كثيرا ما يجد التلاميذ صعوبة، او ثقلا في الالتحاق بالمدارس، خاصّة في الأطوار الأولى، لكن البعض يذهبون إلى ابعد من ذلك، فلا يتوانون عن الهروب من مقاعد الدراسة، قبل أن تنتهي ساعات الدرس، و هو الأمر الذي يحير الأستاذ والولي معا، من حيث أنها ظاهرة تدل على استثقال التلميذ للدراسة. مهدي عادة ما يكون غياب الوعي هو من يجعل الطفل قادرا على فعل أي شيء حتى يتخلص من تلك الساعات التي ألقيت على كاهله، والتي لا يعلم ما جدواها وأهميتها، لهذا تجده يشوش في المدرسة وينام ولا يركز، ويفعل كل شيء من شانه أن ينسيه ثقل ساعات الدرس، ويفعل آخرون أكثر من ذلك، إذ يقومون بالهرب بعدما يوهمون أولياءهم بأنهم دخلوا المدرسة، او بعدما يتشاجرون مع الأستاذ، وعادة ما يفعل هذا التلاميذ الذين يجدون مفرات في المدرسة، كان يكون سور المدرسة ليس عاليا كفاية، أو تكون هناك ثغور وثقوب فيه، وهو ما يجعل التلميذ يتشجع ويتحفز ليفعل. تقول لنا فريال أنها عانت الكثير مع ابنها صاحب العاشرة من العمر، والذي كان يتغيب عن المدرسة لمدة طويلة دون أن تعلم، والمشكل انه ليس لها الوقت لكي تراقبه، تقول لنا: "ابني كثير الحركة، ولا يحتمل المكوث في مكان واحد طيلة اليوم، او حتى أكثر من ساعة، ولهذا فقد كان يهرب من المدرسة، ويذهب للعب ثم يعود ساعة الإفطار كما لو أنّ شيئا لم يحدث، قبل أن يعود في المساء إلى المدرسة، او إلى أصدقائه وهكذا، لهذا صرت استقطع من وقت العمل حتى أوصله إلى المدرسة وأتحدث إلى أستاذه، وأعود مساء لجلبه إلى البيت، وخلال العطلة الصيفية كنت أحاول أن أشجع ابني على الدراسة، وعلى حب المدرسة والتعلم، وكنت اجبره على القراءة ، ولكن يبدو أن جهدي كله راح هدرا، حيث انه وفي أول يوم لهفي المدرسة عاد إلى عادتها، وهرب في الساعة الثانية، وهو الأمر الذي يجعلني أفكر في أن اعرضه على طبيب نفسي، فهذا الوضع غير عادي تماما". أما السيد إسماعيل عبد الحق، مراقب عام متوسطة البشير الإبراهيمي ببوزريعة، الذي سألناه عن رأيه في الموضوع فقال: "في الحقيقة الظاهرة خطيرة، ورغم أننا نحاول في كل مرة أن نتفاداها، او نمنع تلاميذ المدرسة من الهرب، إلاّ إنهم يفعلون، بل ويختلقون سيناريوهات شيطانية للهرب، خاصّة وأن السور كما ترون ليس عاليا، لكن بصراحة لا أظن أنّ العيب في السور، ولكن في الذهنيات، فلو أقنعنا أطفالنا بأن المدرسة تمثل المستقبل بالنسبة لهم، لما هربوا، أما وأن نضع الأشواك على الأسوار، فهذا من شانه أن يولد شعورا لدى الطفل بأنه في سجن، وليس مدرسة، فيكره الدراسة ويلعنها ويتخوف منها".