استسلم بعض الأولياء ووجدوا أنفسهم يحرمون أطفالهم من حقهم في الدراسة بعد أن أُكرهوا على ذلك الخيار بسبب الظروف المحيطة التي حتمت عليهم اتخاذ ذلك القرار الصعب، لاسيما وأن جل الأولياء حلمهم أن يروا أطفالهم في أعلى المراتب، إلا أن الحالة الصحية المتدهورة لأطفالهم أعاقتهم عن تحقيق تلك الأحلام وحكموا على أطفالهم المرضى والمعاقين بالسجن مدى الحياة وإلغاء حقهم في التعليم، لكن نجد منهم من صارعوا بيروقراطية المكاتب وواجهوا المصاعب لأجل أن ينهل أبناؤهم ما تيسر لهم من العلوم. ولا ينفي بعض الأولياء الإشكالات التي يتعرضون إليها على مستوى المؤسسات التربوية والتي ترمي كلها إلى التماطل عن قبول الطفل كونه يحمل من ورائه مسؤولية كبيرة للمدرسة ككل بدءا من مديرها وإلى غاية المعلمين، خاصة وأن الحالة المرضية للطفل تحتاج إلى تكفل خاص ورعاية كاملة حملها الأولياء كلها على عاتقهم فهم مجبرون على ضمان تنقل أبنائهم من وإلى المدرسة، وتوصيتهم بشرب الدواء والتزود به في المدرسة إلى غيرها من الأعباء التي تقع على عاتق الأولياء في ظل غياب التكفل الصحي الجيد وكذا المتابعة الطبية للأطفال المرضى بالمدارس بمختلف أطوارها. هذا وناهيك عن حرمانهم من الاختبارات الفصلية دون أدنى اعتبار لحالتهم المرضية مما ضيع مصير الكثير من الأطفال حسب شهادة الأولياء الذين وجدوا أبنائهم ضحية للأمراض التي يتخبطون فيها وكذا وضعهم الدراسي السيء، ما تجرعته عائلة من البليدة بعد أن ذاق ابنها مرارة مرض الهيموفيليا الذي أقعده بالبيت على الرغم من تفوقه الدراسي في الطور الأول والطور الثاني إلا أن حظه التعيس جعله يمرض قبل إنهاء امتحانات مرحلة المتوسط وحرم من بعض المواد التي حاز فيها على علامة صفر وقابلتها تلك العلامات الجيدة في المواد الأخرى، وبعد تعرضه إلى مثل تلك السيناريوهات وإضاعة أعوام من الدراسة وجد نفسه وأهله يستسلمون على الرغم من تفوقه الدراسي إلا أن بيروقراطية المكاتب كان وقعها أقوى من الوثائق والشهادات التي تثبت عجزه ومرضه تلك التي لم تشفع له في إنقاذ دراسته وكان مصيره العجز بالبيت متخذا قرار توقيف الدراسة التي أنهكت قواه وأحبطت معنوياته في كل مرة. أما سيدة من عين النعجة فواجهت ابنتها تمييزا عنصريا فظيعا كاد أن يخنقها ويعرض ابنتها إلى عقد نفسية حادة بسبب وجود عيب خلقي بوجهها مما أدى بالمعلمة إلى إقصائها ووضعها في آخر القسم وحرمانها من المشاركة في النشاطات التعليمية لا لشيء سوء بسبب ذلك العيب الخلقي الذي لا يد لها فيه، وإنما هي مشيئة الله تعالى ولولا تشجيعها لها في كل مرة لما واصلت دراستها وهي اليوم في الطور المتوسط. دون أن ننسى المعاناة اليومية التي يتكبدها أولياء التلاميذ الذين يعانون من إعاقات حركية، بحيث يجبرون على إيصال أبنائهم من وإلى المدرسة أربع مرات في اليوم، ويقطعون المسافات الطويلة بغية الوصول إلى مدارسهم في ظل غياب البديل. وكان من المفروض تخصيص مدارس لهؤلاء الفئات خاصة للذين يعانون من إعاقات حركية وإدماجهم بمدارس خاصة مع وجوب توفير الظروف الملائمة في نقلهم إلى المدرسة وليس إدماجهم بمدارس عادية، ومن ثمة تحميل أوليائهم مسؤوليات كبرى لا يسهل عليهم تحملها البتة، ناهيك عن الحرمان من الامتحانات الذي يتعرضون إليه دون أدنى اعتبار لحالتهم الصحية المتبثة بشهادة طبية ويقصون بمنحهم علامة الصفر في بعض المواد على الرغم من تفوق مستوى بعضهم مثلما ذكرناه في العينة السابقة. كما أنهم يوضعون في آخر المراتب وهو ما حدث مؤخرا لأحدهم بعد أن حرمه مرضه المزمن من اجتياز شهادة البكالوريا على الرغم من استكماله للفصول الدراسية بطريقة عادية في السنة الماضية، ليفاجأ وليه بقرار طرده في هذه السنة كونه تعدى السن القانوني للدراسة مما جعله يسارع إلى أبواب أكاديميات التربية لعل مرضه يشفع له في إعادة السنة مثله مثل بقية التلاميذ.