انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة لم تكن موجودة بنفس الحدة في العقود الماضية، حيث عرفت في الوقت الحالي الهجرة بكل أنواعها تفاقما، حيث مست جميع الجوانب في حياة الإنسان وخاصة منهم فئة الشباب التي تعتبر أكثر تضررا داخل المجتمع وذلك راجع لعدة أسباب. ولكن الشيء الملفت للانتباه هو هجرة هؤلاء الشباب لبنات وطنهم باتجاه الأجنبيات من الدول الأوربية بسبب التعقيدات والشروط الثقيلة التي وضعت في وجوههم، ولعل غلاء المهور والتهاب السكنات يعتبران من بين الأسباب الأولى لذلك، إذ صارا يرعبان العزّاب في الجزائر، مما دفع بالشباب للارتباط بأجنبيات، سيما مع السهولة التي تتم بها العملية مع غير الجزائريات، خلافا لما يحدث في ديارنا من مشكلات حقيقية تقف عائقا أمام إكمال نصف دين الكثيرين في ظلّ الشروط التعجيزية التي باتت بعض الأسر الجزائرية تفرضها. صنعت عادات الزواج السائدة في مجتمعنا، وتمسك بعض العائلات بمطالب لها أول وليس لها آخر حاجزا أمام إكمال حلم آلاف الشباب في بناء أسر خصوصا مع ارتفاع المهور إلى مستويات خيالية، وصار الارتباط بالأجنبيات مشروعا ناجحا بأقل التكاليف أمام الانتشار الواسع للصينيات والإفريقيات والتواصل مع أوروبيات، وهو ما نحاول توضيحه في هذا الموضوع. ولعل للتطور التكنولوجي والتفتح على شبكة الأنترنت دور كبير من خلال صفحات التعارف على بنات حواء من وراء البحار، وفي هذا الشأن أفادنا أحد الشباب الذي كان منهمكا بأحد قاعات الأنترنيت، حيث قال إنّه تعرف على ألمانية عبر الأنترنت، وأخبرنا أنها تريد الزواج به، كما كشف أنها أرسلت له دعوى لتسهيل حصوله على التأشيرة، حيث أكد أنه حقق حلمين في الوقت نفسه إكمال نصف دينه والهجرة إلى بلد أوروبي. وأكد لنا آخرون أنّ الأجنبيات لا يبحثنّ على الماديات بقدر ما يكون هدفهنّ بناء أسر عبر الزواج، وأبرز فريق ممن استجوبناهم أنّ الزواج بأجنبيات يعفيهم من تقديم مهور وتحمل مسؤولية تكاليف الزواج من جزائريات، ما يفوق قدرة أي شاب محدود الدخل على حد قولهم. وليد أحد هؤلاء الشباب الذين التقينا بهم، حيث فضل الارتباط بإحدى الإسبانيات من خلال قوله: (إنه يوجد بها صفات لا يمكن توفرها لدى الجزائريات، كما أنها تتخلى عن جميع حقوقها في سبيل الزواج بي، ولم تطلب تقديم مهر أو سكن خاص بل وافقت على الإقامة رفقة عائلتي). وأوضح شاب آخر كان يجلس رفقة وليد على أنه تعرف على إحدى الأوربيات ووجد فيها مميزات نادرا ما تتواجد عند الجزائريات، خاصة أنها لم تطلب منه تقديم مهر وما كان يهمها حسب قوله هو الزواج به، مبرزا قبولها شرطه باعتناق الإسلام. في الوقت الذي وجد بعض الشبان بأحياء سيدي فرج حلا سريعا بالزواج من لاجئات سوريات، ذكر أحدهم أنه فضل الارتباط بشامية سيما مع امتلاكها لجميع المميزات التي يحلم بها أي شاب. يحدث هذا في الوقت الذي قرر فيه آخرون إلغاء فكرة الزواج نهائيا بعدما كانت أغلب تجارب ارتباطهم فاشلة، حيث كشف لنا (مرزاق) الذي يبلغ من العمر 42 سنة على أن الشروط التي فرضتها عليه أسر الشابات كانت تفوق قدرته المادية، وجرى تفضيل زوجا ثريا لآخر من تقدّم إليها بعدما عجز عن تلبية طلبات عائلتها، هذه الأخيرة اشترطت عليه توفير سكن خاص، وتقديم مهر تفوق قيمته 180 ألف دينار. وأرجع آخرون عزوفهم عن الزواج بجزائريات إلى المغالاة في تكاليف ما قبل العرس التي تخطت عتبة 400 ألف دينار بين شراء أطقم الذهب وتقديم المهيبة في المناسبات، وهو الأمر الذي استلزم ضرورة النظر في الموضوع من جديد حتى لا يصبح نصف الدين هم بالنسبة للمقبلين على الزواج.