مشكل كثافة البرامج ليس مشكل التلاميذ فقط، ولكن ايضا الاساتذة المطالبين بان ينهوا المقررات قبل نهاية السنة الدراسية، وهو الامر الذي يجعلهم في احيان كثيرة يتحايلون، او يكونون مضطرين الى أن ينهوا البرامج بسرعة، حتى لا يكونوا مسئولين امام المفتش. مصطفى مهدي هي وضعية اعتاد عليها بعض الاساتذة، كانوا قبلا، او كان بعضهم قبلا، يلغي بعض الدروس التي لا يجدها اساسية من البرنامج، وهكذا يمكن للتلميذ ان يدرس ما هو مهم، ودون الحاجة الى الاسراع، فبهذه الطريقة على الاقل يمكن للتلميذ ان يستوعب دروسه، او بعضها، لكن بعض المفتشين لم يتقبلوا هذه الطريقة واصروا على ان يكمل الاستاذ البرنامج، وكل الدروس المبرمجة، ما جعل حتى الاساتذة الذين كانت لهم نية في العمل بجدية، جعلهم هذا القرار يفعلون مثلما يفعل زملاؤهم، درسين او ثلاثة دروس في الحصة، او في الساعة الواحدة، فلا يمكن للتلميذ لا فهم الدرس، ولا انجاز التمارين ولا شيء، واذا ما استاء الاولياء برر الاساتذة فعلتهم بان الامر ليس بيدهم، ومعهم حق، او هذا ما قاله لنا البشير، 46 سنة، وهو اب لولدين، 13 و16 سنة، قال انه يعلم ان الاستاذ مطالب بتقديم البرنامج كاملا نهاية السنة الدراسية، وله كراس درس، يحاسب عليه، وعلى الدروس التي قدمها طيلة السنة، ولهذا تجده يضطر الى ان يسرع في البرامج، قال بشير هذا قبل ان يضيف: "اعرف اساتذة، ولان لهم ضميرا مهنيا، يقدمون دروسا خاصة للتلاميذ بدون مقابل، او بمبالغ رمزية، او يذهبون الى بيوتهم، وكل ذلك حتى يرضوا ضميرهم المهني، فهم يقدمون درسين او ثلاثة دروس في الحصة، ولكنهم يعوضون ذلك بهذا الفعل النبيل، لهذا وجبت اعادة النظر في البرامج المقدمة للتلاميذ". من جهة اخرى ابدى بعض الاولياء تذمرهم من الظاهرة، تقول حسنة، ام لطفل في الرابعة عشرة: "ليس ذنبي ان كان الاستاذ مطالبا بان يقدم دروسه في السنة، ويكون ابني هو الضحية، فليحجوا او يضربوا مثلما اعتادوا ان يفعلوا اذا ما تعلق الامر باجورهم، قد يكونون مضطرين ولكن لا يفعلون شيئا لكي يغيروا الاوضاع، وفي كل الأحوال فان التلاميذ هم من يقع على عاتقهم كل شيء، وهذا ظلم عظيم لابد أن لا يستمر". اما الاساتذة فيبررون موقفهم بكثافة الدروس، خاصة وان السنة الدراسية توشك على نهايتها، وأنّهم مطالبون بالإسراع في البرامج، وهو ما يوقعهم عادة في حيرة من امرهم، يقول لنا سليمان، استاذ رياضيات في متوسطة "العرصتان" ببوزريعة: "ليس ذنبنا ان البرنامج مكثف، وقد طالبنا اكثر من مرة بان يغير، او على الأقل تكون هناك تحسينات سواء في عدد المواضيع او في نوعيتها، فلا بد ان نسحب بعض الدروس التي لا تهم التلميذ في شيء، ليس لمنح الاولوية لأخرى، ولأنها لا تصلح اصلا، ونحن ما علينا الا ان نطبق هذا البرنامج، وليس امامنا حل آخر".