كانت هدية مجلة الأزهر التي يصدرها مجمع البحوث الإسلامية في عددها الصادر في جمادى الأولى 1433 ه أفريل 2012م، كتيبا عنوانه: _أمريكا..هل هي شعب الله المختار ؟_ ألفه قسّيس نصراني هو: هيربرت أرمسترونج الأمريكي، وعنوانه التام هو: _أمريكا وبريطانيا في نبوءات الكتاب المقدس_، الذي طبعت منه خمسة ملايين نسخة، وروّج له مؤلفه في برنامج إذاعي: _العالم غدا_، وأذيع على 400 قناة تلفزيونية في أنحاء مختلفة من العالم. يدّعي صاحب الكتاب أن الأمريكان والإنجليز هم شعب الله المختار الذين وعدهم سيدنا إبراهيم، فهم الذرية الإبراهيمية التي وعدهم الله في التوراة، وجعلهم الرّب حملة رسالة استعمار العالم، ومن ذلك أرض فلسطين ليعود المسيح حاكما للعالم ألف سنة. ويعلن أن القرن الواحد والعشرين هو قرن الإمبريالية الأمريكية، ويجعل ذلك دينا يتديّن به اليمين المسيحي الذي يحكم أمريكا في هذه الأيام. وقال: إن وعد الله في التوراة ليس لليهود، وإنما هو للأمريكان والإنجليز، أما اليهود وهم جزء من إسرائيل، فقد دمرهم الله لكفرهم، وانقطعت دولتهم منذ عهد _صدقيا_ بعد عصر سليمان. أما الأسباط العشرة، وهو أغلبية إسرائيل (يعقوب) فهم الذين استمر فيهم الوعد والميراث، وحمل بذرتهم وامتدادهم النبي _أرميا_ مع إحدى بنات _صدقيا_ إلى إيرلندا ثم انجلترا وأخيرا إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، فتحقق لهم الوعد المادي والوعد الروحي لأنهم مسيحيون، فأصبح بذلك في زعمه الأمريكان والإنجليز هم شعب الله المختار، حسب تفسيره لنبوءات التوراة. ويذكر: (أن الرب يحذرنا من خلال نبوءات عديدة في كتاب أرميا وإشعيا وحرقيال وميخا وفي كتب أخرى، أنه إذا لم نتب ونطلب عفو الرب عن سيئاتنا ونرجع إليه بالصوم والتضرع، وبالبكاء والصلاة، فإنه سوف يدمّر مدننا وجميع حصوننا بالسيف الأجنبي...). وهذا أغرب تفسير للتوراة، وقلب لحقائق التاريخ، أدى إليه الغرور بقوة الإمبراطورية الأمريكية، وقبلها الإمبراطورية الإنجليزية. فهذا تطور في المذهب البروستنتي، لا يقبله اليهود، ولا الكاثوليك، ومن هذا المذهب كان مصدر تأييد الأمريكان والإنجليز، وهم في الأغلب بروتستانتيين لإسرائيل، وليس هذا التأييد مجرد سياسة، وإنما هو صادر عن دين وعقيدة يتدين بها هؤلاء الذين يدعمون إسرائيل دعما مطلقا، كما دل على ذلك التاريخ الحديث ونشأة دولة العدو الإسرائيلي. بقلم: الدكتور عمّار طالبي * عن موقع جمعية العلماء المسلمين الجزائريين