انتقل إلى رحمة اللّه تعالى صبيحة أمس السبت المجاهد سيد أحمد بن علي، الوجه الثوري البارز ومهندس مظاهرات الحادي عشر ديسمبر 1960 التي أكّدت لفرنسا أن جذوة الثورة لم تنطفئ بعد. وشاء اللّه والجزائر تحتفل بخمسينية استقلالها أن يرحل سيد أحمد بن علي عن عمر تجاوز ال 82 سنة، قبل شهر من إحياء الذكرى ال 52 لمظاهرات الحادي عشر ديسمبر التي لعب فيها الرّاحل دورا محوريا. حسب مصادر قريبة من عائلة فقيد الجزائر، فإن الرّاحل بن علي كان في صحّة طيّبة، لذلك فقد شكّلت وفاته المفاجئة صدمة لكلّ المقرّبين منه الذين يشهدون بأنه كان أبا حنونا وأخا مرهف الإحساس لا يتردّد في مدّ يد المساعدة لمن يحتاجها، علما بأن الرجل كان قد وضع أمواله تحت تصرّف جبهة التحرير الوطني خلال ثورة نوفمبر المجيدة. الفقيد بن علي الذي ووري جثمانه الثرى ظهيرة السبت بمقبرة العالية، شرق العاصمة، من مواليد 26 فيفري 1930 بالبليدة، من عائلة فقيرة معدمة، اشتغل في بيع (الكاوكاو) وتلميع أحذية المعمّّرين وهو طفل، انضم إلى الكشافة الإسلامية في سنّ مبكّرة وانخرط في العمل السرّي المنظم وهو لم يتجاوز الخامسة عشر من عمره. وبعد أن اشترى له والده محلاّ وسط مدينة البليدة تغيّرت حياة بن علي، فتحوّل تدريجيا من فقير معدم إلى ثري لم يتردّد بعد اندلاع الثورة في وضع ماله تحت تصرّف المجاهدين الذين أصبح واحدا منهم. ومع مطلع ستينيات القرن الماضي كان الجيش الاستعماري قد شدّد الخناق على المجاهدين وكثّف من عمليات الإبادة في حقّ الجزائريين، وتوهّم قادته أن جذوة الثورة الجزائرية على وشك الانطفاء واعتقدوا أنهم نجحوا في إحداث قطيعة بين جيش وجبهة التحرير الوطني وبين عموم أفراد الشعب الجزائري. وكان لابد من عمل كبير يردّ على تلك الأوهام الفرنسية، فجاءت مظاهرات 11 ديسمبر 1960 التي أثبتت أن ثورة التحرير مستمرّة، وأن الشعب الجزائري متمسّك بحقّه في الاستقلال، ويكفي الفقيد بن علي شرفا أنه كان مهندسا لتلك المظاهرات التاريخية. للإشارة، فإن النّادي الإعلامي لأصدقاء رئيس الجمهورية قام السنة الماضية بتكريم المجاهد الرّاحل سيد أحمد بن علي في ندوة تاريخية ذرف خلالها مهندس مظاهرات 11 ديسمبر الدموع وهو يروي بعض الأحداث التي عايشها. رحم اللّه الفقيد وأسكنه فسيح جنّاته، وألهم أهله وذويه جميل الصبر والسلوان.