لا نحتاج إلى الكثير من الكلام لتقديم أوليفر كان، فهو وصيف بطل العالم والمتوّج بالبطولة الأوروبية وبطل ألمانيا والفائز بالكأس الألمانية وبلقب دوري أبطال أوروبا وكأس إنتركونتينينتال، ومازالت القائمة طويلة· بالرغم من مرور أربع سنوات على إنهاء مسيرته مازال نجم كرة القدم الألمانية السابق يتمتّع بشهرة كبيرة وشعبية واسعة في جميع أنحاء العالم· ففي ماي 2008 قرّر كان اعتزال الملاعب نهائيا إثر 21 سنة قضاها في عالم الاحتراف، خاض خلالها 86 مباراة دولية (49 مرّة بشارة القائد)، وبخلاف الكثير من زملائه فضّل الابتعاد عن الملاعب والتفرّغ لمشغل منصب خبير كروي لدى القنوات التلفزيونية ومتابعة دراسته للحصول على شهادة ماجستير في إدارة الأعمال، وقد اشتغل أيضا كمنقّب عن مواهب حراسة المرمى في اليابان· والأكيد أن ابن الثانية والأربعين عاما لم ينعم بالرّاحة منذ اعتزاله· وقد تحدّث موقع "الفيفا" في حوار حصري مع هذا النّجم الكبير عن مخطّطاته المستقبلية ونهائيات كأس أمم أوروبا 2012 القادمة، إضافة إلى الشؤون الكروية في ألمانيا وأوروبا والعالم· - السيّد كان، أجريت الكثير من المقابلات الصحفية، طُرحت عليك الكثير من الأسئلة وأجبت بدورك عنها، لكن هناك سؤال واحد لم يطرح عليك وهو: ماذا تريد قوله بشدّة؟ -- (يضحك).. لست من النّوع الذي يحتاج بشدّة إلى التواصل ويخرج دائما بتصريح للعموم، لذا أنا سعيد بأنه مازالت هناك أشياء يجهلها النّاس· يعرف عنّي النّاس الكثير من الأمور، وهذا أمر عادي نظرا لأنني قضيت 20 سنة في عالم الاحتراف، حيث يتمّ تسليط الأضواء على الكثير من الأشياء· - أصبحت الأوضاع تتّسم بالهدوء من حولك في الآونة الأخيرة، هل تستمتع بذلك أو تفتقد إلى الأضواء؟ -- الابتعاد قليلا عن دائرة الأضواء هو قرار اتّخذته عن وعي، ذلك أنني أبحث عن تحدّيات في مجال آخر· أنهيت مؤخّرا دراستي من أجل نيل شهادة الماجستير في إدارة الأعمال وأنشأت مؤسسة (أوليفر كان) وموقعا إلكترونيا، وإلى جانب نشاطي كخبير كروي تلفزيوني أقوم بإنتاج برنامج تلفزيوني خاص في آسيا· - ستظلّ مقولة (المضي قدما) دائما مقرونة بك، هل هو أمر إيجابي بالنّسبة لك؟ -- لا أريد العيش في الماضي، أنا شخص يبحث لنفسه عن تحدّيات وأهداف جديدة· - في جانفي توّج ليونيل ميسي بجائزة الكرة الذهبية للمرّة الثالثة على التوالي، هل هو بالفعل أفضل لاعب كرة قدم في الوقت الحالي؟ وهل فاز بالجائزة عن جدارة واستحقاق في نظرك؟ -- ميسي هو بلا شكّ لاعب موهوب مثل مارادونا وبيلي، كما أنه يحترف في صفوف أفضل فريق في العالم وتوّج برفقته بالعديد من الألقاب، وبالتالي فاختياره أفضل لاعب في العالم هو نتيجة منطقية· - غاب النّجوم الألمان مثل أوزيل وشفاينشتايغر ومولر عن قائمة أفضل عشرة لاعبين، هل هو ظلم في حقّهم؟ -- إذا أخذنا بعين الاعتبار عروضهم مع المنتخب الألماني يجب على أحدهم بالتأكيد أن يحتلّ مرتبة أكثر تقدّما، لكن التصويت يراعي الألقاب الكبرى التي تمّ الفوز بها· ففي حال توّج المنتخب الألماني بالبطولة الأوروبية وفاز ريال مدريد أو بايرن ميونيخ بلقب دوري أبطال أوروبا سيحتلّ اللاّعبون الألمان بكلّ تأكيد المراكز المتقدّمة· - شهد حفل الكرة الذهبية منح جائزة بوشكاش التي تتوّج صاحب أجمل هدف في السنة لنجم شابّ آخر وهو اللاّعب البرازيلي نيمار ومع ذلك رفض الانتقال إلى أوروبا لأنه يشعر بالرّاحة في موطنه، هل هو قرار خاطئ؟ -- لا يمكنني تقديم النّصح للاّعب عن بعد، ربما ينمّ هذا القرار عن ذكاء خاص، ولماذا ينبغي عليه الانتقال إلى مكان آخر ربما لن يشعر فيه بالرّاحة؟ ولماذا لا يبقى في موطنه؟ فالمكان الذي يستمتع فيه بكرة القدم هو المكان الذي سيكون فيه بخير· - بخصوص دوري الأبطال حلم بايرن ميونيخ هو بالطبع بلوغ مباراة النهائي التي ستجرى في ملعبه، هل هو أمر ممكن؟ -- إنه بالطبع حافز إضافي بالنّسبة لبايرن ميونيخ الذي يعدّ دائما مرشّحا للظفر باللّقب، فالمؤهّلات حاضرة إلاّ أن الفوز بدوري أبطال أوروبا يلزمه حماسة كبرى ورغبة جامحة إلى جانب القليل من الحظّ· - كيف تُقَيِّم مانويل نوير وريثك الحقيقي والشرعي في حراسة مرمى الفريق البافاري بعد حوالي تسعة أشهر؟ -- إنه يشعر بالصعوبة البالغة أن يكون جاهزا كلّيا ويحافظ على التركيز ورباطة الجأش عندما تصل كرة أو كرّتان في المباراة إلى المرمى· نوير هو حارس مرمى قادر أيضا على ترك بصمة خالدة مع بايرن ميونيخ· - وفيما يخص المنتخب الألماني، هل بإمكانه الفوز باللّقب الأوروبي لعام 2012؟ -- قدّم المنتخب في العام الماضي عروضا رائعة، حيث أنه يطبّق نظام لوف بشكل مثالي وتطوّر أيضا على المستوى الفنّي والتكتيكي· يمكن للمانشافت التتويج بلقب البطولة الأوروبية إذا تحلّى بالرّغبة الكبيرة والانضباط الضروري· - تتمتّع ألمانيا في الوقت الحالي باحتياط كبير من المواهب الشابّة من قبيل ماريو جوتسه وماركو رويس وأندري شورل، إلى جانب هولغر بادشتوبر، هل فوجئت بهذا الكمّ من النّجوم الشباب؟ -- لا يفاجئني ذلك لأنه جاء نتيجة كثير من التغييرات البنيوية والتطويرات على مستوى النّاشئين في كرة القدم الألمانية، فقد تمّ اتّباع فلسفة واضحة في العمل والتدريب، ممّا أخرج إلى الوجود الكثير من المواهب الشابّة مثل جوتس ورويس والآخرين· ليست مفاجأة، لكن لا يجب الاعتقاد أنها آلية أوتوماتيكية، سيكون هناك مجدّدا أفواج أقلّ جودة وهو أمر عادي جدّا، لكن التدريب المتين يزيد من إمكانية الحصول على مواهب كروية استثنائية· - هل يتعيّن على جوتس والآخرين الانتقال في وقت لاحق للاحتراف في الخارج؟ -- ماذا كان سيمنحني ذلك في السابق؟ كنت أرى نفسي كلّيا في بايرن ميونيخ، وطبعت فترة 14 عاما ببصمتي، وأنا ممتنّ لأنني تمكّنت من اللّعب إلى جوار لاعبين كبار، وأعتقد أن هذا الأمر أفضل من اللّعب لثمانية أندية حيث أن المرء لا يعرف تماما في نهاية المطاف أين لعب· لا أعتبر ذلك مثيرا للاهتمام بشكل خاص، لا سيّما وأن البوندسليغا أصبح دوريا جذّابا· - هل يعدّ امتيازا أن اللاّعبين الإسبان بعد فوزهم بالبطولة الأوروبية والعالمية أصابهم بعض الملل بخلاف الألمان الشباب المتعطّشين لحصد الألقاب؟ -- لطالما كان تطوّر الإسبان تدريجيا، حيث كان المرء يعتقد أن النّهاية قريبة وأن الملل أصابهم، إلاّ أنهم يرفعون دائما تحدّيا كبيرا لتحسين مستواهم· وحتى تدريب النّاشئين في أسبانيا لا يتوقّف عن التطوّر· - نسمع في الكثير من الأحيان أن منتخبي إسبانياوألمانيا سيتسيّدان كرة القدم العالمية في السنوات المقبلة··· -- إن مثل هذه الأقوال لا تحترم البلدان الأخرى التي بإمكانها هي أيضا التألّق في أيّ وقت، في هذا المستوى غالبا ما تحسم تفاصيل دقيقة أمر النّصر أو الهزيمة· - يتمنّى الكثير من الأنصار عودة أوليفر كان إلى إدارة نادي بايرن ميونيخ، ماذا يمكنك أن تقول لهم؟ -- لا أخطّط حاليا للعودة إلى الأعمال الكروية بسبب النشاطات العديدة التي أزاولها، فهناك أشياء أخرى وتحدّيات عدا كرة القدم، إلاّ أنني مازالت بالطبع أتابع النّادي باهتمام كبير·