(جزيرة مورو) ليست هي البلاد المسلم الوحيد التي فقدها المسلمون في وقت ضعفهم، وليست هي الأولى التي ينساها المسلمون، فمثيلاتها كثير، لكن أهلها لم يركنوا لمن ظلمهم ولم يعوِّلوا على إخوانهم المسلمين الذين تركوهم في أشد محنتهم دون تقديم المساعده الكافيه لهم. يقدّر عدد سكان (جزر مورو) بحسب موقع الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بنحو عشرين مليون نسمة تقريبًا، 90% منهم مسلمون، وهم السكان الأصليون في مينداناو والجزر المحيطة، ووصل الإسلام بها منذ وقت مبكر، فانتشار الإسلام كان في سنوات ما بعد 1200 ميلادية؛ وذلك قبل بدء وصول ماجلان ونصرانيته في عام 1521م، وكان دخول الإسلام عن طريق الدعاة والتجار. قاوم شعبُ مورو منذ نحو أربعمائة سنة الإحتلال الإسباني دفاعًا عن العقيدة والوطن والذي وصل إلى الجزيرة في القرن السادس عشر بهدف الإحتلال وتنصير السكان المسلمين. لم تنته مقاومة مسلمي (مورو) بعد رحيل الإحتلال الإسباني، فقد حل بعده الإحتلال الأمريكي والياباني واللذان وٌوجها بمقاومة شديدة من قبل المسلمين، لكن مع ذلك عندما منح الأمريكان الإستقلال للجزيرة الفلبينية المتنصِّرة عام 1945م ضمُّوا أراضي بانجسا مورو إلى الجمهورية الفلبينية الوليدة الحديثة رغم المعارضة الشديدة لشعب مورو، ومنذ ذلك الحين أصبحت أرض مورو خاضعةً للحكومة الفلبينية فكانت احتلالاً جديدًا لشعب (مورو) المسلم. ومنذ ذلك الإحتلال الإسباني لم ينعم شعب (مورو) بنعمة الهدوء والسلام الحقيقي في البلاد، وعمت الفوضى وعانى من كساد اقتصادي ومشكلات تربوية وتعليمية وسياسية، وحيل بين المسلمين وبين تطوير بلادهم واستغلال مواردها الطبيعية، واتبع الاحتلال سياسات تهدف إلى إفقار المسلمين، ودعوة المسيحيين للهجرة الجماعية وبناء مغتصبات لهم ليكون المسلمون أقلية في بلادهم. في مطلع السبعينيات قامت المؤسسات العسكرية للفلبين بإمداد المسيحيين المهاجرين بالسلاح، فشنوا به سلسلة من المذابح والقتل الجماعي ضد المسلمين؛ ما جعل المسلمين يعلنون الجهاد ضد الحكومة الفلبينية رسميّا. تكوَّنت جماعات مقاومة أبرزها، جبهة تحرير مورو الوطنية، في عام 1962م والتي تأثرت بفكر جماعة الإخوان المسلمين على يد مؤسسها الإمام حسن البنا، لتخوض حربًا ضد التحدي الذي تعرض له المسلمون الذي تمثله منظمة (إلاجا)، حيث قُتل أكثر من مائة ألف مسلم، وشُرد نحو مليوني مدني مسلم، واغتصبت مئات آلاف الهكتارات من أراضي المسلمين، وأحرقت البيوت والمساجد والمدارس. ولكن تحت ضغط العمل المسلح أجبرت الحكومة الفلبينية على الدخول في مفاوضات مع الثوار المسلمين، وكانت أول جولة تفاوضية بين الجانبين في يناير عام 1395ه/ 1975م، وهي أول مفاوضات مع الثوار المسلمين، وقاد (نور ميسووارى) و(سلامات هاشم) فريق الجبهة في المفاوضات مع الحكومة، والتي كانت في ذلك الوقت برعاية الوسيط الأندنوسي. في عام 1396ه، 1976م، أجريت سلسلة من مفاوضات السلام بين الحكومة وقادة الجبهة الوطنية بوساطة ليبية، أسفرت عن توقيع (إتفاقية طرابلس) التي تنص على منح المسلمين حكمًا ذاتيًّا، إلا أن الإتفاق لم يدخل حيز التنفيذ نظرًا لمماطلة الحكومة الفلبينية، وسرعان ما عادت الأمور إلى التوتر وعادت معها العمليات المسلحة من الجانبين، عملت الحكومة الفلبينية بعدها على تغيير التركيبة السكانية للمسلمين في (مورو) بتوطين النصارى من الشمال إلى الجنوب حتى قل عدد المسلمين إلى 50 بالمائة بعد أن كانوا أغلبية كاسحة. ثم في عام 1982 تصدّعت جبهة تحرير مورو الإسلامية إثر خلاف بين الزعيمين نور ميسواري والشيخ سلامات هاشم حول رؤية حل القضية عشية توقيع معاهدة بين الحكومة الفلبينية والجبهة، المعروف باتفاق طرابلس في عام 1976، ف(سلامات هاشم) يرى أن الحل العسكري واستمرار الجهاد هو الطريق الأمثل، في حين يرى (نو مسواري)، أن طريق المفاوضات ربما يكون أكثر فاعلية. بعده بدأت جبهة تحرير (مورو) عملها من الصفر -كما يقول زعيمها- (مراد إبراهيم)، بعد الإنشقاق عن جبهة تحرير مورو الوطنية، مطلع الثمانينات، والتي كان يرى أنها تقترب من مخاطبة الحكومة الفلبينية، والتي كانت تسعى لتفويت الفرصة على المسلمين بحصولهم على دولة مستقلة. سعت جبهة (سلامات هاشم) إلى إنشاء قوه عسكرية متكافئة رغم فقرها الشديد، حيث إن المساعدات المخصصة التي تأتي من منظمة المؤتمر الإسلامي والدول الإسلامية تأتي إلى جبهة مورو الوطنية والتي تعد الممثل الرسمي لمسلمي الفلبين. واعتمدت جبهة (سلامات هاشم) على التربية الإسلامية لأبناء حركتها وتقوية مؤسساتها، والتنمية الذاتية واعتمادها على ذاتها، واعتبارا من عام 1985م ، تدرَّجت مراحل تنفيذ خطتها على ثلاث مراحل، كان كل مرحلة خمس سنوات، وفي عام 1999 تمكنت من إنشاء تنظيم قويٍّ ونشر الفكرة الإسلامية في كل (مورو)، وانتظم في جبهة مورو الإسلامية نحو 70% تقريبًا من شعب مورو، وانضمَّ 6 ملايين عضو جديد للحركة، ووصل أعضاء المقاومة إلى 100 ألف مجاهد مدرب تدريبًا جيدًا، وسُلح حوالي 60 % منهم. اعتمدت الجبهة على السلاح الذي تغنمه من معاركها مع الجيش الفليبيبي ومن تجار السلاح، حتى تمكنت الجبهة من إنجاز مصانع لصناعة الأسلحة، صنعت فيها البنادق البسيطة والذخائر، ثم تمكنت من تطويرها إلى أسلحة حديثة وأصبح المصنع قادراً على إنتاج الصاروخ المضاد للدبابات. وعندما شعرت الحكومة الفلبينية، بأن المواجهات المسلحة مع المسلمين غير مجدية، شرعت في شق صفوف المسلمين وعقدت عام 1996 مع زعيم الجبهة الوطنية لتحرير مورو (نور ميسواري) معاهدة على أن يكون الحاكم للشعب المسلم شريطة التبعية للدولة الفلبينية، إلا أنها لم تف بوعدها وألقت القبض عليه تمهيدًا لمحاكمته بتهمة إثارة الاضطرابات في (مورو). ثم في عام 1997، لبَّت جبهة تحرير مورو الإسلامية دعوة الحكومة الفلبينية للخوض في مفاوضات، واستغرقت المداولة بين الطرفين عشرة أعوام إلى أن توصلا إلى التوقيع النهائي في 5 من شهر أوت 2008، فتدخلت المحكمة العليا الفلبينية لتجميده جراء اعتراض السياسيين المسيحيين في الجنوب، فاندلعت الحرب مجدداً بين الطرفين إثره. وفي عام 13 جويلية 2003، لقي الشيخ (سلامات هاشم) ربه، وتولى قيادة الحركه من بعده (الحاج مراد إبراهيم). واستطاع (مراد إبراهيم) في وجود وساطة مالزية إنهاء الأزمة حتى توصلت الحركة إلى إقامة حكم ذاتي للمسلمين في إقليم (مورو) المسلم، وتم توقيع الإتفاقية مع حكومة الفلبين يوم الإثنين 15 أكتوبر2012، والذي يفترض أن يُرسي خلال أربع سنوات سلامًا دائمًا وحكمًا ذاتيًّا للمسلمين في جزيرة ميندناو جنوبي البلاد، وأن يضع حدًا لصراع مسلح استمر أربعة عقود وأودى بحياة 150 ألف شخص من الجانبين منذ عام 1969. وجرى توقيع الإتفاق في حفل كبير أقيم في القصر الرئاسي في مانيلا، وحضره الرئيس الفلبيني بنينو أكينو، ورئيس جبهة مورو الحاج مراد إبراهيم، ورئيس وزراء ماليزيا نجيب عبد الرزاق، الذي قادت بلاده جهود الوساطة لإنهاء القتال المستمر في (مورو). وحضر الحفل أيضًا أمينُ عام منظمة التعاون الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلو، ومسؤولون من دول جنوب شرق آسيا لتكون بداية ليأخذ المسلمون حقهم المنهوب منذ عقود، كما قال (مراد إبراهيم) في بيان عقب الإعلان عن الإتفاق، أن الإتفاق يضع (أسسًا راسخة لصيغة سلام عادل ودائم، بيد أن التوصل إلى هذا الاتفاق لا يعني نهاية الصراع، لكنه يفتح الباب أمام مرحلة جديدة أكثر تحديًا). * قُتل أكثر من مائة ألف مسلم، وشُرد نحو مليوني مدني مسلم، واغتصبت مئات آلاف الهكتارات من أراضي المسلمين، وأحرقت البيوت والمساجد والمدارس. ولكن تحت ضغط العمل المسلح أجبرت الحكومة الفلبينية على الدخول في مفاوضات مع الثوار المسلمين، وكانت أول جولة تفاوضية بين الجانبين في يناير عام 1395ه/ 1975م وهي أول مفاوضات مع الثوار المسلمين. * اعتمدت جبهة (سلامات هاشم) على التربية الإسلامية لأبناء حركتها وتقوية مؤسساتها، والتنمية الذاتية واعتمادها على ذاتها، واعتبارا من عام 1985م ، تدرَّجت مراحل تنفيذ خطتها على ثلاث مراحل كان كل مرحلة خمس سنوات، وفي عام 1999 تمكنت من إنشاء تنظيم قويٍّ ونشر الفكرة الإسلامية في كل (مورو)، وانتظم في جبهة مورو الإسلامية نحو 70% تقريبًا من شعب مورو، وانضمَّ 6 ملايين عضو جديد للحركة، ووصل أعضاء المقاومة إلى 100 ألف مجاهد مدرب تدريبًا جيدًا، سُلح حوالي 60 % منهم.