يرى متتبّعون أن إعلان حزب التجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية عن قراره بمقاطعة الانتخابات التشريعية التي من المقرّر أن تجرى يوم 10 ماي القادم دليل مسبق على نزاهة هذا الاستحقاق الانتخابي، مؤكّدين أن حزب الدكتور سعيد سعدي اختار مقاطعة التشريعيات بتقديم أعذار واهية وذرائع لا تقنع حتى من بقي من رفاقه، خشية وقوعه تحت طائلة فضيحة انتخابية من العيار الثقيل· وبرأي العارفين، فإن سعيد سعدي يدرك كلّ الإدراك أن الأرسيدي لم يعد حزبا إلاّ على الورق، وأن خوضه استحقاق انتخابات ماي التشريعية كان بمثابة مغامرة حقيقية معروفة النتيجة، والنتيجة المعروفة هي فضيحة انتخابية كبرى تجعل الأرسيدي يتلقّى صفعة ثقيلة تعادل أو تفوق حدّتها تلك الصفعات التي تلقّاها سعدي حين غامر بالدعوة إلى مسيرات (مليونية) في قلب الجزائر العاصمة، وهي المسيرات (المليونية) التي تحوّلت إلى نكتة مضحكة وسيرك جماهيري، إذ لم يكن يشارك فيها سوى بضعة أشخاص أثبتوا بقلّة عددهم ضعف شعبية (حزب الدكتور) الذي يدرك اليوم أنه بحاجة إلى (علاج سياسي) جذري قد يعيده إلى جادّة الصواب· والظاهر يقول متتبّعون أن انسحاب الأرسيدي من سباق التشريعيات قبل انطلاقه يأتي من منطلق إدراك (زعيمه الدائم) الذي لم يرحل من رئاسة الحزب رغم توالي إخفاقاته بأنه لن يحصد سوى (الرّيح) لو تجرّأ على تقديم قوائم تمثّله في استحقاق العاشر ماي· ويبدو أن مسيرات السبت الفاشلة السبب الرئيسي وراء إقدام سعدي على اتّخاذ هذا القرار، حيث أنها كانت دليلا قويا على أنه غير قادر على إقناع الجزائريين ببرنامجه وغير قادر على الحصول على مقعد واحد في البرلمان القادم، لذلك فقد تصرّف بنفس الطريقة التي تتصرّف بها بعض أندية كرة القدم الضعيفة أحيانا عندما تقاطع مباريات تجمعها بفرق أقوى، وتفضّل أن تخسر (على البساط) بثلاثة أهداف نظيفة على أن تلعب وتخسر بنتيجة ثقيلة جدّا· وفي مطلق الأحوال يبدو أن سعيد سعدي قد فهم أن أيّ انتخابات نزيهة ستجعله يخرج منها ب (خُفّي حنين) وستعيده إلى بيته (مهزوما مكسور الوجدان) مثلما حدث له لمّا تجرّأ على تنظيم المسيرات السبتية وحاول أن يكون صديقا للفيلسوف الصهيوني برنار ليفي، ليتلقّى بدل الصفعة الواحدة عدّة صفعات، وليدرك بعدها أنه لا جدوى من المشاركة في انتخابات نزيهة يحصد فيها الأصفار بدل الأصوات.