هي ظاهرة أقل ما يقال عنها إنها خطيرة، ومن الممكن أن تعرِّض حياة المواطنين للخطر، خاصة الراجلين منهم، فالأرصفة عبارة عن أماكن للمنفعة العامة، مخصصة لفئة الراجلين من أجل المشي عليها وحماية أنفسهم من التعرض لحوادث سير خطيرة، غير أن الواقع المفروض حاليا جعلها ملكا لأصحاب السيارات الذين اتخذوا منها مواقف دائمة لسياراتهم، دون أن ننسى أصحاب المحلات والباعة الفوضويين، الذين يستغلونها لعرض سلعهم ومنتجاتهم المختلفة، حيث لم تعد الأرصفة ملكا للراجلين، بل أصبحت محتكرة من طرف هؤلاء، الذين جعلوا منها ملكية خاصة بهم دون غيرهم· ولا زالت هذه الظاهرة تتفاقم مع مرور الوقت، خاصة في ظل السكوت الممارس من طرف الجهات المعنية عن الأمر، والضحية الوحيدة في هذا الوضع، هم الراجلون الذين تنازلوا رغما عنهم، على حقهم في السير على الأرصفة للسيارات والباعة الذين يتنافسون عليها من أجل الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من مساحتها· لقد أصبحت الأرصفة عبر مختلف شوارع وأحياء مدن العاصمة، ملكا وحكرا لأصحاب السيارات الذين وجدوا فيها الحل الذي يمكنهم من الركن دون دفع ثمن الموقف، وللشباب البطال الذي وجد في طاولات بيع المكسرات والسجائر، حلا للهرب من شبح البطالة، وكذا أصحاب المحلات التجارية الذين يخرجون سلعهم من محلاتهم لعرضها على طاولات، مستغلين بذلك هذا الفضاء الحر، الذي من المفروض أنه ملك للراجلين دون غيرهم، كل هذه الأمور تجعل من الرصيف ملكية خاصة بهم لا يمكنك العبور منها، وحتى إذا أردت ذلك فإنك لا تستطيع، لأن هؤلاء لم يتركوا ولو حيزا صغيرا ليتمكن الراجلون من المرور عبره· إن استغلال الأرصفة بهذه الطريقة شوه مناظر الأحياء وقضى على جمالها، كما أنه وضع حياة الراجلين في خطر، وبالرغم من وجود قوانين تمنع استغلال هذه الأماكن، إلا أن بعض الاستغلاليين ومحبي الربح السريع لا يتوانون لحظة في استغلالها بشتى الطرق الممكنة والمتاحة لهم، خصوصا عبر الأسواق التي تعرف انتشارا واسعا لهذه الظاهرة، مثل سوق ساحة الشهداء، ورغم وجود سوقين مغطيين إلا أن ذلك لم يمنع تواجد طاولات على الأرصفة دفعت بالمواطنين إلى السير في الطريق المخصص للسيارات، وهو الأمر الذي خلق نوعا من الفوضى، خاصة وأن السوق يستقطب المئات من المواطنين يوميا، مما يتسبب في الاكتظاظ وفي شل حركة المرور، وهو ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى نشوب خلافات ومشادات كلامية بين سائقي السيارات والمارة الراجلين، كل هذا بسبب الاستغلال غير الشرعي للأرصفة من قبل الباعة الفوضويين من جهة، وبعض أصحاب المحلات الذين يخرجون سلعهم للأرصفة من جهة أخرى· ومن خلال الحديث مع بعض المواطنين، لمسنا مدى تذمرهم واستيائهم الشديدين من الوضع، خاصة وأن أغلبهم أجمع أن مثل هذه التصرفات، تعرض حياتهم وحياة أطفالهم للخطر، إذ يقول أحدهم إنه كاد أن يتعرض لحادث مرور عندما اضطر للنزول من الرصيف الذي احتلته السيارات في أحد الأحياء بالقبة، ولولا ستر الله لكان الآن في عداد الموتى أمام جنون وتهور بعض السائقين أيضا، الذين لا يلامون لأن الطريق من حقهم، أما نحن فالرصيف المخصص لنا أصبح ملكا للسيارات وطاولات السلع· سيدة أخرى متقدمة في العمر تقول بأنها سئمت من هذه الفوضى، خاصة في فصل الشتاء، (لأنه يصعب علينا السير في طريق السيارات بسبب برك المياه الكثيرة، وهو الأمر الذي يخرجنا عن هدوئنا في الكثير من المرات، ونغضب بشدة، خاصة وأنه في مثل سننا هذا لا نقوى على الصعود والنزول باستمرار، وهو ما يشكل خطرا على سلامتنا ويعرضنا لحوادث سير خطيرة، لأننا لا نستطيع تجنب السيارات المسرعة)· إن استفحال هذه الظاهرة أدى إلى بروز مظاهر سلبية أخرى على غرار الفوضى والازدحام وحوادث السير الخطيرة، وهي مناظر جد مؤسفة أصبحت تمثل المشهد اليومي لحياة المواطنين، خاصة في ظل اللامبالاة التي يمارسها هؤلاء، زد على ذلك تغاضي الجهات المعنية عن الأمر وعدم محاولة تصحيحه لإعادة الحق المسلوب لأصحابه، وحمايتهم من كل ما يعرض حياتهم للخطر·