يتواجد دون فريق.. رشيد بلحوت: "لا مستقبل للكرة الجزائرية دون قاعدة شبّانية" * "تركت فريق مولودية العلمة بالتراضي" * "لن أرفض أيّ عرض يأتيني من الجزائر" * "حليلوزيتش مطالب بتدارك الكثير من النقائص الموجودة في المنتخب الوطني قبل المواجهات المقبلة" * "انتظرت أكثر من مرّة تعييني ولو مدرّبا لإحدى الفئات الشبّانية في الجزائر" * "آخر موسم لي كلاعب كان في 76/77 مع فريق فيرتون البلجيكي" يبدو أن لعنة الإقالات ما تزال تطارد المدرّب الجزائري رشيد بلحوت، فما إن ينتقل إلى فريق جديد حتى يجد نفسه في بحر من المشاكل، فتارة يرغم على الاستقالة وتارة أخرى تتمّ إقالته وهو ما حدث له مؤخّرا في فريق مولودية العلمة. فحتى إن اختلفت الرواية إن كانت إقالة أم استقالة، إلاّ أن الأكيد هو أن بلحوت حاليا يتواجد دون فريق. حاوره: بن عبد القادر بلحوت فتح لنا قلبه في هذا الحوار وردّ على جميع أسئلتنا، وممّا قاله لنا العائد إلى أرض الوطن من تونس بعد قيادته لنادي أولمبي الكاف إلى انتزاع كأس تونس السنة ما قبل الماضية: (لا مستقبل للكرة الجزائرية دون قاعدة شبانيّة صلبة). لكن قبل أن نتعرّف على كلّ هذا، دعونا نعرف رأي بلحوت في الفوز الذي حقّقه منتخبنا الوطني مؤخّرا على حساب البينين وراية في مشاركة المنتخب الوطني في كأس أمم إفريقيا لأقلّ من 20 سنة التي توّج بها المنتخب المصري. * بداية كيف أين هو رشيد بلحوت؟ ** أنا أتواجد بتونس منذ مغادرتي لفريق مولودية العلمة قبل شهر من الآن. * على ذكر مولودية العلمة رحيلك من تدريب هذا الأخير هل هي إقالة أم استقالة؟ ** الاثنين معا، حيث تركت فريق مولودية العلمة بالتراضي، فبعد أن ساءت العلاقة بيني وبين إدارة النادي بسبب التصرّف اللاّ رياضي للكثير من لاعبي الفريق لعدم نضجهم في عالم الاحتراف، لم تعجب الإدارة الطريقة التي اتّخذتها ضدهم، فحين وصلت الأمور إلى نقطة اللاّ تلاقي كان من البديهي أن نتّخذ قرارا بترك النّادي، في وقت كانت فيه إدارة النّادي تهيّئ لإقالتي فسبقت قرارها. * بعد إقالتك من تدريب مولودية العلمة، هل توصّلت بعرض من أندية جزائرية؟ ** صراحة لا، لم أتلقّ أيّ عرض. * ومن تونس؟ ** تلقّيت العديد من العروض وأنا بصدد اختيار الأحسن منها، وقد أتولّى منصب الإدارة الفنّية في فريق النّادي الإفريقي. * هل تقبل أيّ عرض توصّل به من نادي جزائري؟ ** مهنتي هي التدريب، فلماذا أرفض العروض القادمة من الجزائر إذا كان العرض مُهمّا ومن نادي محترم؟ * الآن وقد عدت من جديد إلى تونس، ما هي الأشياء التي تحزّ في نفسك كثيرا؟ ** الطريقة التي عوملت بها من طرف بعض الأشخاص، كما تحزّ في نفسي كثيرا نظرة الاتحادية إليّ كمدرّب، حيث انتظرت أكثر من مرّة التفاتة من طرف (الفاف) لتعييني مدرّبا على أحد الأصناف الشبّانية أو مدرّبا لمنتخب المحلّيين أو منحي منصبا في الإدارة التقنية في الاتحادية، لكن هذا لم يحدث. * هل تابعت مباراة المنتخب الجزائري الأخيرة أمام البينين؟ ** أكيد تابعت المباراة، وبالرغم من الفوز المحقّق إلاّ أن هناك الكثير من النقائص يجب على المدرّب حليلوزيتش تداركها قبل المواجهات المقبلة وإلاّ فلا أمل في تأهّل المنتخب الجزائري إلى الدور الموالي، خاصّة وأن المنتخب الوطني سيخوض مباراتين خارج الديار أمام البينين وأمام رواندا، في وقت سيلعب فيه المنتخب المالي مواجهتين في ملعبه، إذن لا مجال للتعثّر. * كيف تقيّم مشاركة المنتخب الوطني في كأس أمم إفريقيا لأقلّ من 20 سنة؟ ** النتائج المتحصّل عليها تدلّ على مدى ضعف المنتخب الوطني، بل مدى ضعف السياسة المطبّقة اتجاه الفئات الشبّانية، وإذا بقيت الأمور على ما هي عليه الآن فلا مستقبل للمنتخب الوطني، بل لا مستقبل للكرة الجزائرية على اعتبار أن عماد المنتخب الأوّل مستقبلا هم اللاّعبون الشبّان الحاليون. * ما هي قصّتك مع كرة القدم؟ ** قصّتي مع كرة القدم حميمة جدّا وتتميّز بالصداقة والاحترام، أعشقها وتعشقني منذ الطفولة، وبدايتي معها كانت من الشارع مع الصبيان مثلي ثمّ تبلورت وكبرت إلى ما هي عليه الآن. * هل يمكن أن تعرّفنا على جانب من طفولتك خارج الإطار الرياضي؟ ** لا مانع، أتذكّر حين كان عمري قرابة 10 سنوات عشت مع عائلتي والجالية الجزائرية المقيمة بالمهجر خاصّة في فرنسا، حيث عشنا مرحلة جدّ صعبة بسبب العنصرية، كنا نتلقّى أسوأ المعاملات وكان الفرنسيون ينادوننا باسم (الفلاّفة) بدلا من الجزائريين أو بأسمائنا العائلية، وهو ما جعل حبّي يزداد لوطني الجزائر. * على ذكر المرحلة الاستعمارية، كيف تعايش بلحوت الشابّ مع هذه الوضعية؟ ** ككلّ جزائري غيور على وطنه وانتمائه كنت دائما أبحث وأتابع وأتفاعل مع الأحداث الجارية في الجزائر عن طريق الأهل والأقارب والأصدقاء، وكنت أبحث عن طريقة أساعد بها الثورة الجزائرية بالرغم من صغر سنّي. * كم كان عمرك إبّان الثورة التحريرية؟ ** 14 سنة. * وهل شاركت في الثورة؟ ** نعم شاركت في الثورة التحريرية وأفتخر بما قدّمته لبلدي رغم صغر سنّي، فهو واجب منّي، حيث كلّفت من طرف المجاهدين بجمع الأموال لجبهة التحرير الوطني خدمة للثورة الجزائرية رفقة 3 من أفراد عائلتي، ولسوء حظّنا اكتشف أمرنا بعد ذلك وقامت السلطات العسكرية الفرنسية بسجن من كانوا معي وإخلاء سبيلي لصغر سنّي، ورغم ذلك واصلت عملي كمحاسب مالي ضمن مجموعة من أصدقائي وأشخاص جزائريين آخرين كانوا في المنطقة واستطعنا جلب أموال كثيرة دعّمنا بها الثورة التحريرية، وما قمنا به ما هو إلاّ واجب. * كيف كنت بعد الاستقلال من الجانب الرياضي؟ ** بدايتي مع الرياضة كانت كلاعب ثمّ تحوّلت إلى التدريب بعد اكتساب خبرة الميادين وتقنيات التكوين. * لكنك لم تحدّثنا عن بدايتك الرياضية كلاعب... ** بدايتي الرياضية كلاعب كانت من فرنسا مع الفريق صغير اسمه (موميدي)، وكنت في عدّة مناسبات مجبرا على الشغل والعمل الشاقّ خارج أوقات التدريبات وهذا ببيع بعض قطع الغيار المستعملة والملابس القديمة (الشيفون) حتى أوفّر النقود الكافية للتنقّل عبر القطار. حيث كنت كلّ يوم أحد على الساعة السادسة صباحا أقطع مسافة 4 كلم مشيا على الأقدام إلى غاية محطة القطار ومن ثَمّ أتنقّل إلى مدينة (موغيون) على بعد 25 كلم لإجراء المقابلة مع فريقي، وفي حدود منتصف النّهار ينصبّ تفكيري على كيفية العودة إلى البيت، خاصّة وأن أصحاب السيّارات والمركبات المتنقّلة كانوا في تلك الحقبة يرفضون التوقّف ونقل ذوي الملامح (العربية) أو (الإفريقية) ويتمّ التعرّف علينا من خلال لون البشرة السمراء أو الشعر الأسود، وهذا ما كان يدفع بي في أغلب الأوقات إلى السير وقطع مسافات تصل من 5 إلى 15 كلم، ورغم كلّ ذلك فرضت وجودي في هذا الفريق ونجحت معه، ممّا مكّنني بعد ذلك من الانضمام إلى أحد المراكز الكروية بمدينة (ديجون) ولعبت هناك في صنف الأواسط لأنتقل فيما بعد إلى الفريق البلجيكي (لوغان أغلون) في القسم الرّابع. * وماذا بعد ذلك؟ ** عدت إلى فرنسا وكانت لي اتّصالات مع فريق سودون، وبعد غياب طويل عدت مجدّدا إلى البطولة البلجيكية ولعبت كمهاجم ضمن صفوف فريق (فيرتون) من القسم الثالث لعدّة مواسم. * متى اعتزلت اللّعب؟ ** آخر موسم لي كلاعب كان في 76/77 مع فريق (فيرتون) البلجيكي. * كيف دخلت عالم التدريب وفي أيّ سنة؟ ** قبل اعتزالي الكرة كلاعب مارست مهنة التدريب في نفس الفريق (فيرتون) الذي حملت ألوانه لعدّة سنوات وأشرفت على تدريب الأشبال والأواسط، حيث حقّقت مع فريق الأشبال لموسمين متتاليين لقب بطل المقاطعة ومع الأواسط كذلك، وفي موسمين متتابعين بطلا للمقاطعة وبلغنا دور نصف النّهائي من كأس بلجيكا. * ما هو أوّل فريق أكابر أشرفت عليه؟ ** نفس الفريق الذي أنهيت فيه مسيرتي الكروية وهو نادي (فيرتون)، في البداية عملت كمساعد مدرّب وهذا في 1977، وهي السنة التي حصلت فيها على شهادة تدريب من المدرسة البلجيكية لتكوين المدرّبين (هايسل)، وبعد 3 سنوات أخرى من التكوين نلت وبامتياز دبلوم التدريب. وفي موسم 1979/1980 أشرفت على العارضة الفنّية لمدّة 3 مواسم كاملة كمدرّب رئيسي للفريق الأوّل (فيرتون) الذي كان ينشط في القسم الثالث وفزنا خلالها مرّة واحدة بكأس المقاطعة، ثمّ تنقّلت إلى تدريب فريق شباب (أغلون) وفي الموسم الأوّل تحصّلنا على لقب بطل المقاطعة وفي الموسم الثاني صعدنا إلى القسم الثالث. وبعد الموسم الثالث غيّرت الأجواء ودرّبت لمدّة 3 سنوات متتالية فريق (آيشن) في القسم الأوّل (لوكسمبورغ)، ثمّ أشرفت لموسمين آخرين على فريق (راد-بويز ديفاردونج) في نفس القسم لأعود من جديد إلى فريق (فيرتون) لموسمين كاملين تحصّلت من خلالهما مرّة على الكأس الثانية للفريق ومرّة أخرى نشّطنا النّهائي. وبعد ذلك عيّنت على رأس العارضة الفنّية لفريق (باستون) لموسمين ونلت معه كأس المقاطعة، ثمّ عدت إلى فريقي الأوّل (فيرتون) الذي سقط إلى القسم الرّابع، وخلال ثلاثة مواسم حقّقت معه لقب بطل المقاطعة والصعود إلى القسم الثالث وأحرزنا كذلك كأس أحسن هجوم لكلّ الأقسام الوطنية وكأس المقاطعة. * متى بدأت تجربتك كمدرّب في فرنسا؟ ** عام 1998مع فريق (لونقوي دي آش) لموسمين وتحصّلت خلاهما على أحسن ترتيب للفريق، بعدها رجعت إلى لوكسمبورغ حيث قضيت موسما واحدا مع فريق (ويلتز) في القسم الأوّل، ثمّ عدت من جديد إلى فريق (لوغان أغلون) في القسم الرّابع وعلى مدار موسمين نشّطنا مرّة واحدة نهائي كأس المقاطعة. وخلال الموسمين الآخرين درّبت فريق (تحاد لوكسمبورغ) في القسم الأوّل وتأهّلنا مرّتين للّعب على لقب (بلاي-أوف) حيث فزنا به مرّة واحدة، بالإضافة إلى ذلك تأهّلنا مرّتين ولعبنا كأس الإنتر توتو الذي حقّقت معه لموسمين متتاليين البطولة وكأس الملك، أمّا مع الفريق الأوّل فقد تمّ إقصاؤنا في الدور نصف النّهائي من كأس (لوكسمبورغ)، وخلال موسمي 2003 / 2004 و2004 / 2005 كانت محطتي الأخيرة في التدريب بأوروبا مع فريقي الأوّل (فيرتون) البلجيكي ضمن حظيرة القسم الثاني. * مسيرة طويلة مع النوادي حافلة الإنجازات، أليس كذلك؟ ** ببساطة لا.. إنني أحّب مهنة التدريب وأحبّ الكرة فأنا أعشقها إلى درجة لا تتصوّر. * كلّ هذه السنوات الطويلة في المهجر هي أحسن ذكرياتك كلاعب... ** هناك ذكريات وإنجازات كثيرة جميلة بقيت عالقة في ذهني إلى يومنا هذا ولا يمكنني نسيانها أبدا، ولعلّ أجملها ذلك الاعتراف والتتويج كأحسن مدافع أيسر للقرن الماضي على مستوى مقاطعة (لوكسمبورغ) البلجيكية. * وأحسن ذكرياتك كمدرّب... ** جميع الألقاب التي نلتها مع الفرق التي أشرفت عليها. * ماذا تقول لنا في ختام حديثنا هذا؟ ** شكرا لكم على هطه الالتفاتة التي تأتيني دائما من جريدة (أخبار اليوم) الجزائرية وأتمنّى لكم كلّ التوفيق والنّجاح.