: من أحب الله تعالى أحب رسوله سيد الورى في الآخرة والأولى ومن أحب الرسول النبي صلى الله عليه وسلم أحب لغته اللسانَ العربي ومن أحب العربية اعتنى بها وثابر عليها وصرف همته إليها .... ألا إن لغتكم هي لغة القرآن لها قدسية منفردة عن سائل اللغات استوعبت شريعة الله وتعاليمه أفلا تكون قادرة على حمل أمتعة دنياكم.. فخذوا زمام الضاد بأيديكم.. واعرفوا قدركم وتذكروا مسؤوليتكم ودافعوا عن لغتكم واشكروا الله على هذه النعمة الجمة شكرًا يزل الغمة ويشحذ الهمّة لتظفروا بالغنم والكرامة في الدنيا ودار الخلد والمقامة. فاللّهم حبب إلينا لغة القرآن وأعنا على المحافظة عليها وارزقنا فهم كتابك والعمل به وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..