حذر رئيس مصلحة أمراض القلب بالمؤسسة الإستشفائية الجامعية نفيسة حمود (بارني سابقا) الأستاذ جمال نيبوش، من الإرتفاع (المذهل) في الإصابة بالجلطة القلبية بالجزائر خلال السنوات الخيرة، وأكد الأستاذ نيبوش عشية الاحتفاء باليوم العالمي للقلب الذي يصادف 26 سبتمبر واستنادا إلى دراسة تم إنجازها ب11 مؤسسة استشفائية جامعية أثبتت أن ارتفاع معدل الإصابة بالجلطة القلبية قد بلغ نسبة 100 بالمائة من شغل الأسرة بهذه المؤسسات. وأرجع نفس المختص هذا الارتفاع (المذهل) للجلطة القلبية إلى تصلب شرايين القلب التي تتطور منذ الولادة وتتعقد عند سن البلوغ، كما تساهم عدة عوامل في زيادة تعقيدها على غرار التدخين وارتفاع ضغط الدم الشرياني والكوليستيرول وداء السكري والقلق، بالإضافة إلى عوامل جينية. ودعا بالمناسبة إلى تعزيز الوقاية من خلال تشجيع ممارسة النشاط الرياضي وإرساء قواعد غذائية سليمة خالية من الدهون والسكريات والتخفيض من استهلاك السكريات. وللتصدي لأمراض القلب والشرايين التي تبقى العامل الرئيسي المؤدي إلى الوفيات بالجزائر، حث نفس المختص على تعزيز الوقاية القاعدية ابتداء من المدرسة. كما دعا السلطات العمومية إلى حماية المستهلك و وضع حد للانتشار (الخطير) لمحلات الشواء والأكلات السريعة الذي غالبا ما تكون غنية بالدهون المضرة بالصحة ومراقبة نسبة السكر بالمشروبات. وأكد الأستاذ نيبوش في نفس الإطار، على المراقبة المستمرة للمصابين بارتفاع ضغط الدم الشرياني لأنها تساهم بشكل كبيرة -كما أضاف- في الوقاية من أمراض القلب والشرايين. وذكر على سبيل المثال استنادا إلى دراسة أنجزت حول مراقبة استقرار ارتفاع ضغط الدم الشرياني بالجزائر، أن 25 بالمائة من المصابين بهذا الداء فقط استفادوا من هذه المراقبة معبرا عن قلقه لبقية النسبة المعرضة للإصابة بأمراض القلب والشرايين. وأشار الأستاذ نيبوش في نفس الصدد، إلى التجربة الناجحة التي خاضتها الدول المتقدمة في التكفل بالجلطة القلبية هذا المرض (الخطير جدا) ياعتباره يستدعي التدخل السريع لتخلص الوريد من الانسداد الذي تعرض له. ويتطلب التدخل السريع استعمال وسائل ضخمة مثل النقل الطبي المستعجل و وحدات علاج مركز متخصصة في أمراض القلب التاجية والقسطرة (أنابيب دقيقة توضع في القلب لتعوض الشرايين). وعبر الأستاذ نيبوش عن أسفه لغياب هذا تنظيم وغياب ستراتيجية وطنية للوقاية والتكفل بأمراض القلب والشرايين بالجزائر مما أدى إلى ارتفاع نسبة الوفيات الناجمة عنها. ووصف نفس المختص أمراض القلب والشرايين بالأمراض التي تتطور بصمت ولا يمكن الكشف عنها إلا بعد تعقيدها، مؤكدا أنه (رغم فعالية العلاج) إلا أن الوفيات الناجمة عنها تبقى (مرتفعة جدا). وبخصوص التكوين الطبي، أكد الأستاذ نيبوش على ضرورة دعمه بتكوين متواصل موضحا بأن هذا الأخير لازال (لم يرق) بعد إلى المستوى المطلوب، داعيا إلى ضرورة خضوع التكوين الموجه بالدرجة الأولى إلى الطبيب العام إلى تنظيم وتخطيط وتقييم مستمر. كما يجب أن يرتكز التكوين خاصة على الوقاية مثل الكشف عن الأمراض الأكثر انتشارا أو تلك التي تتسبب في أعلى نسبة من الوفيات. مختصون ينددون بتحويل المرضى إلى القطاع الخاص ندد بالعيادة المتخصصة محمد عبد الرحماني ببئر مراد رايس الأستاذ صلاح الدين بورزاق، بتحويل المرضى من القطاع العمومي الى القطاع الخاص ولاسيما في مجال جراحة القلب. وأكد الأستاذ بورزاق في حديث عشية الاحتفاء باليوم العالمي للقلب الذي يصادف ال26 سبتمبر أن القطاع العمومي أصبح (ملحقة) للقطاع الخاص، منددا بتحويل المرضى من القطاع الأول إلى الثاني. وقال في نفس المجال، إن المؤسسة التي يمارس بها تتلقى (صعوبة كبيرة) في إيجاد مرضى يخضعون لعمليات جراحية على القلب لأن المصالح المتخصصة في أمراض القلب بالقطاع العمومي تقوم (بتحويل المرضى) من هذا الأخير نحو القطاع الخاص. ويرى أنه (غالبا ما يتخلى) الممارسون في جراحة القلب بالقطاع العمومي عن مهامهم بهذه الأخيرة لفائدة العيادات الخاصة دون أن يحاسبهم أحد، مستنكرا إجراء عمليات جراحية على القلب بالقطاع الخاص وعند تعقيد حالة المرضى يتم تحويلهم إلى المؤسسات العمومية. وأشار بالمناسبة إلى تعليمة وزارة الصحة التي تقضي بعدم توجيه المصابين بأمراض القلب الذين تستدعي حالاتهم عملية جراحية إلى العيادات الخاصة قبل مرورهم بالمؤسسات العمومية، مؤكدا على أن هذه التعليمة قد تم تطبيقها لمدة معينة قبل التخلي عنها. وأكد نفس المختص في هذا الإطار، أن هذه الممارسة (تشجع) على تحويل المرضى من القطاع العمومي إلى العيادات التابعة للقطاع الخاص رغم أن الدستور الجزائري ينص على (واجب الدولة في التكفل وحماية صحة المواطن). وعبر عن أسفه لتكفل الأطباء الأجانب بالعيادات الخاصة بحالات (بسيطة) من المصابين بأمراض القلب، لاسيما أنها في متناول الأطباء المساعدين والمقيمين الجزائريين، داعيا إلى ضرورة مراقبة الطريقة التي تدفع بها رواتب هؤلاء الأطباء الأجانب وكيفية تحويلها إلى الخارج. ويرى بأن العديد من هؤلاء الأطباء (لا يعرفون مرضاهم ولا يقدمون إلى الجزائر إلا عشية إجراء العمليات الجراحية)، حيث يقوم بعضهم ب12 عملية جراحية على القلب خلال يومين أو ثلاثة، واصفا ذلك (بالمستحيل تقنيا وجراحيا). وتساءل المختص عن نسبة نجاح هذه العمليات والوفيات المترتبة عنها بهذه العيادات الخاصة. ومن جهة أخرى، أكد الأستاذ بورزاق أنه يعرف شخصيا طبيبا جراحا أجرى عمليات جراحية لأطفال مصابين بأمراض القلب الجينية (توفوا كلهم)، مشيرا إلى غياب الخبرة في هذا المجال لمتابعة هذه الممارسات. وأشار إلى أنه قد منحت شهادات لبعض الأطباء (لم يسبق أن قاموا بإجراء عملية جراحية واحدة). وفيما يتعلق بالمؤسسات الاستشفائية المتخصصة في جراحة القلب، أكد الأستاذ بورزاق على وجود ثلاثة فقط عبر القطر، وهي مؤسسة محمد عبد الرحماني التي يمارس بها، بالإضافة إلى مؤسستي محند معوش بكلار فال بالعاصمة ومؤسسة بقسنطينة، مشيرا إلى وجود أخرى على غرار المؤسسة المتخصصة لعين تموشنت ووهران ومصلحة مصطفى باشا. وتساءل الأستاذ بورزاق عن (النشاط الحقيقي) لهذه المؤسسات رغم تجهيزها ومنحها ميزانية خاصة. وعبر من جهة أخرى، عن أسفة لفتح مصالح أخرى بكل من سكيكدة وسيدي بلعباس دون تهيئة الاختصاص بهذه المناطق. وقال في نفس الإطار، إن وزارة الصحة كانت قد وضعت فيما سبق شروطا لهذه المؤسسات تجبرها على إجراء 200 عملية جراحية بكل واحدة منها سنويا، مشيرا إلى انضباط هذه المؤسسات في تقديم حصيلتها للوزارة مما يدل على سياسة وطنية في التكفل الحقيقي بالمرضى، إلا أن هذه الممارسة -حسب قوله- لم تتواصل وقد توقفت نهائيا. وبخصوص المؤسسات المتخصصة في جراحة الأطفال المصابين بتشوهات القلب الجينية، أشار الأستاذ بورزاق إلى مستشفى ذراع بن خدة بولاية تيزي وزو الذي تم تجهيزه جزئيا، مشيرا إلى وجود عراقيل شتى حالت دون فتحه إلى حد الآن لهذه المؤسسة. وفيما يخص مؤسستي عنابة ومحالمة بالجزائر العاصمة الموجهتين لنفس الغرض، فأكد المختص أنه (يجهل) مدى تقدم الدراسة وأشغال هاتين المؤسستين، ناهيك عن المعهد الوطني للقلب الذي كان مبرمجا في سنة 2005 ولم ير النور الى اليوم. وذكر من جهة أخرى، بأن جراحة القلب التي أنشئت في سنة 1988 لم تنطلق حقيقة إلا ثماني سنوات من بعد، مبديا تأسفه للإزعاج الذي يشكله هذا الاختصاص بالنسبة إلى البعض، مشيرا في نفس الوقت إلى العدد الهائل من المرضى المحولين إلى الخارج في تلك الفترة، خصوصا نحو المستشفيات الأوروبية، لاسيما الفرنسية والبلجيكية منها. القلب يقتل أكثر من 17 مليون شخص في العالم سنويا قدرت المنظمة العالمية للصحة عدد الأشخاص الذين يتوفون بسبب إصابتهم بأمراض القلب والشرايين ب3ر17 مليون شخص سنويا أي 30 بالمائة من مجموع الوفيات في العالم. وتتصدر أمراض القلب والشرايين قائمة الأمراض المؤدية إلى الوفاة في العالم بنسبة 3ر17 مليون شخص سنويا من بينها 3ر7 بالمائة تتسبب فيها أمراض القلب التاجية و2ر6 بالمائة جلطة شرايين الدماغ. وحسب إحصائيات المنظمة الأممية، فإن 80 بالمائة من هذه الوفيات تسجل بالدول ذات الدخل المتوسط أو الضعيف. وتتوقع المنظمة أن تؤدي أمراض القلب والشرايين إلى وفاة 3ر23 مليون شخص سنويا مع أفاق 2030 محتلة دائما الصدارة على قائمة الوفيات في العالم. ولا يمكن التصدي لهذه الأمراض إلا بتعزيز الوقاية ضد العوامل المتسببة فيها وفي مقدمتها التدخين والنمط الغذائي غير السليم والسمنة وارتفاع ضغط الدم الشرياني وداء السكري وتراكم الدهون بالجسم وقلة الحركة. فإن الإصابة بإرتفاع ضغط الدم الشرياني لوحدها تؤدي إلى وفاة 4ر9 مليون شخص سنويا في العالم أي 5ر16 بالمائة من مجموع الوفيات في العالم، كما تتسبب نفس الإصابة في 51 بالمائة من الوفيات الناجمة عن جلطة شرايين الدماغ و45 بالمائة عن أمراض القلب التاجية. وتنصح المنظمة العالمية للصحة الدول بخلق الظروف الصحية المناسبة التي تشجع سكانها على اتباع سلوك سليم يساهم في الوقاية من أمراض القلب والشرايين، مذكرة على سبيل المثال بأن الكف عن التدخين وتخفيض نسبة تناول الملح بالأطعمة واستهلاك الخضر والفواكه مع ممارسة نشاط رياضي منتظم والابتعاد عن تناول الكحول يساهم بشكل كبير في التخفيض من أمراض القلب والشرايين. للإشارة، تشكل أمراض القلب والشرايين مجموعة من الاضطرابات التي تصيب القلب والشرايين الدموية التي تغذي عضلة القلب والدماغ والأعضاء السفلى والعليا بالإضافة إلى العضلات وصمامات القلب. وتتسبب هذه الإضطرابات كذلك في انسداد أوردة الأعضاء السفلى من خلال تحجر الدم الذي ينتقل بعد ذلك إلى القلب والرئة.