ردّ بقوة على التصريحات العدائية الفرنسية.. الرئيس تبّون: الجزائر ستصبح بلداً ناشئاً خلال عامين لا أنوي الخلود في السلطة س. إبراهيم أدلى رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون بحوار لجريدة لوبينيون (l Opinion) الفرنسية تطرق فيه إلى العلاقات مع فرنسا وعدد من المسائل الوطنية والدولية الراهنة وقال رئيس الجمهورية في هذا الحوار: حذّرت الرئيس ماكرون أنه سيرتكب خطأ فادحا في قضية الصحراء الغربية . رئيس الجمهورية صرّح في سياق آخر: الجزائر ستكون على استعداد لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل في اليوم ذاته الذي ستكون فيه دولة فلسطينية كاملة . من جهة أخرى أكد رئيس الجمهورية بالقول: ليس لدي أي نية للبقاء في السلطة وسأحترم الدستور الجزائري . 3.5 مليون سكن أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون أن الجزائر ستصبح بلدا ناشئا بمستوى دول جنوب أوروبا على الأرجح خلال عامين مشددا على أن البلاد ليست بحاجة إلى المساعدات الفرنسية الخاصة بالتنمية والتي لا تخدم سوى مصالح فرنسا . وقال رئيس الجمهورية: بمشيئة الله ربما في غضون عامين كحد أقصى ستصبح الجزائر بلدا ناشئا بمستوى دول جنوب أوروبا مع ناتج داخلي خام يتجاوز 400 مليار دولار . وأضاف أنه مع بداية 2027 على أقصى تقدير سنكون قد استكملنا تنفيذ برنامجنا لإنجاز 3.5 مليون وحدة سكنية –وقد تم بالفعل تسليم مليوني وحدة منها- وسنكون قد انتهينا أيضا من مشكلة المياه كما سنكون قد خفضنا استيراد المواد الأولية لمصانعنا. فهدفنا يتمثل في تصنيع أكبر عدد ممكن من المنتجات محليا. وسنصبح من بين أكبر الدول المصدرة للفوسفات ومشتقاته. كما سنعمل على تطوير الطاقة الشمسية وإنتاج الهيدروجين الأخضر وهو مورد جديد سيعزز جاذبية الجزائر الصناعية . وأوضح رئيس الجمهورية أن هذه الإستراتيجية ستمكننا أيضا من زيادة قدرتنا على تزويد أوروبا بالطاقة مشيرا إلى أن الجزائر تعمل كذلك على تعزيز أمنها الغذائي وتعبئة المزيد من الموارد المائية. المساعدات الفرنسية للتنمية؟ وردا على سؤال بخصوص المساعدات الفرنسية للتنمية المقدمة للجزائر وإمكانية إلغائها اعتبر رئيس الجمهورية أن أي دعوة لإلغاء هذه المساعدات تعكس ببساطة جهلا عميقا بالجزائر . وقال في هذا الصدد إنها تتراوح بين 20 و30 مليون دولار سنويا بينما تبلغ ميزانية الدولة الجزائرية 130 مليار دولار وليس لدينا ديون خارجية . كما ذكر بأنّ الجزائر تمول سنويا 6 آلاف منحة دراسية لفائدة الطلبة الأفارقة علاوة على طريق يربط الجزائر بموريتانيا بتكلفة تفوق مليار دولار كما قامت مؤخرا بإلغاء ديون قيمتها 4ر1 مليار دولار لصالح 12 دولة إفريقية . وأكد رئيس الجمهورية بوضوح أن الجزائر ليست بحاجة إلى هذه المساعدات التي لا تخدم في الحقيقة سوى المصالح الفرنسية. وقال بحزم لسنا بحاجة إلى هذه الأموال التي تخدم قبل كل شيء المصالح الخارجية لفرنسا . وردا عن سؤال يتعلق بالتعاون الاقتصادي مع الصين أوضح رئيس الجمهورية أن الصينيين يهتمون بعدة قطاعات نشاط (في الجزائر) انطلاقا من أحدث التكنولوجيات إلى الإلكترونيات مرورا بالتكنولوجيا الرقمية وبطاريات الليثيوم حيث أننا نمتلك هذه المادة الأولية . وذكر في هذا الصدد بأنّ المتعاملين الصينيين جاؤوا في البداية لبناء مساكن ما أثار استياء المجموعات الفرنسية على غرار بويج الذي كان مهتما بصفقة جامع الجزائر. وقال في هذا الصدد: لقد قدم الصينيون أفضل العروض بأقصر الآجال ونحن راضون عن خدماتهم . كما أشاد رئيس الجمهورية بالتعاون مع إيطاليا التي كانت دائما شريكا موثوقا للغاية . وأردف قائلا: أصدقاؤنا الإيطاليون ذوو نوايا حسنة. نحن نساعد بعضنا البعض وإيطاليا تعزز مواقعها الاقتصادية كل سنة . مراجعة اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وردا عن سؤال حول الأسباب التي دفعت الجزائر إلى طلب مراجعة اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي أوضح رئيس الجمهورية أن هذا الطلب يمليه حرص البلاد التي تزخر بإنتاج صناعي متنوع على رؤية صادراتها تلج السوق الأوروبية بشروط تفضيلية. وأضاف أن طموحنا في مجال التصدير يتعزز: في سنة 2005 لم يكن لدينا إنتاج يذكر عدا المحروقات. اليوم لدينا إنتاج صناعي وطني . وأوضح رئيس الجمهورية في هذا الصدد أن جميع الأجهزة الكهرو-منزلية جزائرية. وتدر زراعتنا وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة 37 مليار دولار سنويا. ونحن نصدر المنتجات البقولية إلى تونس وموريتانيا والشرق الأوسط ملحا على ضرورة مراجعة الاتفاقية لكي تتمكن منتجاتنا الفلاحية وفولاذنا من ولوج السوق الأوروبية بشروط تفضيلية . التفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون أن تسوية القضايا المتعلقة بالتفجيرات النووية وباستخدام الأسلحة الكيميائية من طرف فرنسا في جنوبالجزائر مسألة ضرورية لاستئناف التعاون الثنائي داعيا إلى تسوية نهائية لهذه الخلافات. وقال رئيس الجمهورية: إن ملف تنظيف مواقع التجارب النووية ضروري وواجب إنساني وأخلاقي وسياسي وعسكري. كان بإمكاننا القيام بذلك مع الأمريكيين أو الروسيين أو الإندونيسيين أو الصينيين لكن نرى أن الجزائر يجب أن تقوم بذلك مع فرنسا التي يجب أن تخبرنا بدقة عن المناطق التي أجرت فيها هذه التجارب وأين دُفنت المواد . وأشار في نفس السياق إلى مسألة الأسلحة الكيميائية التي استخدمت في واد الناموس . وبعدما ذكر بأنّه بدأ مسيرته المهنية في ولاية بشار أشار رئيس الجمهورية إلى أنه في بداية السبعينات كنا نتلقى تقريبا كل أسبوع شكاوى من مربي المواشي حول نفوق ماشيتهم مشددا على ضرورة عدم تجاهل الملف وتسوية هذه الخلافات بشكل نهائي . التصريحات العدائية لسياسيين فرنسيين خلقت مناخا ساما أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون أن التصريحات العدائية التي أدلى بها سياسيون فرنسيون ضد الجزائر قد خلقت مناخا ساما أدى إلى تدهور العلاقات الجزائرية-الفرنسية. وقال رئيس الجمهورية: المناخ سام ونحن نضيع الوقت مع الرئيس (إيمانويل) ماكرون. وقد كانت لنا آمال كبيرة في تجاوز الخلافات المتعلقة بالذاكرة ولهذا السبب أنشأنا بمبادرة مني لجنة مشتركة لكتابة هذا التاريخ الذي لا يزال يشكل مصدر ألم لنا . وأضاف قائلا: قصد جعل هذا الملف غير مسيس استقبلت مرتين المؤرخ بنجامين ستورا الذي أكن له خالص التقدير ويقوم بعمل جاد رفقة زملائه الفرنسيين والجزائريين استنادا إلى مختلف الأرشيفات رغم أنني أأسف لعدم التعمق بما فيه الكفاية في الأمور . كما ذكر رئيس الجمهورية أنه وضع خريطة طريق طموحة بعد زيارة الرئيس ماكرون في أغسطس 2022 التي تلتها زيارة إليزابيث بورن الوزيرة الأولى آنذاك التي وصفها ب المرأة الكفؤة التي تتحكم في ملفاتها مضيفا: لكن لم يتم إحراز أي تقدم باستثناء العلاقات التجارية . وفي هذا الصدد أكد أن الحوار السياسي شبه منقطع مشيرا إلى التصريحات العدائية التي يدلي بها سياسيون فرنسيون يوميا على غرار تصريحات النائب عن نيس إيريك سيوتي وعضو التجمع الوطني (جوردان بارديلا). وأردف قائلا: هؤلاء الأشخاص يطمحون يوما ما إلى حكم فرنسا. شخصيا أميز بين غالبية الفرنسيين وأقلية من قواها الرجعية ولن أسيء أبدا إلى بلدكم. في نفس السياق تساءل رئيس الجمهورية عن الطريقة التي ستتصرف بها السيدة لوبان إذا وصلت إلى السلطة: هل ترغب في تنفيذ عملية شبيهة بحملة فيل ديف ؟ هل تنوي تجميع جميع الجزائريين قبل ترحيلهم؟ وعند سؤاله عن استعداده لاستئناف الحوار بشرط وجود تصريحات سياسية قوية أجاب رئيس الجمهورية: بالطبع. لست من ينبغي عليه الإدلاء بها. بالنسبة لي الجمهورية الفرنسية أولا وقبل كل شيء هي رئيسها . هناك مثقفون وسياسيون نحترمهم في فرنسا كما أفصح رئيس الجمهورية قائلا: هناك مثقفون وسياسيون نحترمهم في فرنسا أمثال جان بيير شوفنمان جان بيير رافاران وسيغولين رويال ودومينيك دو فيلبان الذي يحظى بسمعة طيبة في جميع أنحاء العالم العربي لأنه يعكس نوعا ما صورة فرنسا التي كان لها وزنها مضيفا أنه يجب أيضا أن يُسمح لهم بالتعبير عن آرائهم. ولا ينبغي السماح لأولئك الذين يزعمون أنهم صحفيون بمقاطعتهم وإهانتهم خصوصا في وسائل الإعلام التابعة لفانسان بولوريه التي يبدو أن مهمتها اليومية تتمثل في تشويه صورة الجزائر. وأكد رئيس الجمهورية ليس لدينا أي مشكلة مع وسائل الإعلام الأخرى سواء كانت تابعة للقطاع العام أو الخاص . من جهة أخرى وردا على سؤال حول انتقاد عدة شخصيات سياسية فرنسية لاتفاقيات 1968 اعتبر رئيس الجمهورية أن الأمر يتعلق بقضية مبدأ . وتساءل في هذا الصدد: لا يمكنني أن أساير كل النزوات. لماذا نلغي هذا النص الذي تمت مراجعته في 1985 و1994 و2001؟ . وأوضح في هذا السياق أن بعض السياسيين يتخذون من التشكيك في هذه الاتفاقيات ذريعة للتهجم على اتفاقيات إيفيان التي نظمت علاقاتنا في نهاية الحرب. فاتفاقيات 1968 ليست سوى قوقعة فارغة لحشد المتطرفين كما كان الحال في زمن بيير بوجاد . وبشأن تأثير الجزائر على مستوى مسجد باريس الكبير أشار رئيس الجمهورية إلى أن الدولة الجزائرية لم ترغب في ترك جمعيات مشبوهة تتغلغل في المسجد الكبير وكانت دائما تتكفل بصيانته . كما ذكر أنه عندما كان وزيرا للاتصال والثقافة كان قد أقر هذه المساعدات التي تستخدم خصوصا في ترميم المباني موضحا أن فرنسا الرسمية لم تبدِ أي اعتراض وكانت تلبي الدعوات التي يوجهها عميد المسجد بانتظام . وأكد بقوله إن المسجد الكبير ليس مكتبا دعائيا وأن العميد الحالي شمس الدين حفيز قد اختير بالتشاور مع سلفه دليل بوبكر والدولة الفرنسية . ليس لدي النية للخلود في السلطة أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون أنه لا ينوي البقاء في السلطة بعد انتهاء عهدته الثانية وأنه سيحترم الدستور ملتزما بترك بنية تحتية جديدة وورشات كبرى وإصلاح للنظام السياسي. وقال رئيس الجمهورية في حوار خص به جريدة لوبينيون (l Opinion) الفرنسية: عند وصولي إلى سدة الحكم كان من الضروري إعادة بناء المؤسسات في وقت قصير جدا ورغم أن الأزمة الصحية صعبت الأمر أكثر إلا أننا أوفينا بالتزاماتنا وقمنا بمراجعة الدستور . وأوضح بالقول تعد هذه العهدة الثانية عهدة استكمال الورشات الكبرى التي انطلقت منذ 2020 مضيفا مررنا بمراحل صعبة –من العشرية السوداء إلى نهاية عهدة الرئيس بوتفليقة ثم الحراك- كادت أن تعصف بالبلد . وفي رده على سؤال حول التطورات السياسية والمؤسساتية المنتظرة في هذه العهدة الثانية ذكر رئيس الجمهورية أنه يستقبل فعلا مختلف التشكيلات السياسية . وأضاف: سنتوصل إلى إجماع من أجل إصلاح قانون الأحزاب ونظام الانتخابات وقانوني البلدية والولاية كما سنعزز اقتصاد هذه المناطق من خلال إنشاء بنك للجماعات المحلية . وفي رده على سؤال حول الإرث الذي يرغب في تركه للجزائر عند نهاية عهدته أكد رئيس الجمهورية: ليس لدي أي نية للبقاء في السلطة وسأحترم الدستور (الذي يحدد عهدتين رئاسيتين فقط) ملتزما بترك بنية تحتية جديدة وورشات كبرى وإصلاح للنظام السياسي مضيفا حتى لو لم أتمكن من تحقيق كل شيء سيكون لي الفضل في أن أظهر للجزائريين أن ذلك كان ممكنا وستكون الطريق ممهدة وعلى الأجيال القادمة إتمام العمل .