كشفت جلسة محاكمة جزائري عمل كمشرف إقامات بمراكز استراحة نجل العقيد الرّاحل معمّر القذافي (حنبعل) عن تفاصيل الحياة اليومية للشخصيات النّافذة بالجمهورية اللّيبية، حيث احتكّ بالعديد منها وكان أبرزهم حنبعل القذافي الذي كان لا يتردّد في سبّ وشتم الشعب الجزائري أثناء تبادله الحديث مع ضيوفه، حيث ردّد في العديد من المرّات عبارة (آش بلد مليون ونصف مليون شهيد بل بلد مليون كلب). محاكمة المتّهم (س. إسكندر) المدعو (مراد) بجناية إجراء مخابرات مع عملاء دولة أجنبية من شأنها الإضرار بالدبلوماسية الجزائرية وبمصالحها الاقتصادية انتهت بإدانته من طرف هيئة محكمة جنايات العاصمة ب 04 سنوات حبسا نافذا بعدما التمس له ممثّل الحقّ العام عقوبة 20 سنة سجنا نافذا. حيث أقرّ المتّهم بتعرّضه للتعذيب من طرف حنبعل القذافي، فيما نفى محاولة تجنيده لتنفيد هجومات انتحارية بمطار جنيف ومنشأتين اقتصاديين بفرنسا وإيطاليا ونسبها إلى القاعدة. وقد استهلّت جلسة المحاكمة بمناداة القاضي على المتّهم والتأكّد من هويته قبل أن يشرع في استجوابه، حيث سأله: ماذا تعمل؟ المتّهم: مشرف إقامة خاصّة. القاضي: ما هو مستواك الدراسي؟ المتّهم: لديّ شهادة نهائي لغات أجنبية. القاضي: أين درست؟ المتّهم: درست في جامعة الفاتح وبعض المدارس الخاصّة للتعليم، منها المدرسة الأمريكية بالجمهورية اللّيبية. القاضي: سمعت الاتّهام الموجّه إليك ما هو ردّك على الأفعال المنسوبة إليك؟ المتّهم: سيدي الرئيس قضيت مدّة 24 شهرا في الزنزانة ولا أدرك السبب الحقيقي لتواجدي فيها، فقد تمّ توقيفي دون ذنب أمّا فيما يخص الوقائع الموجّهة إليّ فقد دخلت التراب اللّيبي أوّل مرّة في جانفي 1996 وحصلت على وظيفة في مطعم الشراع وهو مكان يستضيف أكبر الشخصيات النّافذة، سواء اللّيبية أو الدولية وقد كان يتردّد عليه رئيس المخابرات اللّيبية عبد اللّه السنوسي، محمد القذافي، الزّعيم الإفريقي نيلسون مانديلا والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية (عمرو موسى)، فضلا عن الفنّانين العرب نجوى كرم، جورج وسوف وغيرهم. إن تواجدي في هذا المكان كان نابعا من حبّي لمهنتي، حيث عملت بجدّ واستطعت تكوين نفسي من خلال تعلّمي للعديد من اللّغات من الرّوسية، الإسبانية، الألمانية وغيرها. وفي سنة 1999 انسحبت لظروف خاصّة، حيث عدت إلى الجزائر وبقيت مدّة 15 يوما أين تحصّلت على بطاقة الإعفاء من الخدمة الوطنية ثمّ عدت مجددا، حيث علمت بأن تغيّبي ترك فراغا، حيث كانت تسأل عنّي جميع الشخصيات التي كانت تتردّد على المطعم لكفاءتي وخبرتي، فطلب منّي صاحب المطعم أن يتمّ تحويل خدماتي إلى بعض مراكز الاستراحة الخاصّة فقبلت واعتبرت ذلك فخرا لي ولبلدي، وبعد مدّة غادرت المطعم بعدما تمّ تهديمه، لينادني مباشرة بعد الواقعة الأستاذ سالم بن عيسى للعمل معه في استراحة (الكراليدن) المتواجدة بالحي الدبلوماسي، وبالصدفة كانت متواجدة بالقرب منها الاستراحة الخاصّة ب (حنبعل معمّر القذافي)، حيث كنت أشاهد هذا الأخير رفقة ضيوفه وأعمل على خدمتهم وأنهيت عملي في الاستراحة سنة 2006. يقاطعة القاضي: حدّثنا عن عن علاقتك بعبد السلام جلول ونجيله أسامة وحسام.. المتّهم: بعدما توقّفت عن العمل عدت إلى الجزائر ولمّا عدت إلى ليبيا توجّهت للعمل مع عصام مرتضى مشرف إقامات حنبعل القذافي الذي استفسرني عن سبب زيارتي للجزائر فأخبرته بأنّي توجّهت لتركيب طاقم أسنان، في الوقت الذي منحني فيه عصام رقم شقيقه كمال مرتضى وطلب منّي الاتّصال به لأنه سوف يدبّر لي عملا مع شخصية نافذة فاتّصلت به واقترح عليّ العمل في استراحة (كارغول) المتواجدة بالقرب من أحد أجنحة باب العزيزية وهي للرجل الثاني في القيادة الليبية أحمد جلول)، غير أن الفضيحة التي قام بها حنبعل في سويسرا رفقة زوجته (إلين) أين قاما بالاعتداء على خادميهما كمال مرتضى وصوفيا وتطوّر الوضع أين تمّ سجن نجل القذافي، وبعد عودته إلى ليبيا طلب من جلول أحمد أن يلغي عقدي ويحوّلني إلى الاستراحة الخاصّة به فتمّ إلغاء العقد وأمضيت على عقد جديد لمدّة 03 سنوات بمرتب 05 آلاف دولار للشهر، كما تمّ حجز جواز سفري، غير أنني في أحد الأيّام تجرّأت واتّصلت بعصام مرتضى وسألته عن أحوال شقيقه، الأمر الذي أثار غضب حنبعل فقام بتعليقي في شجرة زيتون وحرّض رجاله على ضربي وسبّي، وفي اليوم الموالي تقرّب منّي مجددا وطلب منّي الصفح لأنه كان تحت تأثير المشروبات الكحولية ولم يكن يعي ماذا يفعل. حنبعل القذافي شتم شهداء الجزائر! ويواصل المتّهم تصريحاته قائلا: بعد تلك الحادثة جاء حنبعل حاملا معه ملفا يحوي أدقّ تفاصيل حياتي في الجزائر وهدّدني بقتل والدي إذا تجرّأت على الهرب، كما أخطرني بأنه بإمكانه أن يحضرني أين ذهبت، كما أصدر أمرا يمنعني فيه من الخروج من الاستراحة أو الاتّصال بأيّ شخص آخر وتواصلت مأساتي إلى غاية سنة 2010 وتطوّر الوضع من الإهانة والسبّ والشتم والبصق إلى سبّ الشهداء، حيث كان يردّ على ضيوفه الذي يعرفون أنّي من بلد الجزائر بالقول: (آش بلدي المليون ونصف مليون شهيد، بل هي بلد المليون ونصف كلب). القاضي: لا تخلط الأمور وتحدّث عن كيفية تجنيدك لتفجير مطار جنيف.. المتّهم: لقد تمّ سجني في معتقل عنتر بعدما كنت شاهدا على واقعة تعليق فتاة مغربية واغتيالها رميا بالرّصاص على أيدي حرّاس حنبعل بالجمهورية اللّيبية وتعرّضت لمختلف أنواع الترهيب النّفسي والجسدي، فضبّاط المخابرات كانوا يخطرونني بأن حنبعل لديه نفوذا وسلطة في الجزائر ولا يمكن لحشرة مثلي أن تفسد العلاقات التي تربط الجزائر بليبيا، غير أنني لم أتعرّض لمحاولة تجنيد من طرف حنبعل القذافي كما ورد في قرار الإحالة، بل كانت تلك التصريحات تحت ضغط الضبطية القضائية، كما هدّدوني بتسليمي ل (حنبعل) في حال رفضت التوقيع على المحاضر. كما تعرّض المتّهم حسب تصريحاته لمعاملة يندى لها الجبين في معتقل عنتر لولا مساعدة قدّمتها له فتاة تدعى سينتيا، حيث فكّت وثاقة ومكّنته من الفرار ليدخل التراب الجزائري عبر منطقة الدبداب بعدما قطع مسافة 822 كلم مشيا على الأقدام. القاضي: ماذا حدث لك بعد هذا؟ المتّهم: دخلت التراب الجزائري نهاية شهر فيفري 2010، حيث توجّهت إلى أوّل مركز للدرك الوطني متواجد على الحدود أين أدليت بكلّ ما حدث لي فأطلقوا سراحي وطلبوا منّي التوجّه إلى منزلي العائلي في انتظار أن يتّصل بي المسؤولون. كما طمأنني الضابط الذي استجوبني بأن المحضر سيتمّ إرساله إلى وكيل الجمهورية لاتّخاذ الإجراءات اللاّزمة، وأن الأمر لن يستغرق سوى 10 أيّام، غير أنه مرّت مدّة أزيد من شهر فاتّصلت بالسفارة الفرنسية للحصول على رقم السفارة السويسرية بغرض الالتقاء بمدير مكتب منظّمة حقوق الإنسان لرفع شكوى ضد حنبعل القذافي وليس لإخطارهم بمعلومات حول العمليات الانتحارية التي كان يريد هذا الأخير تنفيذها. القاضي: لماذا لم تلجأ إلى مصالح الأمن الجزائرية؟ المتّهم: لجأت إلى الدرك الوطني بمنطقة الدبداب غير أنهم لم يحرّكوا ساكنا فلم يكن لي سوى اللّجوء إلى منظّمة حقوق الإنسان لتحميني من بطش حنبعل، كما طالب بإحضاره كونه يتواجد في الصحراء الجزائرية بعدما وفّرت له الدولة الحماية لمواجهته بحقيقة التعذيب وسبّ الشهداء.