بقلم: بسام البدارين الاسترخاء بقصد تحصيل جزء من متعة رمضانية أمام برنامج كوميدي من طراز (رامز توت عنخ أمون) يعني الاستمتاع بغزو فريد ومدهش من الدعايات المتلفزة على الطريقة المصرية. العدد يدفعك لشتم المحطة وأصحابها ومخرجها وكل من ينتهك أوقاتنا الجميلة ليقدم لنا وصلة إعلانية بعنوان (مفيش بقر بعد كده) وهي وصلة تتحدث عن أحد أنواع الحليب بعد تجديد شكل العبوة بدون رسمة البقرة السخيفة الصغيرة. دققت لنصف ساعة بالوصلات الإعلانية التي تبثها بين البرامج فضائية الحياة المصرية فاكتشفت المفارقات اللطيفة التي تنتج عن مبالغات ضخمة بخفة الدم يسعى خلالها المعلن لإدهاشنا كمستهلكين للبضاعة أو المنتج بأي طريقة وأي ثمن. حجم مشاهد الحب والوئام والتعاون والوحدة الوطنية والوقوف معا الذي تعكسه وصلات الدعاية المصرية عند عرضها أحد أنواع الشيبس أو معجون الأسنان أو مبيض الغسيل يفيض عن حاجة الشعب المصري ويضللك عندما يوحي بأن مصر في حالة مثالية، وكأن الميادين لا تتعطل بالمليونيات والشعب لا يختلف على كل شيء ابتداء من الرئيس محمد مرسي مرورا بمفردة (شرعية). وعليه لو كانت مصر اليوم كما تظهر في وصلات الدعاية المخصصة لمشروب الاسترجال أو سمنة الغذاء البلدية أو مشاريع الإسكان لكنا جميعا بخير وتجاهلنا مقالب رامز الكوميدية وهو يحاول دفن محمد هنيدي في مقبرة فرعونية باردة. القصف بأباريق الوضوء ما هي قصة العلاقة بين الأخوان المسلمين والأدوات الصحية؟.. محطة المحور عرضت لقطات تظهر أخونجية مفترضين وهم يقذفون بعض الأدوات الصحية من أعلى سطح إحدى البنايات. لا يوجد دليل من أي نوع على أن كتيبة الأدوات الصحية تلك تنتمي لجماعة الأخوان وفي اللقطات رصدت مغسلة مكسرة بدون حنفية ومقعدة مخصصة لدورات المياه تنهال على الأرض. قبل ذلك وأمام مايكروفونات أكثر من عشرين محطة فضائية واحدة فقط لفتت نظري لأن اسمها اليقين صرح الناطق الرسمي باسم الجيش المصري العقيد أحمد علي بأن عملية إطلاق النار على بوابة الحرس الجمهوري حصلت بعد قصف القوات بالخرطوش والحجارة والأدوات الصحية الضخمة. لاحظوا كيف استخدم العقيد مفردة (قصف) وهو يتحدث عن الأدوات الصحية كسلاح. يمكنكم بطبيعة الحال أن لا تلاحظوا لكن عندما هاجم بعض أبناء بلدي في مدينة المفرق شرقي المملكة مقر الأخوان المسلمين وأحرقوه رأيت على شريط الجزيرة كيف سرقت الأدوات الصحية وأباريق وصنابير المياه من المقر الأخواني وكيف خرج على الشاشة أحد السذج ليخبرنا بضبط رايات حزب الله داخل المقر. يبدو لي أن الأدوات الصحية التي يستخدمها الأخوان المسلمين للوضوء والطهارة تثير حساسية خصومهم في كل مكان بدليل أن الأمن المصري تقصد الإشارة لأدوات الوضوء باعتبارها أسلحة فتاكة تستخدم لقصف كوماندوز الحرس الجمهوري. هذه قراءة مضحكة وتثير السخرية فالأدوات الصحية تلقى ولا يقصف بها ولا أتصور أن جيشا مدربا في الدنيا يمكنه أن يستخدم النار بكثافة وعشوائية وتحديدا بين عيني المصلين وعلى رؤوسهم لأنه يخشى القصف بالأدوات الصحية.. هذه إهانة للمؤسسات العسكرية العربية التي تخشى أباريق الوضوء الخاصة بالإسلاميين. لاحقا يمكن أن يخرج لنا أحد الناطقين ليتحدث عن استخدام الأخوان لسجادات صلاة مسممة بسلاح جرثومي مما يبرر استخدام المدفعية في الميادين التي يتجمع فيها الإسلاميون. إصابة دبابة برأس إخواني لذلك فقط أضحكتني النكتة التي راجت بكثافة على صفحات التواصل الاجتماعي في الأردن وتقول نقلا عن محطة العربية: إصابة دبابة بجروح بعدما دهسها إخواني إرهابي. .. تلك بطبيعة الحال نكتة تنطوي على مبالغة كوميدية تعكس مستوى ملاحظة الناس للفارق بين تغطية العربية وغيرها لما يحصل في مصر وهي تغطية تتماثل تماما مع تغطية تلفزيون الحكومة الأردنية الذي وصف تجمع نحو مليون مصري في ميدان رابعة العدوية بالشكل التالي: تجمع آلاف من المؤيدين لمرسي على بوابة أحد مساجد القاهرة. تلفزيون الأردن مؤهل للحصول على لقب (النائم الأبدي) بامتياز وأحد أصحابنا من كبار المحامين لا يفارق الإحساس العام وهو يتوجه للخالق الكريم جلت قدرته بالدعاء التالي: اللهم نسألك صاعقة تضرب كل إمكانات البث في تلفزيون الوطن. طبعا المقصود الإطاحة بالبرامج الرديئة والأخبار السطحية دون المساس بالمبنى والمقرات لصعوبة الأحوال المادية- ودون أي أذى للأحبة من الزملاء الذين يحترقون مثلنا تماما وهم يشاهدون محطتهم اليتيمة خارج التغطية تماما.