الظاهر أن رصاصة إعدام العقيد اللّيبي معمّر القذافي دون محاكمة بعد تعذيبه والإمعان في شتمه وإهانته، شأنه شأن نجله المعتصم والعديد من مرافقيهما، لم تكن سوى رصاصة البداية لمرحلة جديدة من مراحل الفوضى في الجارة الشرقية ليبيا التي آثر حكّامها الجدد أن تكون بداية حكمهم دموية، كما كانت بدايات العقيد المغدور، وفضّلوا التعسّف في استخدام سلطتهم من خلال تصفية عشرات الأشخاص الأسرى بدم بارد ودون محاكمة تكريسا لفوضى الحكم وحكم الغاب وقانون القوّة بدلا من قوّة القانون ودولة المؤسسات· وليس هذا هو المؤشّر الوحيد على أن الأشقّاء في ليبيا تنتظرهم، فيما يبدو، سنوات صعبة جدّا بعد شهور عسيرة قضوها تحت وقع الرّصاص والصواريخ المنهمرة عليهم من كلّ مكان. ففوضى السلاح التي تعيشها ليبيا تنذر باقتتال فئوي وقبلي، خصوصا إذا أمعن حكّام ليبيا الجدد في التصرّف خارج الأطر القانونية، منفّذين لأجندات خارجية مشبوهة تجعل شعب ليبيا المسكين تحت وطأة وضع غير مشهود، يتطلّعون إلى أفق مسدود· لقد كان القذافي أبعد ما يكون عن نموذج الحاكم الصالح، لكنه على الأقل لم يكن خائنا لشعبه، عميلا للغرب، ويبدو أن نظام جماعة عبد الجليل الذي لم يعترف بجريمة قتل أسراه ويعتذر عنها ويعاقب مرتكبيها، بصدد التأسيس لحكم جديد في ليبيا يجمع بين الدكتاتورية والتعسّف و(الحفرة) واللاّ قانون، وبين العمالة للخارج وتنفيذ أجندات أجنبية، وذلك أسوأ نظام يُمكن أن يُبتلى به شعب في العالم·· نظام يجمع بين الدكتاتورية بالعمالة· نتمنّى صادقين أن يتخلّص النّظام الجديد في ليبيا من دكتاتوريته وعمالته، لكننا نخشى أن تصبح الصفتان ملازمتين له بشكل يجعلنا لا نستبعد خروج الشعب اللّيبي بعد فترة قصيرة معبّرا عن أمله في عودة النّظام السابق، رافعا شعارا مستلهما من شعارات أيّام العقيد المغدور يقول فيه: الشعب يريد·· عودة العقيد!