أقدمت بلدية اسبانية على إغلاق مسجد بسبب ارتفاع عدد المصلين مقارنة مع ضعف طاقته الاستيعابية ، مما أعاد النقاش حول ضرورة توفر هذا البلد الأوروبي على مساجد في المستوى في المناطق التي تضم جالية مسلمة كبيرة. ويتعلق الأمر بقرار بلدية لييدا إحدى كبريات مدن إقليم كاتالونيا الواقع شمال شرق اسبانيا والتابعة للحزب الاشتراكي. وبررت البلدية إغلاق المسجد الذي يحمل اسم 'النور'، وهو القرار الذي اتخذته مساء أول أمس الأربعاء بأنه يفوق القدرة الاستيعابية المخصصة له، خاصة وأن المسجد يقع أسفل عمارة سكنية وليس مسجدا مستقلا كباقي المساجد. واعتمدت البلدية في إغلاقها للمسجد على قانون يرخص للبلديات الاغلاق المؤقت لأماكن العبادة التي لا تحترم الشروط المنصوص عليها في القانون المنظم للديانات. وساهم في إغلاق المسجد الشكاوى التي كان يتقدم بها سكان الحي الذي يوجد فيه هذا المعبد خاصة يوم صلاة الجمعة، حيث يصلي المسلمون على قارعة الطريق بسبب ضيق المساحة. وأوردت جريدة 'الباييس' أمس الخميس أن البلدية كانت قد قامت بمعاقبة وتغريم المسؤولين عن المسجد أربع مرات خلال السنوات الأخيرة بسبب عدم احترام القدرة الاستيعابية للمعبد، فقدرته المرخص لها لا تتجاوز 350 مصليا في حين يستقبل يوم الجمعة وفي الكثير من المناسبات أكثر من 1200. واعتبر حزب الوفاق والتجمع الكاتالاني أن هذه الحالة قائمة منذ عشر سنوات، وكان الاغلاق يجب أن يحدث منذ مدة طويلة. وسيتقدم مسؤولو المسجد باستئناف ضد قرار البلدية بغية إعادة فتح المسجد. وكتبت جريدة لفنغورديا في عدد أمس الخميس أن بلدية لييدا كانت أول بلدية اسبانية تتخذ قرار منع البرقع والنقاب في الأماكن العمومية ونهجت نهجها عشرات البلديات والآن تنتقل الى المساجد التي لا تحترم الشروط المنصوص عليها في الأماكن المخصصة للعبادة. وهذا الارتباط هو الذي يجعل الجالية المسلمة تتخوف من عدوى تقليد بلديات أخرى بشأن إغلاق المساجد التي تفوق قدرتها الاستيعابية لا سيما يوم الجمعة. بينما اعتبرت مصادر من البلدية أن الأمر لا يتعلق بأي إجراء ضد الإسلام بل بإجراء يشمل جميع المعابد بغض النظر عن نوعية الديانة. وتابعت أن البلدية منحت أرضا للمسلمين حتى يتمكنوا من إقامة مسجد، لكنهم حتى الآن لم يتمكنوا من الحصول على التمويل المالي. وفي الوقت ذاته، فالبلدية منحت فضاء تابعا لها حتى يتمكن المسلمون من الصلاة يوم الجمعة في انتظار حل هذا المشكل. ويأتي هذا الحادث ليبرز أزمة المساجد في اسبانيا، فقد شهد هذا البلد الأوروبي ارتفاعا في نسبة المهاجرين المسلمين خلال ظرف وجيز حتى تجاوز مليون مسلم، لكن لم يتم تشييد مساجد ومراكز إسلامية تستوعب هذا العدد الضخم، فتجد الجمعيات الإسلامية نفسها مجبرة على اقتناء محلات صغيرة حيث تقيم فيها مساجد ضيقة وصغيرة للغاية. ويوجد في اسبانيا أكثر من 600 مسجد من هذا النوع. ويرى مصدر من 'فيدرالية الجمعيات الدينية الاسلامية في اسبانيا' في تصريحات ل 'القدس العربي' أن مشكل المساجد في اسبانيا يشكل أزمة حقيقية، فمن جهة، ترفض بعض البلديات وتحت ضغط السكان منح أراضي وسط المدينة لبناء المساجد، ومن جهة أخرى إذا حدث وتم منح الأرض، فالجمعيات الاسلامية لن تجد التمويل المالي، في حين يفترض أن كل مدينة كبيرة أو متوسطة يجب أن تتوفر على مسجد مناسب يتسع لأكثر من 1500 مصلّ'. ويذكر أن حكومة اسبانيا تساهم في تمويل بعض الجمعيات الإسلامية على أساس أنها جمعيات غير حكومية لكن القانون الإسباني يمنع بناء معابد.