من العجيب أن تثير محاكمة شخصين بتهمة انتهاك حرمة شهر رمضان الكريم ضجة كبرى، سواء في المنطقة التي يقال أنه قد تم ضبط الشابين فيها بالجرم المشهود ويبقى المتهمان بريئان حتى تثبت إدانتهما أو على بعض المنابر الإعلامية التي نصبت نفسها مدافعا عن الحريات الشخصية وحرية المعتقد، فنحن في الجزائر المسلمة ولسنا في فرنسا العلمانية، ولذلك فإن تلك الضجة غير مبررة على الإطلاق، خصوصا أن الأمر يتعلق بتطبيق القانون وليس بشيء آخر، فالمعنيين متهمان بالأكل جهارا في نهار رمضان، وإذا ثبتت عليهما التهمة فهما يستحقان العقاب وفقا لمنصوص القانون، وإن لم تثبت أو لم تكف الأدلة، أو تبين أنهما لم يأكلا جهرة والناس ينظرون، فنحن على ثقة بأن العدالة الجزائرية لن تتعسف في حقهما وستقرر الإفراج عنهما على الفور.. فلماذا كل هذه الجعجعة التي بلغت بأحدهم درجة رسم كاريكاتور في صحيفة وطنية تصدر بالجزائر، يزعم فيه تعرض المسيحيين في الجزائريين "للصلب" والاضطهاد، وهو ما لم تجرؤ على ادعائه حتى المنظمات الحقوقية الدولية المعروفة ب"تخلاطها" ومعاداتها للجزائر.. وإذا كان المعنيات بالأمر قد قالا بأنهما ليسا مسلمين، وأنهما يدينيان بالمسيحية، وهو أمر لا يغير من مسار القضية شيئا، فإن ذلك لا يُسقط عنهما التهمة ويجعلهما ضحية للتضييق على الحريات الشخصية والدينية مثلما تحاول بعض الأوساط المعروفة بتخندقها في الصف التغريبي تصويره. ما ينبغي أن يدركه الرأي العام المحلي والوطني وحتى العالمي هو أن القانون الجزائري لا يعاقب على الإفطار في رمضان، وإلا كان المرضى والمسافرون الذين يفطرون برخصة شرعية عرضة لتحقيقات قضائية دائمة، وإنما يعاقب على المجاهرة بالإفطار ففي رمضان، وشتان بين المسألتين، فالصوم بين العبد وربه، والإفطار في رمضان بدون مبرر شرعي معصية كبيرة يعاقب عليها الله وحده، ولكن المجاهرة بالإفطار علنا تعد إخلالا حقيقيا بالنظام العام والآداب العامة، وهو ما يعاقب عليه القانون الجزائري، وعلى الذين يحلمون باستنساخ النموذج الفرنسي في بلادنا لتمكينهم من الإفطار جهارا أن يدركوا استحالة تحقيق حلمهم هذا، فالجزائر لم ولن تكون ولا تريد أن تكون فرنسا..!