أمهل الاتحاد العام التونسي للشغل -الذي يُعد أكبر منظمة نقابية في تونس- الحكومة التي يقودها علي العريض أسبوعا واحدا للوصول إلى اتفاق بتشكيل حكومة كفاءات جديدة، معلنا أنه سيكون "مضطرا لدراسة" خيارات أخرى إذا ما فشل هذا الخيار، وسط تمسك حركة النهضة بالعريّض رئيسا وإصرار أطياف المعارضة على حل المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان). وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه البلاد أزمة سياسية منذ اغتيال المعارض محمد البراهمي الأسبوع الماضي، أججها مقتل ثمانية عسكريين على يد مسلحين مجهولين. وقال بوعلي مباركي نائب زعيم الاتحاد لقناة نسمة التلفزيونية إن الاتحاد سيواصل إجراء محادثات، وإذا لم تتم الاستجابة لمطالبه بتغيير الحكومة وتنفيذ إطار زمني للمجلس التأسيسي، فإنه عندئذ سيدرس خيارات أخرى. وقد قدّم الاتحاد العام للشغل -الذي يُنظر إليه على أنه أكثر قربا من المعارضة- حلا وسطا يتضمن تشكيل حكومة كفاءات جديدة، لكنه يبقي على المجلس التأسيسي، مع تسريع الإطار الزمني للانتهاء من صياغة الدستور وقوانين الانتخابات الجديدة في البلاد. وأوضح الاتحاد أن حكومة "الكفاءات" يجب أن تكون محدودة العدد، رئيسها وأعضاؤها مستقلون ويلتزمون بعدم الترشح للاستحقاقات الانتخابية القادمة، مطالبا "بمراجعة كل التعيينات" الإدارية التي باشرتها النهضة، وبحل "رابطات حماية الثورة"، وبتحييد المساجد والمؤسسات التعليمية عن التوظيف السياسي والحزبي. ويحاول الاتحاد -الذي يضم في عضويته 600 ألف عامل- التوسط بين الأطراف الحاكمة بقيادة حركة النهضة الإسلامية والمعارضة العلمانية التي تطالب بتغيير الحكومة وحل المجلس التأسيسي الانتقالي الذي أمامه أسابيع فقط للانتهاء من وضع مشروع دستور جديد للبلاد. وكانت الحكومة قد أجرت مشاورات أول أمس الخميس مع المنظمة النقابية لإيجاد مخرج للأزمة السياسية التي تهز تونس، وقال وزير الشؤون الاجتماعية خليل الزاوية إن رئيس الحكومة علي العريض أجرى "لقاء مطولا" مع وفد من المركزية النقابية يقوده الأمين العام لاتحاد الشغل حسين العباسي "لبحث الحلول للخروج من الوضع المتأزم ومواجهة الإرهاب". في المقابل تصر حركة النهضة على "التمسك بالعريض رئيسا للحكومة"، حيث قال زعيم الحركة التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم راشد الغنوشي إنه يرفض مطالب المعارضة بتعيين شخصية مستقلة في منصب رئيس الوزراء، مؤكدا تمسك الحركة بالعريض. وقال الغنوشي للصحفيين عقب لقاء مع الرئيس المؤقت منصف المرزوقي "نحن منفتحون على توافقات جديدة ومتمسكون بعلي العريض رئيسا للحكومة". يأتي ذلك بعد تصريح سابق للحركة أعلنت فيه انفتاحها على حكومة وحدة وطنية للمساعدة في الخروج من الوضع الراهن. في هذه الأثناء يواصل أنصار الحكومة ومعارضوها دعواتهم للاحتشاد في ساحة باردو أمام مقر المجلس التأسيسي دفاعا عن مطالبهم التي تعكس حالة الانقسام في البلاد. وذكرت وكالة رويترز أن الطرفين دعوَا إلى مسيرات "مليونية" في عطلة نهاية الأسبوع، بينما أعرب النواب المنسحبون من المجلس التأسيسي عن إصرارهم على حل المجلس ودعوة خبراء لتعديل مشروع الدستور الجديد. الجيش التونسي يشتبك مع مسلحين من جانب آخر قال مصدر عسكري تونسي إن معارك اندلعت ليل الخميس إلى الجمعة بين الجيش التونسي ومجموعة مسلحة بالقرب من الحدود الجزائرية. تأتي هذه المعارك بعد ثلاثة أيام من مقتل ثمانية جنود برصاص مسلحين في المنطقة ذاتها، في واحد من أكثر الهجمات دموية على قوات الأمن التونسية. وقال المصدر إن المعارك جارية وتمت محاصرة المسلحين، موضحا أن المواجهات تدور في منطقة تبعد 16 كلم عن القصرين بالقرب من جبل الشعانبي، حيث تتم ملاحقة مجموعة متصلة بتنظيم القاعدة منذ ديسمبر الماضي. وأضاف "إما أن يستسلموا وإما أن يلقوا حتفهم". من جهتها أفادت إذاعة "موزاييك أف أم" الخاصة أن المعارك تدور قرب منطقة "بئر ولد نصر الله"، بينما أكدت قناة نسمة التلفزيونية الخاصة تواصل المعارك. وكانت مجموعة مسلحة قتلت الاثنين الماضي ثمانية عسكريين تونسيين في كمين في جبل الشعانبي واستولت على أسلحتهم ولباسهم العسكري ومؤونتهم الغذائية بعدما ذبحت خمسة منهم، بحسب ما نقل التلفزيون الرسمي عن مصدر قضائي. وفور وقوع العملية بدأ الجيش التونسي عمليات تمشيط في المنطقة.