احتلت التكنولوجيا الحديثة حياة المواطنين من بابها الواسع الأمر الذي أدى إلى انتشار بعض الظواهر التي باتت تطبع جل أزقتنا وشوارعنا ومنها نجد الاستعمال المفرط لسماعات الهاتف النقال أو ما يُعرف ب(الكيتمان) والتي جاءت كنتيجة حتمية للتطور السريع والمذهل في أجهزة وسائل الاتصال، حيث لا يمكن لأحد أن يتجاهل الوظيفة الفعالة للهاتف النقال في أيامنا هذه خصوصا ونحن في عصر السرعة لكن المخيف في الأمر هو السلبيات الموجودة فيه. وفي هذا الشأن ورغبتنا منا في توضيح الأضرار الناجمة عن هذا الاستعمال المفرط ولتنوير عقول المواطنين وخاصة منهم الشباب من هذا الاستعمال العشوائي لهذه السماعات من خلال تحويل هذه الوسيلة من إيجابية إلى سلبية، وبالرغم من التحذيرات الطبية من الإدمان على استعمال سماعات الهاتف النقال من الناحية الصحية الاجتماعية غير أننا نلاحظ أن استعمالها السلبي يتضاعف يوما بعد يوم دون أدنى مبالاة من مستعمليها وفي غير موضعها، كما أن هذه التكنولوجيا تجعل مستعملها ينطوي على نفسه وتولد لديه نوعا من العزلة وهو ما نلاحظه بالاستمرار في وسائل النقل وأماكن العمل فالكثيرون يفضلون الابتعاد عن العالم المحيط بهم. ومن خلال خرجتنا الاستطلاعية التي قادتنا إلى أحد شوارع العاصمة من أجل التعرف عن آراء المواطنين الذين أبدو انزعاجهم من الظاهرة التي باتت تطبع شوارعنا، وقد كان لنا ذلك مع أحد الشباب الذي أعطى رأيه حول الموضوع، حيث كان من الرافضين لفكرة وضع السماعات في الأذن والمشي بها في الطرقات، حيث أبدى استغرابه كثيرا لأمر هؤلاء الذين باتوا يعلقون تلك السماعات في كل الأماكن ويستعملونها لغير موضعها الحقيقي وإنما لأغراض أخرى كالاستماع للراديو ...الخ من الأمور الأخرى غير الضرورية. يحدث هذا في الوقت الذي أبدى آخرون رأيا معاكسا تماما وذلك بعدم قدرتهم على الاستغناء على هذه السماعات، ومنهم نجد عصام الذي عبر لنا عن رأيه بقوله: (لا يمكنني الاستغناء عن سماعات الهاتف فهي تساعدني في تمضية الوقت والابتعاد عن الضوضاء في الشارع وفي وسائل النقل، كما أنني أصبحت مدمنا عليها دون أن أشعر بذلك، حيث أصبحت أستعملها في أوقات الدراسة والعمل على حد سواء)، (نبيلة) طالبة جامعية بجامعة الجزائر، حيث تقول: (أعتبر السماعات من الأشياء المهمة التي أحرص على عدم نسيانها مثلها مثل أي مستلزم دراسي، فالسماعات تجعلني أستمتع بالأغاني المفضلة لدي في كل مكان وفي كل وقت وذلك دون إزعاج الآخرين بالرغم من معرفتي للأخطار الصحية على السمع). وفي نفس السياق يحذر العديد من الأطباء المتخصصين من الاستعمال المفرط للكتمان، فإدمان بعض الشباب والشابات على سماعات الهواتف النقالة يهدد حياتهم الصحية، وعليه يؤكد الدكتور (محمد كراز) طبيب مختص في أمراض الأنف والحنجرة بقوله: (أن الاستعمال المفرط للكتمان يؤدي بصاحبه إلى نقص في حاسة السمع شيئا فشيئا إلى أن يفقدها تماما لأن الاستماع بشكل دائما للموسيقى يسبب ضررا في الخلايا الشعرية للأذن الخارجية، كما أن الاستماع إلى الأصوات الصاخبة يؤدي إلى إحداث اضطرابات سمعية دائمة في المستقبل، بالإضافة إلى الإصابة بالاضطرابات على مستوى الدماغ والتي تجعل من الشخص الذي يستعملها قليل التركيز بالإضافة إلى الألم في الرأس الناتجة عن الاستماع المفرط للموسيقى الصاخبة (وخلال تواجدنا بعيادة (الدكتور كراز) التقينا بالآنسة (ليندة) وسألناها عن رأيها في الموضوع حيث قالت لنا إنها تستعمل سماعات الأذن بكثرة خاصة عند استعمالها للنقل في طريق الذهاب أو العودة إلى المنزل حتى تقتل الوقت أمام كثرة الازدحام، غير أن هذا الأمر انعكس عليها بالسلب مما جعلها تراجع الطبيب بين الحين والآخر بعد الضرر الذي ألحقته بحاسة السمع لديها).