شدّد الدكتور نور الدين لبجيري عند استضافته في العدد السادس والثلاثين من "منتدى الكتاب" للمكتبة الرئيسة للمطالعة العمومية لسكيكدة، مؤخرا، على أهمية المنظومة القيمية في الممارسة الإعلامية، مشيرا إلى أنّ كلّ الظواهر الإعلامية يجب أن تدرَس من منطلق ثابت، وهو الخضوع للضوابط القيمية التي يراها أساس تلك الممارسة. خلال الجلسة التي نشّطها الأستاذ الدكتور عبد الكريم بابوري من جامعة سكيكدة وبحضور أساتذة جامعيين ومثقفين وطلبة وإعلاميين، عرض ضيف المكتبة كتابيه الجديدين؛ الأوّل بعنوان "دراسات حول المحتوى الإعلامي وعلاقته بالمنظومة القيمية" ، عالج من خلاله جملة من المشكلات التي تولّدت جراء بعض الممارسات الخاطئة، والتي توسّعت في استخدام الإعلان والإشهار بصفة عامّة، في وسائل الإعلام والصحافة المكتوبة بالدرجة الأولى. وأشار الباحث إلى أنّ أهم تلك المشكلات التي رصدها تتعلّق بالسعي من أجل الإعلام التجاري، ومحاولة تغيير العادات القيمية في كثير من المجتمعات؛ لأنّ الأمر، كما أضاف، مرتبط بالمحتوى القيمي الذي يتضمّنه الإشهار في وسائل الإعلام بصفة عامة، وفي الصحافة المكتوبة خاصّة؛ إذ أصبح يرتكز أساسا، على محاولة جعل المستهلك شرهاً في الاستهلاك، وكذا في تغيير كثير من عادات التقشف التي كانت معروفة، خاصة، في المجتمعات المحافظة، كما هي حال المجتمع الجزائري. وعن حضور المرأة والأطفال في الومضات الإشهارية، رأى الدكتور أنّ حضورهم يتنافى والوظيفة النبيلة للمرأة من جهة. ومن جهة أخرى وجود نوع من الابتزاز في حضور الأطفال في بعض الإعلانات؛ كون سنّهم لا تتناسب مع حضورهم في تلك الومضات الإعلانية. وإلى جانب ذلك، تطرّق لمشكلات أخرى تخصّ الإشهارات التي تتميّز بعدم المصداقية، وعدم الصراحة، مع وجود كثير من المغالطات بحكم أنّها، كما أشار، تدعو وتقدّم بعض الخدمات والمنتجات بخصائص خيالية، الواقعُ يكذّبها. أمّا في الكتاب الثاني المعنون ب"الإعلان الصحفي ومشكلاته القيمية"، فتحدّث الدكتور لبجيري عن الخطاب الديني في وسائل الإعلام، الذي يلقى متابعة كبيرة من قبل المجتمعات الإسلامية. لكن كما استطرد تلك المتابعة قد تؤدي إلى نتائج سلبية في حال كان مضمون الخطاب غير أصيل. وفي ما يخصّ حضور الجريمة في وسائل الإعلام، انتقد الدكتور الاهتمام بها، منتقدا، بشدّة، تفشي الجريمة والعنف في الصحافة، مبرزا كيف أصبح الإجرام حاضرا في مختلف البرامج، لا سيما في مسلسلات الرسوم المتحرّكة التي تمجّد العنف؛ من منطلق أنّ البطل يمارسها. وقال المحاضر إنّ الجريمة يجب ربطها بالقيم، خاصة في الصحافة المكتوبة. كما قال إنّ وصف الجريمة مرفوض، وعرضها مقبول. وأشار إلى أنّ الخبر الجرم ليس ككلّ الأخبار؛ لذا أكّد على ضرورة التحكّم القيمي في كتابة الخبر الجرمي. وقال إنّ الرؤية القيمية تبحث في المحتوى، وفي القائم بالاتصال الذي أصبح يساهم مساهمة فعّالة في خدمة المجتمع، لا سيما إذا كان يجمع بين الكفاءة المهنية، إلى جانب الامتثال للقواعد القانونية، والضوابط الأخلاقية. أمّا إن خلت تلك الكفاءة فإنّ النتيجة تكون عكسية.