الذين خرجوا يحتفلون بموت العقيد، سيخرجون يوما يبحثون عن قبره ليترحموا عليه أثبتت الطريقة التي تم بها قتل معمر القذافي وهو جريح لا يملك في يده سلاح ولا رجال حوله أن الذين سيحكمون ليبيا سيحولونها إلى معتقل كبير ، المستفيد الأكبر منه هي الدولة الإستعمارية الجديدة ممثلة في فرنسا، مع ثلة من الأشخاص الليبيين الذين سيكونون عصابة تحكم ليبيا، وإن كان العقيد حكم ليبيا وأشرك في ذلك أسرته وحكم بمزاجه دون إملاءات خارجية وكانت له مواقف دولية قوية جعلت الرئيس السويسري يزور ليبيا ويقدم اعتذار للشعب الليبي وجعلت إيطاليا تعتذر لليلبيين عن حقبة الإستعمار وتعوض الشعب كله وبغض النظر عن أخطاء العقيد فإن الحكام الجدد لليبيا سيكونون مجرد عصابة تتلقى الأوامر من قصر الإليزيه ولن نستغرب إن قدم هؤلاء الاعتذار لفرنسا وإيطاليا وفتحوا البلاد بخيراتها للأطماع الأجنبية، حينها فقط سيعظ المغرر بهم من الليبيين على الأيادي ويقولون يا زمن العقيد لو ترجع، مات العقيد ولا يهم إن مات ظالما أو مظلوما، ولكنه مات جريح، ولم يحظى حتى بمحاكمة عادلة يقيمها له الذين ناشدوا العدالة منه، مات العقيد وهو يعرج من أثر الرصاص في قدمه ويعتقد أن آسريه يعرفون الحرام والحلال ، فراح يقول لهم " حرام عليكم حرام عليكم " كما روى أحد الذين شاركوا في القبض عليه، مات أمام أنظار العالم بدم بارد ولم تتحدث الدول الكبرى التي تحدث عن احترام حقوق الإنسان عن حقوق القذافي كإنسان خارج الحكم له الحق في محاكمة حتى ولو كانت صورية مثل محاكمة صدام، ولم تقل الدول التي سنت ميثاق جنيف المتعلق بأسرى الحرب أن ما حدث للقذافي هو جريمة حرب، مات العقيد أمام أنظار علماء الدين ولم يستطع أن يقول أحد منهم أن موته وقتله بتلك الطريقة ليست من الإسلام ، ولسنا هنا لندافع عن القذافي ولكن تساؤلات كثيرة تفرض نفسها إن كان الذين خرجوا عن العقيد خرجوا من أجل كرامة الإنسان ودعوا إلى حماية الأسرى في أكثر من مرة والصلح ، قتلوا رجلا خارج الحكم ومصاب بجروح ويبلغ من العمر 71 سنة دون محاكمة وهو أسير ، ثم برروا دلك بأن الدي اصابته كانت رصاصات طائشة، فما اكبرها من كذبة حين تصيب رصاصات ولا نقول رصاصة واحدة العقيد وحده رغم أنها طائشة ولم تصب من الثوار ولا واحد ما أحقد هذه الرصاصة وما أحمق من يصدق هدا الإدعاء، وخلاصة القول أن ليبيا ضاعت ولن يسترجعها سوى عمر مختار جديد ولكن ربما بعد ألف عام في ظل حكم فرنسي جديد يعرف العالم كله كيف أنه ليس سوى حكم للإستعمار، وربما يحق للشعوب في أفريقيا التي بات مهددة من فرنسا أن توحد جهودها وتكشف ما تحيك لها فرنسا، وقد كشف الواقع أن الإستعمار الفرنسي أكثر وحشية وخبثا وشرا من إسرائيل نفسها، سدل الستار على العقيد إذا وسيفتح باب آخر للمجهول لليبيين وبعدما يفتح هذا الباب سيقول الليبيين رحم الله زمن العقيد كما يقولها العراقيون اليوم . نهاية العقيد معمر القذافي ضد المبادئ الإسلامية ، وضد اتفاقيات جنيف ركزت كل وسائل الإعلام العربية والغربية على تصفية العقيد معمر القدافي وقتله بطريقة أبشع من الطريقة التي اغتيل فيها صدام حسين الرئيس العراقي الراحل، مات صدام حينها الذي كان يعتبر طاغية وديكتاتور وخلفه طغاة ودكتاتوريين جعلوا الشعب العراقي يترحم على ايام صدام، بل وجعل الكثير من أفراد الشعب يحجون نحو قبر صدام كل عام، وإن كان هذا هو الشأن مع صدام حسين فإن الليبيين سيبكون دما قانيا على عهد العقيد الذي حرموه حتى من محاكمة "ظالمة " ولا نقول عادلة ليقتلوه بدم بارد وهو جريح . من يسمون " الثوار " الذين وعدوا باحترام حقوق الإنسان و حقن دماء الليبيين حين دخلوا طرابلس وأعطوا الأمان لأبناء سيرت وبني الوليد، إلا أن الطريقة التي تم بها تصفية القذافي أثبتت أن مستقبل قاتم السواد ينتظر ليبيا، فالثوار من الإسلاميين الذين أعلنوا " الجهاد" على القذافي لم يحترموا ركنا من أركان هذا الجهاد المتمثل في حماية الأسرى، لأن القذافي يعد أسيرا وابسط حق للأسير في الإسلام هو حمايته ورعايته إلى أن تتم محاكمته، والليبراليون في ليبيا الذين تعهدوا بحفظ حقوق الإنسان لم يحفظوا حتى حق جريح في محاكمة عادلة، وخرقوا كل الأعراف الإنسانية والقوانين الدولية وعلى رأسها اتفاقية جنيف التي تحمي أسرى الحروب وشاركوا بذلك في تصفية العقيد معمر القذافي بدم بارد وهو جريح، إن أبسط حق للعقيد القذافي على معارضيه حين اسره وهو جريح أن تقدم له الإسعافات ويعالج إلى أن يشفى ويقدم للمحاكمة، إلا أن الذي حدث فاق كل التصورات وسيظل عارا في جبين الذين خرجوا يحتفلون بموت العقيد وفي جبين المجلس الانتقالي، وكل من شارك في اغتيال أسير حرب . فرنسا وجريمة لستر فضائحها حسب ما تناولته وسائل الإعلام العالمية أول أمس في خصوص مقتل العقيد الليبي فإن الطائرات الحربية الفرنسية هي التي بادرت بكشف قافلة السيارات التي تقله وهي التي اعترضت الموكب وقصفته لتمهد بعدها لمن يسمون " الثوار" الطريق لتصفية معمر القذافي، و بالتالي تخلصت فرنسا من العقيد بيد غيرها، ولكن لماذا اختارت فرنسا أن تنهي العقيد بهذه السرعة دون أن تنتظر محاكمة عادلة او ظالمة او محاكمة تمثيلية مثل محاكمة صدام ..؟ الجواب هو أن العقيد كان سيكشف الكثير من الحقائق تخص علاقته بفرنسا وبساركوزي على الخصوص، ولم يكن نجل الرئيس الليبي سيف الإسلام حين وعد بكشف ملفات ثقيلة تخص تمويل ليبيا لحملة ساركوزي الانتخابية يتحدث من فراغ بل هناك إشاعات تتحدث عن عمولات وأموال كان العقيد يقدمها للكثير من الرؤساء، وإن كان سيف الإسلام هدد بهذا الملف فقط، فإن تقديم معمر القذافي للمحاكمة كان سيفجر ملفات، تجعل الرئيس الفرنسي يموت تحت أقدام الفرنسيين لو علموا بالحقيقة بالتفصيل، وليس ساركوزي الذي ستعلقه ملفات القذافي في المشنقة بل رؤساء دول وحكومات في أوربا وتفتح نار الجحيم عليهم لو تم كشف " صفقات، رشاوي، ومؤمرات " وأشياء أخرى كانت بين العقيد وبين حكومات في اوربا قد تجعل مصير دول في المجهول، وتجعل شعوب من أوربا تشنق مسؤوليها سواء كانوا وزراء أو رؤساء، ولا يجب أن ننسى أن جزء من الذين يحكمون ليبيا اليوم وعلى راسهم مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي كانوا جزء من نظام العقيد ومحاكمة معمر القذافي ستكشف عن حقائق مذهلة، لأن القذافي إن كان طاغية فلأن الذي صنع طغيانه هم هؤلاء المسؤولين في المجلس الإنتقالي الذين جعلوا من العقيد يرى نفسه الزعيم الأوحد مقابل ان يستفيدوا من امتيازات خاصة غلى حساب الشعب الليبي، وأمام هذه الأسباب مجتمعة كان الحل الأمثل هو قتل العقيد الليبي بأي طريقة وإسكاته و قتل سره معه إلى الأبد حتى وهو جريح واسير بعد قتل العقيد الليبي مصطفى عبد الجليل الغائب الأكبر الملاحظ في قضية مقتل القذافي هو غياب مصطفى عبد الجليل رئيس ما يسمى بالمجلس الانتقالي الذي يطرح أكثر من علامة استفهام، فلم يدلي رئيس المجلس الانتقالي بأي تصريح رغم أهمية الحدث، ولم يظهر بطريقة أو بأخرى، والظاهر أن عبد الجليل وجد نفسه في صراع بينه وبين ضميره وأفكاره، فقد أكد الرجل أكثر من مرة على عدم الانتقام ، وعدم الثأر ، وحث على حفظ سلامة الأسرى، وهو ما لم يتم في حالة العقيد الذي تم قتله وهو جريح وأسير، فهل اكتشف مصطفى عبد الجليل أنه مضحوك عليه، وتم التلاعب به واستعماله في احتلال بلاده، أم تراه لم يستطع تحمل ما يحدث وبدا يشعر أن تعليماته ليست سوى حبر على ورق ، وأن فرنسا هي الحاكم الفعلي في ليبيا وهي التي تطبق اوامرها حرفيا، وقد تم تطبيق ما طلبت في حالة العقيد الليبي، لقد نقلت وسائل الإعلام المختلفة تصريحات واراء مختلف الشخصيات الليبية سواء من المحاربين ضد العقيد أو من المجلس الإنتقالي، ولكن غاب مصطفى عبد الجليل، وهو الأمر الذي يطرح أكثر من سؤال ولعل السؤال الأكبر، لماذا غاب عبد الجليل عن هكذا حدث ؟ سؤال ستكشفه الأيام وربما سيكشفه عبد الجليل نفسه حين ينتهي دوره ، إن لم يكن انتهى فعلا . يا شعب يحتفل بقتل قائده غدرا غدا يوم مر وأمر خرج المئات في شوارع ليبيا يحتفلون بقتل زعيمهم، بينما بكى من بقوا أوفياء معمر القذافي يبكون بعيدا في بيوتهم أو في قلوبهم، وإن كانت للقذافي أخطاء كبيرة وخطيرة في الوقت ذاته فإنه كان السبب في استقرار ليبيا لأكثر من 40 سنة، كان فيها الليبي يمشي بطول ليبيا وعرضه وهو آمن على نفسه، وكان الليبي في ليبيا أولا ثم تأتي باقي الأجناس، لدرجة أن الليبيين كانوا يتعاملون مع الوافدين باستعلاء ووصل بهم الأمر لأخذ حقوق العمال الأجانب بحماية القانون، ولم يكن واقع الليبيين السياسي بعيدا عن واقع الشعوب في الدول العربية، ولكن كانوا أفضل حالا ماديا واجتماعيا، لقد فرح الكثير من الليبيين بقتل حاكمهم ، دون أن يتساءلوا "ماذا بعد القذافي ؟" ، لن نكون مبالغين إن قلنا أن اختفاء معمر القذافي من المشهد الليبي سيكون له تاثير بارز عن واقع الشعب الليبي الذي سيجد نفسه رهينة بين أغنياء الحرب، واستعمار دولة ممثلة في فرنسا، والمثال العراقي خير شاهد على ما وصلت له بلاد الرافدين بعد رحيل صدام حسين، فالذين خلفوا صدام حسين وجاؤوا باسم تحرير الشعب العراقي لم يكونوا في واقع الحال سوى عصابة حولت ملايير الدولارات إلى حساباتهم في الخارج ن ليختفي ديكتاتور اسمه صدام حسين ويظهر مكانه أكثر من ديكتاتور ، لكن الفرق أن صدام كان ديكتاتورا و أسس دولة ، وخلفاؤه ضيعوا الدولة، وإن كانت للعقيد مآخذ كثيرة وأخطاء أكثر فكان على الشعب ذكر فضائله ولعل من فضائله الكبيرة هو معجزته المتمثلة في النهر " العظيم " وان احتفل اليوم بعض الليبيين فرحا بموت العقيد فإن الدلائل تشير أن عدهم مر وأمر .