بقلم: محمود سلطان * يشكو المثقّف العلمانى من (صَلَف") نظيره الإسلاميّ، زاعمًا أنّ الأخير يتسلّح ب(فتاوى التّكفير)، وب (الإرهاب الفكريّ) فى مواجهة (رقّة مشاعر الأوّل!!) و(عقلانيّته!!) و(أدبه الجمّ فى الحوار!!). ولا يكفّ العلمانى عن التّباهى بأنّه تعلّم أصول (الإتيكيت) عن الغرب (العقلانيّ)، (المتحضّر)، (المستنير)!!، وأنّه ضاق ذرعًا ب (غلاظ القلوب) من الفقهاء والمثقّفين (المتزمّتين) الذين يستشهدون بالنّصوص، وما يتضمّنه ذلك من (تخويف) و(إرهاب)، بل ربّما من تطاول (غير مهذّب) على (العقل)" النقدى العلمانى المتحلّى ب (أدب الحوار) وب (الإحساس المفرط تجاه الآخرين!!). ظاهرتا (الحجاب) و(منْع الاختلاط بين الجنسين) - مثلاً - كيف يراهما "(المهذّبون) العلمانيّون؟!، باحث علماني مصري وضع بحثًًا بعنوان (الفلسفة والدّين فى المجتمع العربى المعاصر)، شارك به فى مؤتمر عُقد بالجامعة الأردنيّة.. يقول فيه: (إنّ التّفكير الفلسفى يستطيع بالاستناد إلى حقائق علم النّفس أن يجد مجالاً واسعًا للبحث فى دلالة هذا الاهتمام المفرط بالجنس فى دعوات الجماعات الدّينيّة المعاصرة؛ فمشكلة الحجاب مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالتّحريم الجنسيّ، وبنظرة جنسيّة متطرّفة إلى طبيعة الرّجل وطبيعة المرأة، تبلغ أقصى مداها، وتعبّر عن عناصر الكبْت فيها بوضوح صارخ حين يحرّم السّلام باليد بين الرّجل والمرأة.. بوصفه (تلامسًا) يؤدّى - شأن أي تلامس آخر- إلى الإثارة!، ومثل هذا يُقال عن منع الاختلاط، الذى يفترض دائمًا وجود أفكار شريرة فى ذهن الرّجل والمرأة، لا يمكن حلّه بالتّربية ولا بالسّعي إلى أهداف اجتماعيّة تعلو على النّزوات الفرديّة، بل إنّ الحلّ الوحيد الممكن (الذى وفى الواقع (لا حلّ) هو الفصل القاطع بينهما!). ولا يرى (الباحث) أنّ هذا (التّفسير) يخدش حياء الملايين من الفتيات المسلمات المحجّبات فى العالم العربى والإسلاميّ، إذ أنّه يؤكّد: (أنّ هذه المناقشة لو سمح لها أن تتمّ بحريّة، لن تضرّ بقضيّة الدّين، على عكس ما يتصوّر المتزمّتون، بل إنّها ستعمّق الفكر الدّينى وتزيده ثراءً!!). هذا النّموذج العلمانى المصري ليس استثناءً؛ إذ يرى الباحث العلمانى الفلسطيني (هشام شرابى) أنّ (الصّحوة الإسلاميّة) تعبير عن (الحرمان الجنسيّ) لدى الجماهير!!، ومن ثمّ فإنّه يصف (الحقيقة الدّينيّة) بأنّهّا (سخافة)، ولا تمنعه من مهاجمتها - على طريقة فولتير فى القرن التّاسع عشر - إلاّ خشيته من الوقوع فى شَرَك (الأصوليّين المتديّنين)!!. هذا جانب بسيط من (الخلاعة الفكريّة) التى يطلب العلمانيّون أن يقبلها (الفقيه) أو (المثقّف) المسلم على أنّها (الحقّ) الذى لا يقبل الخلاف بشأنه، وإلاّ أصبح ظلاميًّا أو رجعيًّا أو متطرّفًا، ونحو ذلك من المفردات "(المهذّبة) جدًا، والتى لا يملك العلمانيّون غيرها لغة ل (الحوار)!!.