نظم النادي الإعلامي الجزائري لأصدقاء رئيس الجمهورية أمس الأربعاء بمقره في الجزائر العاصمة ندوة إعلامية تحت عنوان (دور الإعلام في الإصلاح والتغيير)، وقد نشط هذه الندوة عدد من الأساتذة المختصين في الإعلام والعلوم السياسية ومجموعة من الصحفيين، بالإضافة إلى كل قياديي النادي الإعلامي والراعي الرسمي له، السيد قروش مدير مؤسسة (أخبار اليوم)، علما أن هذه الندوة جاءت خلال احتفالية أقامها النادي بمناسبة مرور ثلاث سنوات على تأسيسه، وهي المناسبة التي منح خلالها وسامك (صحفي السنة) للإعلامية آمال إدريس من القناة الأولى للإذاعة الوطنية· وأكد كل من البروفيسور عبد القادر محمودي والدكتور أمحند برقوق الأستاذان بكلية العلوم السياسية والإعلام خلال هذا اللقاء المفتوح الذي جمعهما بحصور عدد من الإعلاميين ومناضلي النادي وقيادييه، أهمية الإصلاحات التي عرفتها الجزائر في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة خاصة من ناحية فتح المجال السمعي البصري الذي أصبح في الفترة الأخيرة ومن خلال أحداث بما يسمى بالربيع العربي السلطة الأولى في معظم الدول العربية· برقوق يرافع ل"مناعة إعلامية وطنية" دعا الدكتور امحند برقوق مدير مركز الدراسات الإستراتيجية والأمنية، الكائن مقره بالعاصمة، والأستاذ بكلية العلوم السياسية، إلى التأسيس لما وصفه بالمناعة الوطنية للتصدي للمخططات الخارجية، وقال أن الإعلام الوطني مؤهل ومطالب بالقيام بدوره الأساسي كأداة وطنية لصناعة الإصلاح والتغيير، مشددا على ضرورة انفتاح الإعلام الوطني على مختلف الآراء والتوجهات لقطع الطريق أمام بعض وسائل الإعلام الأجنبية المغرضة التي لها تأثير كبير على آراء الناس من خلال تحويل مساراتهم بل توجيهها في بعض الأحيان كما حدث في بعض البلدان الشقيقة عن طريق بعض القنوات التي ظهرت حقيقتها بعد أن طفت نواياها على السطح إلا أن الوقت كان متأخرا لتدارك الأخطاء من طرف هذه الشعوب فكانت العواقب وخيمة فلقد تحولت هذه القنوات من غرف للأخبار إلى غرف للعمليات الحربية، إلا أن الأمر في الجزائر مختلف تماما فالتجربة الإعلامية التي انفتحت منذ سنوات عديدة، إذ أن عدد الصحف الوطنية فاق المائة، إلا أن مجال الإعلام في الجزائر يحتاج إلى الكثير من الجهود من أجل تحقيق أهدافه وتفعيل دوره في عملية الإصلاح التي تشهدها البلاد في كل المجالات· وشدد الأستاذ برقوق وبصفته مختص في العلوم السياسية على ضرورة استخدام الإعلام كأداة فاعلة في الإصلاح السياسي والتغيير نحو الأفضل، من خلال تجسيد مجموعة من الأهداف أبرزها تكريس المواطنة الفاعلة من خلال جعل المواطن الرقيب اليومي للنظام السياسي، كان يكون مساهما في عملية الإصلاح بتقديم اقتراحاته إلى المعنيين بالأمر للنظر فيها ودراستها، فالإصلاحات الديمقراطية هي نتيجة التعددية مع تلاقح الأفكار وتقبل آراء الآخرين والحق في الاختلاف في الحوار· وللحصول على نتائج أحسن في هذا الميدان يجب السعي، حسب مدير مركز الدراسات الإستراتيجية والأمنية، إلى تطوير آليات التواصل السياسي وضرورة خلق علاقة تكاملية ما بين وسائل الإعلام الكلاسيكية ووسائل الإعلام الحديثة كالمواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي التي كانت بديلا واضحا للإعلام خلال الثورات العربية الحالية، كما يقدم نفس المتحدث وصفة للإعلام الحالي والتي تتمثل في إيجاد حل للتواصل ما بين السياسي والمواطن مع محاولة قراءة لمنطق الإصلاحات كمنطق تأسيسي، فالوقت الحالي والأحداث الجارية حاليا في المنطقة العربية توجب الحاجة إلى إنتاج مناعة ضد التضليل بواسطة وساءل إعلام أجنبية كما هو الحال بالنسبة لبعض البلدان الشقيقة التي وقعت ضحية لبعض وساءل الإعلام المغرضة، كما أشار الأستاذ برقوق إلى أن الإصلاحات التي تعرفها الجزائر أوجدت منذ سنوات طويلة إلا أنها كانت على فترات متقطعة لعدة أسباب داخلية وخارجية، وهذا الإصلاح يجب أن يمس المنظومة الإعلامية بصفة خاصة لتستطيع تأدية مهمتها على أكمل وجه وتحقيق نتائج الإصلاح الذي يجب أن يكون عن طرق الديمقراطية· محمودي يحذر من المؤامرات الخارجية وفي نفس السياق أكد البروفيسور عبد القادر محمودي ضرورة توخي الحذر في التعاطي مع النزاعات العربية الداخلية التي تسمى بالثورات العربية، مشيرا إلى أنها حركت بأيد خفية وتسعى إلى الاستفادة من ثروات الأمة العربية وتقسيمها إلى دويلات عن طريق بث الفتنة في بين أفراد الشعب الذي يفتقد إلى رؤية واضحة تبين له الطريق الصحيح بسبب المسار الإعلامي لبعض المنابر الإعلامية ذات الخلفيات الغامضة· وأشار محمودي إلى قيامه بإصدار كتاب جمع فيه مجمل دراساته التحليلية وبحثه حول موضوع الإصلاح خاصة من ناحية دور الصحافة في تحقيقه، كما أكد خلال مداخلته على أن الجزائر لا يمكن أن تواصل مسارها الديمقراطي الحالي دون إجراء إصلاحات مع عدم إمكانيتها من جهة أخرى للرجوع إلى نظام الحزب الواحد· ومن جانب آخر فقد أخذ دور الإعلام الثقيل المتمثل أساسا في التلفزيون حيزا معتبرا من النقاش خلال هذا اللقاء المفتوح مع مختلف الأساتذة في ميدان الإعلام والصحفيين، وذلك لتأثيره الكبير على الأفراد والدور الذي يلعبه سواء من الناحية السلبية أو الايجابية، ولقد أكد الحاضرون من الصحفيين على وجود كفاءات مميزة داخل مؤسسة التلفزيون إلا أنها تحتاج إلى الحرية بصفة أكبر مع منحها بعض الضمانات لتأدية مهمتها بكل أمانة، مع ضرورة السعي إلى تغيير دفتر الشروط الخاص بهذه المؤسسة التي قدمت الكثير في المرحلة الدامية التي مرت بها الجزائر وهذا يظهر جليا من خلال أعداد الصحفيين الذين سقطوا ضحايا للإرهاب·